حركة من الماضي

لم تقدّر قيادات الإخوان المسلمين حجم الضرر الذي لحق بهم، نتيجة لما حدث في العالم العربي، فالإخوان حركة من الماضي الذي ثارت عليه الشعوب العربية، ولم تكن في حساباتهم أنهم سوف يواجهون مصير الأنظمة العربية من الرغبة الكامنة لدى شعوب هذه المنطقة للتخلص من كل ما قد مضى.اضافة اعلان
ولذلك حاول إخوان مصر بعد أن وصلوا إلى السلطة إعادة ترتيب البيت الداخلي والعودة بمركزية التنظيم لمصر، ولكن السنوات الطويلة من التحالفات والصراعات مع بعض الأنظمة، وسوء تقدير المواقف على الأرض سياسيا، رغم النهج البراغماتي الذي تنتهجه الحركة، وولادة مراكز جديدة للحركة بعيدة عن القيادة العليا للتنظيم في مصر، لم تفلح بلملمة التنظيم الذي باتت أوراق لعبه مكشوفة للشعوب العربية، رغم حميمية العلاقة التي رسمتها السياسة الخارجية  الأميركية، والاعتقاد السائد لدى الإدارة الأميركية أنّ الإخوان المسلمين سيكونون حليفا معتدلا في وجه الحركات الإسلامية المتطرفة.
لكنّ ما لم يحسب حسابه الطرفان الأميركي والإخوان أن تلك الحركة أصبحت من الماضي، فكان لا بد للطوفان الذي اجتاح المنطقة أن يأخذ في طريقه هذه الحركة، فالناس أصبحت تفرق تماما بين الدين والمتدينين، وتعلم أن أعمال العنف والبراغماتية السياسية، لم تعد طريقا يستطيع أن يمرر الإخوان المسلمون برامجهم السياسية من خلاله.
لذلك لم يعد الشعار المطروح تاريخياً "الإسلام هو الحل"، يخطف بريقه أنظار الجماهير، فقد فشلت الحركة عند أول اختبار للسلطة، فهي لا تؤمن بالدولة القومية، ولا المشاريع الوحدوية، ولا تمتلك تصورات لبناء المجتمع والدولة، بل على العكس بدا من الواضح أنها حركة ثأرية، تريد قلب عقارب الساعة إلى الوراء.
 وهذا ما حدث بالفعل في احتفالات الجيش المصري بثورة 23 يوليو، عندما لم يذكر محمد مرسي الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، و اكتفى بالحديث عن الرئيس أنور السادات بطل السلام الذي فتح المجال للحركة في عهده بالتحرك.
ولم تقف حدود نهاية الحركة عند هذا الحد بل إن أنصارها، كان يهتفون للرئيس محمد مرسي في خطابه الشهير الذي كان جليا فيه ان الرئيس يتحدث عن مصر لا يعرفها المصريون، وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير للحركة التي عاد الطوفان البشري مرة أخرى لينظف ما بقي من عوالق الماضي.
وعندما كان يجري الحديث عن عمق الصداقة مع شمعون بيرس، بررها أنصار الحركة بأنها حنكة سياسية، في الوقت الذي كان فيه الإخوان المسلمون في مصر يقيمون الأرض ولا يقعدونها، في عهد مبارك على الموضوع ذاته.
وفي الحالة الأردنية فالحركة أصبحت من الماضي، رغم كل ما تدعيه، وخصوصا عندما تطالب بفتح الحدود للقتال في سورية، والتحشيد الجماهيري للجهاد !

[email protected]

jmheisen@