حسابات "داعش" الإلكترونية وتسويق الوهم

خلال الأيام الماضية، وفي إطار التعطش للمعلومات بشأن البطل الطيار معاذ الكساسبة، اعتقد البعض أنه سيجد ضالته في مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما "تويتر".اضافة اعلان
وقد تتبع هؤلاء أنصار التنظيم الإرهابي الذي يستخدم الموقع بكثافة لإيصال أخبار "غزواته"، ومشاهد القتل والدمار التي ينفذها، والتي يستغرق فيها البعض حتى الإدمان.
مع ذلك، خلص محللون إلى أن كثيرين في "تويتر" ممن يدعون قربهم من "داعش"، هم في الحقيقة مجرد وهم وسراب. وفي أغلب الأحيان، يعيش هؤلاء خارج مناطق "داعش". ويمكن التعرف إلى زيفهم لدى مطابقة المعلومات التي يوردونها مع وقت النقل، وهو الأهم في عملية المتابعة.
بطبيعة الحال، يستفيد أنصار التنظيم الإرهابي من إقبال المتابعين. وهم لا يملكون المعلومة الحقيقية في الغالب، ويستخدمون خاصية إعادة الإرسال "Retweet" للوصول إلى متابعي هذه الحسابات، حتى إن بعضهم يدرك أن عدد متابعي حسابه (Followers) أصبح كبيراً، فيقوم بإنشاء حسابات احتياطية إلى جانب تسويق حسابات أخرى.
تعتمد تكتيكات التنظيم الإرهابي في استخدام "تويتر" بشكل خاص، على نشر المعلومات المضللة، كجزء رئيس من الحرب النفسية. ويشكل نشر الوهم بهذه الطريقة أحد أسرار قوة "داعش"، بالإضافة إلى نصرة مؤيدي التنظيم بعضهم بعضاً، ودعواتهم في كثير من الأحيان إلى دعم الحساب الفلاني. ويمكن أن يقوم متابعون آخرون أيضاً بتقديم الدعم من خلال مشاركة التغريدات أو مجرد متابعتها.
في كثير من الأحيان، يجري استغلال المتابعين كأداة لإغراء الآخرين بتتبع حساب معين يدعي أنه من "داعش". وعلى سبيل المثال، عندما يجد المستخدِم أن حساباً ما يحظي بعدد 30 ألف متابع، فإنه يعتقد أنه حساب مهم. لكنه سيكتشف، بعد فترة بسيطة، أنه جسر لتمرير معلومات وأفكار وطروحات هدفها الأساسي التلاعب بالأعصاب. وفي كثير من الأحيان، يعمل الحساب لبث الرعب، وينتقل فيما بعد إلى حسابات احتياطية لنقل عدد من المتتبعين إليها في حال تم حذف الحساب الأصلي، إلى جانب الترويج لحسابات أخرى تناصر "داعش".
ومما يزيد الأمر سوءاً أن بعض الأشخاص لا يكتفون بقراءة التغريدات، وإنما يشاركون في إعادة نشرها حتى لو كانوا لا يؤمنون بأفكار التنظيم، وذلك بغرض زيادة عدد متابعيهم فقط، وبذلك يصبح هؤلاء جزءا من مروجي تلك الأفكار، بل ووقوداً لتغذية أشياء لاعلاقة لهم بها.
بشكل عام، يمكن تصنيف مستخدمي "تويتر" من أنصار "داعش" إلى نوعين: الأول، هم الذين يتواجدون في المعارك والأحداث في مناطق التنظيم، ويستخدمون، على الأغلب، هواتف الأقمار الاصطناعية لبث رسائلهم عبر "تويتر". أما الثاني، وهو الجزء الأكبر، فهم متواجدون خارج مناطق سيطرة التنظيم الإرهابي، ممن ينتشرون بيننا وفي دول أخرى، ويبثون عبر وسائل الإنترنت المعروفة.
اليوم، لم تعد القصة في ظل الأوضاع الحالية مسألة رأي، وإنما هي مواجهة فكر متطرف أصبح فيه القتل و"النحر" قضية سهلة. وبذلك، أصبحت مسألة مراقبة الإنترنت (تحديدا "تويتر") شأناً بالغ الأهمية لمكافحة الإرهاب دولياً. فلا ينبغي الاكتفاء بمراقبة تنقل الأموال فحسب، وإنما تعقب تلك الحسابات المعنية بنشر الفكر الإرهابي على الإنترنت وتعطيلها.
في هذا الإطار، اتخذ الاتحاد الاوروبي قراراً بمراقبة الإنترنت لمكافحة الارهاب. فهل تتوسع تلك الخطوة لتتحول إلى قرار أممي أيضاً؟