حزب لكل 100 ألف مواطن

محمود الخطاطبة الخوف كل الخوف، أن ينطبق المثل الشعبي: “يا بطخه يا بكسر مُخه”، على أولئك القائمين على الأحزاب السياسية في الأردن، أو الذين ينوون إنشاء أحزاب جديدة.. إذ ليس من المعقول أن يُصبح في الأردن حتى كتابة هذه الأسطر، نحو 70 حزبًا، والأمر قابل للزيادة في الأيام المُقبلة، خصوصًا أننا – الشعب الأردني- مُقبلون على تعديلات تتعلق بقانون الأحزاب، تُطبخ حاليًا في أروقة اللجنة القانونية النيابية. 70 حزبًا حتى الآن، بينما يبلغ تعداد سكان المملكة نحو 7 ملايين نسمة، الأمر الذي يعني أن هُناك حزبا لكل 100 ألف مواطن أردني، وفي حال ازداد عدد الأحزاب في الفترات اللاحقة، على فرض إلى مائة حزب، فإن ذلك يعني أنه سيكون لكل 70 ألف مواطن حزب سياسي!. رقم خيالي، عدد الأحزاب المُتواجدة في الأردن، وهو يسير بعكس التيار، الذي يُنادي به رأس الدولة، حيث أشار أكثر من مرة إلى ضرورة وجود ثلاثة أو أربعة أحزاب.. ما يهم المواطن الأردني ليس كثرة عدد الأحزاب، وإنما برامجها، وكيفية الاقتناع بها، وقبل ذلك القوانين الناظمة للأحزاب. المواطن، لا يكترث بعدد الأحزاب، بل على العكس يهتم بالمرحلة السياسية المُقبل عليها، والتي يجب أن تستند إلى ضرورة المُحافظة على الحريات العامة، وحرية الرأي والتعبير، ووقف عمليات الاعتقال أو التوقيفات، التي باتت كثيرة خلال الأيام الماضية، ناهيك عن ضرورة العمل على خدمة الوطن والمواطن، والدفاع عن حقوق الأخير. الموضوع لا يتعلق بكثرة عدد الأحزاب، بقدر ما يتعلق بضرورة إزالة العقبات والمُضايقات، التي يتعرض لها الحزبيون، والتي أثرت سلبًا على كل من يُفكر الانضمام إلى الأحزاب، والتي من شأنها إعاقة عمل الأخيرة، والأهداف التي وُجدت من أجلها. وبعيدًا عن أن هناك الآلاف من المواطنين الذين يعيشون حياة كلها ضنك، وآخرين ضائعون ما بين بطالة وفقر، رغم أهمية ذلك، إلا أن تطور الحياة الحزبية، لا يكون بوجود عشرات الأحزاب، والتي معظمها إما بلا بوصلة أو هدف، وإما لديها أجندات خارجية لا تمت للوطن أو مصلحته بأي صلة، وإما مُرتبطة بأشخاص (برستيج) تنتهي بموت هؤلاء الأشخاص، أو ابتعادهم عن الحزب.. حتى تلك الأحزاب التي يُنظر إليها على أنها تمتلك برامج مُتكاملة، وما أقلها، لم تستطع أن توصل أعضاءها إلى قبة البرلمان أو حتى رئاسة بلدية من الدرجة الثانية. وللإنصاف، يتوجب التأشير على أن هُناك الكثير من الأحزاب السياسية على الساحة الأردنية، “مُقصرة” في حقها أولًا، والمواطن ثانيًا، والوطن ثالثًا، إذ لم تتمكن من إقناع آلاف المواطنين، كي لا أقول عشرات الآلاف، ببرامجها، التي تُعتبر عقيمة، ولا بأهدافها التي هي بمثابة إما عبارة عن خُطب إنشائية أو قد يكون وراءها الكثير من المضار على الوطن، كون انتمائها وولائها للخارج. وللأسف، فإن ذلك يأتي بالتزامن مع تضيق على الأحزاب ومُنتسبيها، من قبل الحُكومات المُتعاقبة، الأمر الذي رتب على ذلك “فوبيا” لدى المواطن من الولوج إلى الأحزاب، إلى درجة أصبح فيها مُتيقنًا بأن مصلحته تكمن في الابتعاد عن الأحزاب بشكل عام، وعدم الاقتراب منها، تحت أي ذريعة، حتى لو كان من المُقتنعين بحزب ما.

المقال السابق للكاتب

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا

اضافة اعلان