حرام

أخذت حركات التطرف السياسي الإسلامي في أفريقيا، خلال السنوات الأخيرة، تنمو بشكل سريع، وقدمت أنماطا قاسية من السلوك المتطرف الذي أضاف المزيد من التشويه لصورة الإسلام السياسي والمسلمين في العالم. وآخر أنماط التطرف ما أقدمت عليه حركة "بوكو حرام" النيجيرية، باختطاف أكثر من مائتي تلميذة من إحدى المدارس. وبعد مرور أقل من شهر من دون الإفراج عنهن، عادت الحركة واختطفت ثماني فتيات أخريات في شمال شرق البلاد.اضافة اعلان
زعيم الجماعة أبو بكر الشكوى، أعلن مسؤولية جماعته عن خطف أكثر من 223 تلميذة من إحدى المدارس النيجيرية،  وهدد بـ"بيعهن في السوق وفق شرع الله". وصرحت قيادات أخرى في الجماعة بأن "الفتيات سبايا، وسيتم بيعهن أو تزويجهن بالقوة". وهناك أنباء ترددت عن أن الحركة استطاعت تهريب الفتيات إلى الكاميرون وتشاد، وستبيعهن ببضع دولارات. وهذا هو الشرع كما يفهمه تلاميذ طالبان، الذين يصرون على رفضهم تعليم الفتيات.
إلى هذا الحد، أي صورة يمكن أن ندافع بها عن الإسلام المعاصر وفق هذا الخطاب الذي يصيب المرء بالقشعريرة والهلع؟ وهل هناك أكثر من هذا امتهانا واحتقارا لإنسانية البشر؟ وهل سبق أن اختطف الاسلام بهذه الطريقة من قبل؟ وهل نلوم العالم إذا ما تطرف هو الآخر في الموقف من بعض حركات الإسلام السياسي؟ والمؤلم أكثر فيما يخص هذه الحركة، أن بين صفوفها العديد من العرب، ومعظم عناصرها لا يتحدثون إلا العربية.
حركة "بوكو حرام"، أو "جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد"، هي تنظيم متطرف مسلح، ظهرت على مسرح الأحداث في نيجيريا في العام 2002. ويعني اسمها باللغة الهوسية "التعليم والثقافة الغربية حرام"، وتدعو إلى تطبيق الشريعة الإسلامية على جميع الولايات النيجيرية. وسميت هذه الجماعة بـ"طالبان نيجيريا"، وهي مجموعة مؤلفة خصوصا من طلبة تلقوا تدريبهم في أفغانستان على يد حركة طالبان.
الهدف المعلن لـ"بوكو حرام" أنها تحارب من أجل إقامة دولة إسلامية في شمال البلاد، حيث يشكل المسلمون غالبية السكان، فيما يشكل المسيحيون غالبية السكان في الجنوب. ونيجيريا التي تقع في غرب أفريقيا، وتعد أكبر دولة في القارة السوداء من حيث عدد السكان (170 مليون نسمة)، ينقسم مواطنوها دينيا بين نحو 50 % مسلمين، و48 % مسيحيين، والبقية يتبعون ديانات أفريقية أخرى. وتعد نيجيريا من أغنى دول أفريقيا بالنفط، ومن أقلها استقرارا.
لم نسمع على مدى السنوات والأشهر الأخيرة مواقف عربية على مستوى المثقفين، وحتى وسائل الإعلام، تندد بما ترتكبه "بوكو حرام" من حماقات باسم الإسلام. والأحرى أن نسمع هذا التنديد من حركات الإسلام السياسي العربية التي تقول بالاعتدال والوسطية، دفاعا عن الإسلام قبل أي شيء آخر.
في الغرب، هناك العشرات من الحملات التي برزت فقط على خلفية قصة اختطاف الفتيات منذ شهر، منها حملة على وسائل الإعلام الاجتماعي تحت عنوان "أعيدوا إلينا فتياتنا"، وشاركت فيها ميشيل أوباما زوجة الرئيس الأميركي، وعشرات المشاهير.
كل سلوك متطرف بهذا الشكل أو غيره، يؤكد كل يوم حجم جريمة اختطاف الإسلام على أيدي هذه الجماعات. بينما الحرام البائن بينونة كبرى في هذا العصر، هو ما يحدث باسم الإسلام من قِبَل هذه الجماعات، وسط صمت المؤسسات وقادة الرأي من المسلمين أنفسهم.