حدود العمري..لم نتعلم الدرس

فهد الخيطان

الفيديوهات المسربة من منطقة الحجر الصحي على الحدود مع السعودية"العمري" تشي بسوء الأوضاع،لدرجة تهدد بتفشي أمراض معدية في أوساط المحجور عليهم، قد تكون أخطر من فيروس كورونا.اضافة اعلان
انعدام تام لقواعد العزل المتبعة في الفنادق حاليا. مابين عشرة إلى عشرين شخصا في غرفة واحدة. المرافق الصحية غير صحية أبدا،ونظام التغذية لايراعي أبدا القواعد السليمة، ويفتقر لإجراءات التوزيع والتخزين،خاصة في ظل ارتفاع كبير لدرجات الحرارة،وعدم توفر البرادات وأنظمة التكييف.
والأسوأ أن المعنيين هناك يضيفون يوميا سائقين جددا للموجودين دون الانتباه إن كانوا مصابين أو لايحملون الفيروس، وبسبب غياب قواعد التباعد والعزل يتشارك الجميع المسكن والمأكل ما يهدد بانتقال الفيروس من المصابين غير المكتشفين إلى سواهم من السائقين.
والطامة الكبرى أن هذا الوضع يحدث في نقطة شكلت مصدر خطر جدي للفيروس، أدت إلى معاودة تسجيل عشرات الحالات في الأردن بعد سجل نظيف صمد لأكثر من أسبوع. وإزاء هذه الحالة فمن الطبيعي أن نسجل حالات إيجابية لسائقين بعد نتائج سلبية لفحوصاتهم على الحدود بأيام.
بؤرة العمري، كانت التحدي الوحيد تقريبا أمام السلطات في الأيام الماضية بعد إقرار رسمي بانتكاسة كان سببها التراخي في اتخاذ الإجراءات الضرورية مع السائقين العائدين مناطق يتفشى فيها الفيروس المستجد.
استنفرت الحكومة وزاراتها وقدراتها لاحتواء الموقف، وتوجه فريق وزاري إلى الموقع للاشراف على تجهيز قسم للحجر الصحي، وتدقيق تدابير الفحص، وضبط الإجراءات الخاصة بالسائقين القادمين عبر الحدود.
بعد كل هذه الجهود اطمأن الجمهور على قدرة السلطات المختصة ضبط الثغرة المفتوحة للفيروس، واحتواء تداعياتها. لكن ماتداوله الأردنيون على نطاق واسع بالأمس يكشف بوضوح عن فوضى في الإجراءات، وارتجال بدون تخطيط او تنظيم وإشراف، الهدف منه إسكات الأصوات القلقة بالمسكنات دون علاج شاف للمخاطر.
نشعر بالأسف ونحن نسجل هذه الانتقادات على أداء مؤسساتنا، لأن المواجهة التي نخوضها مع الفيروس، شكلت نموذجا يحتذى وحققت إنجازات لاينكرها إلا جاحد، مكنتنا من تجاوز المرحلة الصعبة والسيطرة على انتشار الفيروس.
من البداية كانت حدودنا مع الخارج هى التحدي الأكبر، وقد استدركنا سريعا بعض الهفوات، بقرارات جريئة وصارمة،لكننا وقفنا مترددين عند الامتحان الأخير على حدود العمري، وبدا كأننا في لحظة البداية المرتبكة.
ربما يكون التأخير الناجم عن إجراءات بيروقراطية السبب في عدم تجهيز موقع الحجر مبكرا، لكن الحكومة اتخذت لاحقا وبتوجيهات ملكية صارمة خطوات سريعة لتصويب الوضع، ويفترض أنها كافية ومكتملة لتحقيق أحسن قدر ممكن من مستويات الحجر الصحي. غير أن الوقائع الموثقة لاتفيد بذلك، الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا ومساءلة فورية لمن قصر في تحقيق المهمة المطلوبة، مرفقا مع خطة سريعة لتغيير جذري في ظروف السائقين المحجور عليهم على الحدود وتوفير مسلتزمات الحياة الكريمة والحجر الصحي السليم، كي لايتحول الحجر إلى بؤرة تفشي بدلا من كونه مركزا لمكافحة انتشار الفيروس.