حرب التجارة... ربما تبدو صاخبة لكنها تجعل العالم أكثر خطورة

ترجمة: ينال أبو زينة

في فيلم "غودزيلا" الأصلي ؛ الذي تم إنتاجه في اليابان في العام 1954، أدى اختبار الأسلحة النووية الأميركية إلى خلق ديناصور عملاق يهدد ليس فقط بتدمير اليابان، وانما بقية العالم أيضا والآن يواجه الآسيويون ابتكارا أميركياً آخر يبدو وأنه سوف يدمر كل ما حوله.اضافة اعلان
لقد انسحب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فعليا من الشراكة عبر المحيط الهادئ "تي بي بي" ومن اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ وهو يبدو الآن أكثر إصرارا على دحر الترتيبات التجارية الدولية القائمة منذ العام 1945.
ويهدد الإعلان الأخير بفرض تعريفات على 60 مليار دولار من التجارة الصينية باندلاع حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم (وقد اقترح الصينيون فعليا إجراءات انتقامية).
وقد تلقت أسواق آسيا ضربة قاسية يوم الثالث والعشرين من الشهر الماضي إذ انخفض مؤشر "نيكي" الياباني بنسبة 4.5 % وتراجعت سوق أسهم "شنغهاي شنتشن" الصينية بنسبة 2.9 % و"هانغ سينغ" الخاصة بهونغ كونغ بنسبة 2.5 % فيما فتحت أسواق أوروبا أبوابها بانخفاض يقل عن الأسواق الآسيوية بنحو 2 %.
يمكن لكل هذا أن يشكل أمرا ما باهتا ؛  فبعد كل شيء؛  تتم هزيمة "غودزيلا" في نهاية الفيلم.
وقد أعقبت الإعلان الأخير عن فرض تعريفات جمركية على الصُلب والألمنيوم قائمة واسعة من الإعفاءات بما في ذلك تلك المقدمة للاتحاد الأوروبي.
وتبدو استراتيجية ترامب وأنها التهديد ومن ثم سحب هذه التهديدات مقابل تنازلات صغيرة من الطرف الآخر وبهذه الطريق يحصل شهرته من قاعدته السياسية دون التسبب بأي ضرر اقتصادي.
وعلى الجانب الآخر من المحيط الهادئ؛ تقول إلسا ليغنوس من البنك الملكي الكندي أن "الصين سوف تختار عدم الرد بدلا من الافراط في الرد".
وتقول "كابيتال إيكونوميكس"، وهي شركة استشارية إن الضرر الذي ستلحقه التعريفات بالاقتصاد الصيني سوف يشكل 0.1 % فقط من الناتج المحلي الإجمالي.
ولكن هذا لم يكن الشيء الوحيد الذي فعله ترامب في الآونة الأخيرة ؛ إذ أنه عين جون بولتون كمستشاره الثالث لشؤون الأمن القومي في 14 شهرا.
وجادل بولتون، الصقر المعروف، حول قضية "شن الضربة الأولى على كوريا الشمالية" في أقل من 4 أسابيع ويشاهد ليغنوس هذا التعيين على أنه "شاغل أكثر عقلانة" من الحرب التجارية.
واختتمت مجموعة "سيتي" إلى أن هذه التطورات إلى جانب التعريفات الجمركية، "تثير بشكل غامض مخاطر السوق قصيرة الأجل".
أتهديد أكان الأمر أم وعيد، فإن المستثمرين قلقون بشكل مفهوم؛ فقبل شهرين فقط، لم يقم أي من مدراء الصناديق –الذين استطلع بنك أميركا "ميرل لينش" آراءهم- باختيار الحرب التجارية كالخطر الرئيسي في السوق.
وليس من الصعب تخيل سيناريو تذهب فيه الأمور للانحدار بسرعة من هنا وقد رفض المستثمرون الآثار الهبوطية لمنحنى العوائد المستوي (والذي عادة ما يكون إشارة إلى وجود ركود) والفجوة التي تتسع باستمرار بين سعر الليبور "سعر فائدة" وسعر السواب "التحويل".
لكن على المستثمرين أن يقلقوا حيال التقلبات المرتفعة جدا لسوق البورصة الأميركية، وكذلك إزاء الهدف الظاهري النهائي لاستراتيجية ترامب – وهو القضاء على العجز التجاري.
وسوف توسع التخفيضات الضريبية العجز لا أن تخفف منه، بينما تستوعب الولايات المتحدة مزيدا من الواردات، بحيث ستحدث التعريفات الجمركية فرقا بسيطا للغاية وتكمن الطريقة الأرجح للقضاء على العجز في ركود تخسر فيه الولايات المتحدة شهيتها للاستيراد؛ لا شيء سترحب به الأسواق (ناهيك عن الخابين).
ولا ينبغي للمستثمرين أيضا أن يرحبوا عموما بالوضع الذي تعتبر فيه أساليب ترامب ناجحة. فهذا من شأنه أن يشجع المزيد من الزيادات؛ وبعد كل شيء، فهناك 13 فيلم "غودزيلا" حتى اللحظة.