حرب الناقلات وحسابات ترامب الخطيرة

دخلت المواجهة مع إيران مرحلة غاية في الخطورة، عكست منحنى التوقعات بمآلاتها. المرحلة الجديدة جاءت بعد فتور ردود فعل الرئيس الأميركي على توقيف الناقلات العابرة لمضيق هرمز، في اقوى مؤشر على تباين المواقف، وربما تصدع بين الدول المواجهة لإيران. الرئيس الأميركي يكشف عبر تغريداته انه لا يريد ان يكون شرطيا لمضيق هرمز، وان بلاده ليست بحاجة للمضيق لأنها مكتفية نفطيا، وان أميركا قامت بتأمين الحماية المكلفة لهرمز لعقود وكان المستفيد مجانا دولا غنية مسميا أربعا منها: اليابان، الصين، السعودية، والامارات.اضافة اعلان
تصريحات غريبة وخطيرة، غير منطقية وغير صحيحة؛ أليس الحفاظ على اسعار نفط معقولة مصلحة أميركية استراتيجية كبيرة؟ وإلا لماذا دافعت الولايات المتحدة عن امن الخليج لعقود. ألا يفاخر الرئيس الأميركي انه بفضل صداقاته مع زعماء الخليج جعل اسعار النفط ضمن حدود تدعم صناعات الولايات المتحدة واقتصادها؟ ثم اذا كان الرئيس الأميركي يرغب بمساهمة الدول التي سماها بالجهود لحماية المضيق، الا يجب ان يحدد من الذي سيقرر حجم ونوع المساهمة، أم أن ذلك سيترك لتقديره؟ ثم ألا يحق لهذه الدول إذا تم التوافق على نوع مساهماتها ان تكون جزءا من قرارات السيد ترامب فيما يخص امن الخليج؟ ام انهم سيساهمون ويمولون قراراته دون التدخل بها؟
تصريحات الرئيس الأميركي في عدم رغبته بلعب دور شرطي العالم ليست جديدة فقد سبقه إليها بوش الاب وكلينتون وأوباما، لكن هؤلاء على عكس ترامب اتجهوا للتعددية والتشاركية في ادارة العلاقات الدولية والنزاعات الاقليمية، وليس لنزعة احادية دولية كالتي يبديها السيد ترامب.
تغريدات ترامب تبعث بأربع رسائل خطيرة للعالم والاقليم: الاولى لإيران، ان الدول المواجهة لها غير حازمة ومتباينة في آرائها حول شكل وحجم وزمن المواجهة، ومن سيمولها، بعد اتضاح رغبة أميركا القادرة عسكريا على قيام دول اخرى بتمويل جهود حماية المضيق. لنا ان نتخيل حجم الفرح والانتشاء بين اوساط الساسة الإيرانيين عندما قرؤوا تغريدات ترامب. هم يجلسون ويضعون قدما على اخرى الآن بانتظار تفكك الدول المواجهة لهم.
رسالة ترامب الثانية لدول العالم التي يقول لها أنتم المستفيدون لذلك عليكم المساهمة دون ان يعطيهم الحق في التدخل بقراراته. لا يوجد دولة ستوافق على ذلك، وستلجأ الدول لترتيبات خاصة لتأمين امدادات الطاقة للإفلات من مطالب ترامب.
الرسالة الثالثة ذاتية عن مصداقية الرئيس الأميركي الذي بدا متحمسا جدا في البداية ثم تراجعت تلك الحماسة، وكأنه يقول لحلفائه أنا لست حليفا يمكن الاعتماد عليه. أما آخر رسائل تغريدات ترامب واخطرها على الاطلاق تلك المعني بها قادة دول الخليج، والتي تقول لهم بوضوح اذهبوا لشراء الأسلحة من غيرنا، وابنوا جيوشكم لمواجهة إيران، ولا تنتظرونا فحساباتنا مختلفة. اي دولة مكان دول الخليج ستقرأ رسالته على هذا النحو، وستذهب للدفاع عن مصالحها بعيدا عن حسابات الرئيس الأميركي، وسيكلفها ذلك ماليا اقل بكثير مما سيكلفها السيد ترامب.