حرب أوكرانيا.. هل تراجع الدور الأميركي عالميا؟

عنصران من الدفاع المدني الأوكراني يحاولان إخماد حريق نشب اثر قصف القوات الروسية-(وكالات)
عنصران من الدفاع المدني الأوكراني يحاولان إخماد حريق نشب اثر قصف القوات الروسية-(وكالات)
زايد الدخيل عمان- تعكس الفجوة بين الأهداف، والاستجابة الأميركية للأزمة الأوكرانية، ارتباكا استراتيجيا لإدارة الرئيس جو بايدن، اذ لم تنجح الأخيرة بحسب مراقبين بصورة لافتة في تحقيق أهدافها في دعم أوكرانيا على الأرض في مواجهه القوات الروسية المتوغلة في البلاد. ويرى هؤلاء تراجعا في الدعم الاميركي ودول حلف الناتو، خاصة المرتبطة بدعم أوكرانيا سياسياً وعسكرياً، في ظل ما يجري على ارض الواقع، خاصة أن الدعم العسكري الذي قدمته وستقدمه واشنطن لأوكرانيا، لن يؤثر على توازن القوة بين الأخيرة وروسيا. ويقول السفير السابق سمير مصاروة، إنه رغم تطور قدرات الجيش الأوكراني، فإنها تظل محدودة في مواجهة القوات الروسية، التي ما تزال تتخير الفرص للتعامل والحسم لتبقي كل السيناريوهات قائمة في إطار لعبة المقايضات بين الأقطاب الكبرى. وأضاف مصاروة: "جاء رد الرئيس الأميركي بايدن على الاتهامات الموجهة لواشنطن بالتخاذل في مواجهة روسيا عقب غزو قواتها أوكرانيا، مؤكدا أنه لم يكن أمام بلاده بديل عن العقوبات ضد روسيا، سوى حرب عالمية ثالثة، ولتبرز عدة سيناريوهات محتملة قد تكون مخرجا لهذه المواجهة الراهنة والمستمرة". وقال إن أول تلك السيناريوهات البدء بالتفاوض الذي بدأ بالفعل، والبحث عن حل توافقي، لكن سقف المطالب وعتبة التنازلات في اي مفاوضات تقاس بما يجري عسكريا، فمن له القدرة على تحقيق انجازات أولا أكثر تكون له القدرة والغلبة في المواجهة وفرض خياراته على الجانب الآخر، مع ملاحظة أن العقوبات على روسيا لا تفي بالغرض المخطط له فعليا. ويرى أن التقدم العسكري الروسي ليس بالسهولة التي كانت متوقعة، وتزويد أوكرانيا بأسلحة مضادة للدّبابات والطائرات يوحي برغبة دول حلف ناتو في استنزاف الجيش الروسي، موضحا ان استراتيجية دعم المقاومة قد تكون دموية وبغيضة، ولروسيا سجل حافل في استخدام الأساليب الوحشية لقمع مثل هذه الأنشطة - كما شهدنا في الشيشان، وهذا يعني ان التكاليف قد يتحملها شعب أوكرانيا وروسيا أيضا. وتابع: "واضعو السياسة الغربيون يعرفون أيضا ان دعم المقاومة ليس خياراً سهلاً وله عواقب، لذلك يلجأون الى الخيارات الوحيدة المتاحة وهي فرض عقوبات اقتصادية على موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا". من جهته، يرى الخبير الدكتور رياض الصرايرة أن الغرب يدرك أيضاً كيف هو الوضع لدى من تلقوا السلاح والتدريب منه، إذ أصبحت بلدانهم غارقة في حركات تمرد، كما هو الحال الآن في أفغانستان والعراق. ويضيف: "ظلت الولايات المتحدة وبريطانيا تدرب قوات أوكرانية على كيفية مقاومة أي غزو روسي محتمل لسنوات، والآن وبعد حدوث غزو فعلي واسع النطاق، يدور نقاش بشأن وجوب دعم المقاومة على المدى الطويل، وإلى أي حد". وينوه الصرايرة الى ان الدبلوماسية التي لا تدعمها قدرة عسكرية موثوقة غير فعالة، معتبرا ان أوكرانيا هي أول اختبار دولي جاد للولايات المتحدة بعد الانسحاب من أفغانستان. وبين ان الولايات المتحدة غير الراغبة بالتدخل عسكريا حذرت روسيا من عواقب اقتصادية وخيمة، مع تأثير ضئيل حتى الآن على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويضيف محذرا من تكرار مشاهد الضعف الأميركي في الانسحاب من أفغانستان: "الجميع، أصدقاء أميركا وأعداؤها، يراقبون واشنطن ويرون إدارة ضعيفة، وتؤكد أزمة أوكرانيا الاتجاه الملحوظ لتراجع أميركا في العالم. لكن كما في الماضي، قد تفاجئ الولايات المتحدة وتتصرف بالقوة، غير أن العالم يرى مثل هذا السيناريو بعيدا". من جهته، عد استاذ العلوم السياسية هاني الكعيبر السرحان، الصراع في أوكرانيا أبرز مظاهر الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة، ولذلك يعد البحث عن حلول أولوية ضرورية لإيجاد تسوية، بدلاً من خروج الأمر عن السيطرة، وهذا يطرح وجوب إبقاء باب المفاوضات مفتوحاً مع موسكو. وبحسب السرحان، فإن هناك تراجعا في قدرة الدعم والردع الأميركيين، بسبب الحروب التي خاضتها في الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم، الامر الذي يفرض عليها رؤية محسوبة للوضع في أوكرانيا، فقد أظهرت الحرب السورية أن الولايات المتحدة تراجعت عن أهدافها المعلنة والمتمثلة في رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، ولم تبد أي مقاومة فعلياً للوجود الروسي في سورية، بل ان الفرصة كانت متاحة أمام روسيا للتوسع في الشرق الاوسط وتعزيز نفوذها هناك، وتكرر الأمر في الانسحاب الأميركي الفوضوي من أفغانستان.

إقرأ المزيد : 

اضافة اعلان