حراك سلمي وإشاعات غير سلمية !

رغم كل ما يشاع عن أن الحراك الشعبي في الأردن يحمل أجندات خارجية، وأن القائمين عليه، وأقصد هنا كل الأطياف المشاركة وعلى رأسها الحراك الشعبي غير "المسيس"، الذي يؤكد دوما على سلمية الحراك، وأن الأجندة التي يحملونها في جعبتهم ويقاتلون من أجلها وبكل ضراوة، هي أجندة الإصلاح السياسي والاقتصادي، ومحاربة الفساد وكف التدخلات الرسمية التي تؤثر على مستقبل الوطن، تلك التدخلات التي تحاول أن تجر الناس إلى مربع العنف رغم تأكيد الحراك في الطفيلة والكرك ومعان وذيبان وجرش على سلمية الحراك وشرعيته في النهوض بالأردن إلى مستقبل أفضل.اضافة اعلان
مر يوم الجمعة "جمعة التجديد" بسلام، وهو الأصل في طبيعة وسلمية الحراك،  فبعد مرورعام على بدايته والدعايات والإشاعات التي أطلقت من قبل أعداء الإصلاح، والتي تقول إن النية تتجه لدى الحراك للتصعيد والمواجهة، لكن مر يوم الجمعة بسلام رغم أجواء الحشد التي سبقتها، وجعلت الكثيرين يتوقعون جمعة دامية في البلاد. ما حدث يوم الجمعة يؤكد أن الذين يحاولون التصعيد في الحالة الشعبية ليس الحراك الشعبي، ولكن هنالك من يستفيد من تشويه صورة الحراك ويعتقد انه إذا ما تم جر الحراك إلى العنف والخروج من الإطار السلمي، فسوف يساهم في إنهاء الحالة الشعبية المطالبة بالإصلاح، ولكن تلك الجماعات التي تفكر بهذه الطريقة تفتقد إلى بعد النظر، وأعتقد أنها هي من تسعى إلى التصعيد، ما يجعلنا نتساءل لمصلحة من يعمل هؤلاء؟ وهل قلبهم مع الوطن أم قلبهم مغلول عليه؟
أجواء من الشحن سبقت الاعتصام وكانت تشير إلى أن المشاركين في اعتصام ساحة النخيل سينتقلون لشعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، ثبت أن لا صحة لذلك، وأن المتحدثين في الاعتصام أكدوا على سلمية حراكهم وتمسكهم بسقف "إصلاح النظام"، هذا السقف ليس محرما وهذا السقف مطلوب للخروج من عنق الزجاجة والانتقال بالأردن إلى المرحلة التي يستحقها من ديمقراطية حقيقية،  بحيث يصبح الناس شركاء في صنع مستقبل وطنهم. ويعتقد البعض من معطلي الإصلاح أن الناس يجب عليهم أن يبقوا متفرجين على المشهد وأنهم أجراء لا شركاء في صياغة مستقبلهم.
الحقيقة تقول عكس ذلك، وسلمية الحراك وقوته وتنظيمه ومطالبه المشروعة تقول إن المتفرجين على المشهد لم يعودوا متفرجين، بل أصبحوا مشاركين فيه، وإن تعطيل الإصلاح ليس لمصلحة مستقبل الأردن، وإن سيناريوهات التخويف والتهويل بائسة تحمي فئة محددة هي التي تخشى التغيير، وتخشى أن يكون الأردنيون شركاء في صناعة مستقبل وطنهم، وأن عليهم البقاء في عزلة تامة عن كل ما يحدث حولهم من تغيرات، وهذا الفهم هو الذي سوف يؤدي إلى مستقبل لا تحمد عقباه في أردننا العزيز الذي يؤكد حراكه الشعبي كل لحظة على سلميته رغم محاولات الالتفاف على هذه السلمية من قبل أعداء الإصلاح.

[email protected]