حزب "الحكماء" عنوان آخر لأزمة "الإخوان"

أكثر من مؤشر ودلالة يطرحها تسريب ما عرف بمجموعة "الحكماء" في جماعة الاخوان المسلمين، عن حسمهم لخيار تأسيس حزب سياسي جديد، لن يكون -بطبيعة الحال- الا منافسا أو ساعيا ليكون بديلا، للذراع السياسية للاخوان، حزب جبهة العمل الاسلامي، الذي ما يزال، حتى اللحظة، الحزب السياسي الأكبر والأكثر انتشارا أردنيا! اضافة اعلان
مجموعة "الحكماء"، كما باتوا يعرفون إعلاميا، أو مبادرة "الشراكة والانقاذ" تضم قيادات تاريخية وكبيرة في جماعة الاخوان، وعلى رأسهم سالم الفلاحات وعبداللطيف عربيات وحمزة منصور وجميل ابو بكر ومحمد القضاة وغيرهم، فيما تتحدث اوساط هذه المجموعة القيادية عن تأييدها من قبل مئات الاعضاء في الاخوان والجبهة.
المجموعة، التي صدرت تسريبات وتصريحات بعض قيادييها، بعد اجتماع حاسم لها اول من امس، وحاولت امس تخفيف صدمة اعلانها حسم خيارها بتأسيس الحزب السياسي الجديد، فانها لم تنف ذلك، وان تركته خيارا رئيسيا بين خيارات محدودة.
ما أعلن هو ان الحزب/ التوجه سيكون برامجيا سياسيا منفتحا، مع تأكيد المجموعة على تمسكها بالبقاء داخل اطار جماعة الاخوان، كجماعة دعوية فكرية.
الواضح اليوم، وبعد هذه الخطوة، غير العادية، لقيادات تاريخية ووازنة بجماعة الاخوان والجبهة، ان الازمة المركبة للحركة الاسلامية، وتحديدا "الاخوان"، قد وصلت منعطفا حساسا ودقيقا، ان لم نقل أكثر، يهدد بتغيير عميق في خريطة القوى والتيارات داخل الحركة، ويفتح مستقبلها على أكثر من احتمال وتطور، قد يكون عنوانه الرئيسي تشظي وتفتت الحركة بهيكلها الذي اعتدنا عليه لعقود عديدة مضت، وبروز واجهات سياسية عديدة ومتنوعة، تطرح نفسها كوريث شرعي للجماعة والحركة.
هذه المجموعة القيادية "الحكماء" كانت اختارت موقفا اقرب إلى الحياد بعد اشتعال الازمة بين قيادة الاخوان والجبهة من جهة وبين جماعة "زمزم" قبل أكثر من عام، وسعت جاهدة لتقديم مقاربات إصلاحية وتسوية للخلافات العميقة بين تيارات الحركة، تحديدا بين صقورها وحمائمها، الا ان ما قدمته من حلول واقتراحات وصيغ لنزع فتيل الازمة الداخلية بالجماعة، التي تفاقمت اكثر بولادة جمعية جماعة الاخوان المرخصة رسميا بقيادة المحامي عبدالمجيد الذنيبات، ذهبت -اي هذه الاقتراحات والحلول- ادراج الرياح، ولم تجد صدى ايجابيا، لدى قيادة الجماعة، بحسب ما أعلن مرارا بعض رموز "الحكماء".
أزمة الحركة والاخوان باتت مركبة بعد دخول الحكومة والجانب الرسمي على الخط، واشهار الحكومة ورقة القانون والشرعية القانونية بوجه الجماعة، وبدء مرحلة تقليم وقصقصة اجنحتها على الارض، عبر اغلاق المقار والمؤسسات.
كما أن أزمة الحركة الاسلامية باتت مركبة لترافقها، ببعدها المحلي، بدخول الاسلام السياسي وجماعاته في أزمة حقيقية في غير ساحة عربية، وبصورة اساسية في بلدان "الربيع العربي"، تونس ومصر وسورية وليبيا تحديدا، حيث انزلقت العديد من هذه الجماعات في بعض هذه الدول الى الصراع المسلح وصراع الاجندات والمحاور الاقليمية والدولية، فيما قدمت في بعضها الاخر تجربة قاصرة وفاشلة، ما عمق الانقسامات السياسية والشعبية، واسهم باجهاض احلام الجماهير المسحوقة.
جانب مهم في خطوة "الحكماء" بالتوجه لتأسيس الحزب هو ان هذه المجموعة القيادية وامتداداتها في قواعد الحركة تعلن بذلك وصولها الى حائط مسدود مع القيادة الحالية للجماعة، والموصوفة بـ"الصقورية"، ويأسها -كما يبدو- من الوصول لتسوية اصلاحية بين اجنحة الحركة.
الثابت اليوم، ان بروز حزب سياسي "اسلاموي" جديد، تقوده مجموعة "الحكماء"، يعني عمليا وعلى الارض ان "العمل الاسلامي"، الذراع السياسية للاخوان، لن يكون العنوان الرئيسي والوحيد للتيار الحزبي والسياسي الإسلامي الأردني، فامامه او بموازاته سيكون هناك حزبان آخران مهمان، انبثقا من ذات المعين الاخواني، هما حزب "الحكماء" وحزب "زمزم".
بكل المقاييس نحن اليوم أمام نقطة مفصلية في واقع جماعة الاخوان، حيث بات مصير هيكلها التقليدي، سياسيا وتنظيميا، الذي عرفناه على مدى العقود الماضية، مفتوحا على كل الاحتمالات والخيارات!