حسن نصر الله يستنسخ مواقف الخميني من حماة والمخيمات الفلسطينية

أسامة شحادة*

شكّل إصرار الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، على موقفه الداعم لبشار الأسد في قتل الشعب السوري صدمة عميقة عند الكثيرين الذين لم يتخيلوا أبدا هذا الموقف من "سيد المقاومة". ومما زاد من هذه الصدمة، تصاعد الموقف المؤيد لبشار من حسن نصر الله كلما زادت وتيرة القتل والقصف للشعب السوري!اضافة اعلان
والعجيب أن نصر الله في خطاباته الأخيرة لا غرض له سوى تسويق بشار، ومحاولة إقناع الشعب السوري بأنه يتعرض لعملية خداع وتضليل تجاه القيادة الوطنية المخلصة في سورية بقيادة بشار! وإن أكثر ما آذى الشرفاء في سورية والعالم هو الإنكار المتواصل من نصر الله لجرائم عصابات الأسد بحق الشعب السوري؛ هذه الجرائم التي لم تقف عند قتل آلاف الأبرياء من الرضّع والأطفال والنساء والرجال والمسنين، ولم تقتصر على هدم المنازل على رؤوس سكانها، بخلاف عشرات الألوف من المعتقلين والمصابين، وما تعرضت له الحرائر من انتهاك للأعراض، ولم تسلم منها حتى بيوت الله والمصاحف فيها، ولا تنجو منها حتى الحيوانات؛ هذه الجرائم التي بلغت في الوحشية أن المعارضة الإسرائيلية تعيب على قيادتها عدم إدانتها لها! ولكن نصر الله يخرج علينا ليقول: "لا يوجد شيء في حمص وكله فبركات إعلامية"!
هذا الموقف المنكر للجرائم الأسدية بحق الشعب السوري من نصر الله يستنسخ موقفاً سابقاً للخميني من مجزرة حماة العام 1982، والتي قام بها حافظ الأسد وأخوه رفعت (قارن بالوضع اليوم بشار وأخوه ماهر)، وقتل فيها ما يقارب 30 ألف سوري على يد حزب البعث وميلشياته. ومعلوم أن نصر الله هو وكيل شرعي في لبنان للإمام خامنئي، المرشد الأعلى بإيران، ووريث الخميني في ذلك. وقد استنجد السوريون أيام مجزرة حماة بالخميني ونظامه الذي رفع راية نصرة المظلومين وجعلها إحدى مواد دستوره التي تنص على: "تنظيم السياسة الخارجية للبلاد على أساس المعايير الإسلامية والالتزامات الأخوية تجاه جميع المسلمين والحماية الكاملة لمستضعفي العالم". فماذا كانت النتيجة؟
أعلن علي أكبر ولايتي -وزير خارجية إيران آنذاك- أن بلاده تقف إلى صف الرئيس حافظ الأسد. وعلى نفس المنوال، هوجم الإخوان في مسجد الخميني بطهران، ونُشر هذا الهجوم على الصفحة الأولى لصحيفة كيهان الإيرانية، ووصف الإخوان وقادتهم بأنهم عملاء ومنافقون في مقال لـ"وحدة الحركات التحررية في الحرس الثوري". وأكد ذلك الموقف آية الله صادق خلخالي رئيس المحاكم الثورية حين زار سورية ودماء المجازر في حماة لم تجف بعد، فوصف الضحايا بأنهم "إخوان الشياطين"!
فهل تغير شيء بعد 30 سنة من هذه الجريمة؟ أليست هذه اللغة وهذا الموقف هو الحاكم اليوم على النظام والإعلام الإيرانيين تجاه ثورة الشعب السوري على عصابة الأسد؟
وموقف نصر الله المنكر لجرائم الأسد هو أيضاً استنساخ لموقف إنكار آخر للخميني تجاه المجازر التي تعرضت لها المخيمات الفلسطينية في لبنان العام 1985 على يد حركة أمل بقيادة نبيه بري.
وقد سجل تفاصيل موقف إنكار الخميني لمجازر حركة أمل الكاتب فهمي هويدي في كتابه "إيران من الداخل"، حيث كتب: "في يونيو 85 وقتال "أمل" للفلسطينيين في بيروت كان قد بلغ ذروته وبينما تكلم مختلف رموز النظام: منتظري ورفسنجاني وخامنئي، فإن الإمام التزم الصمت. وقيل وقتئذ إنه معتكف في الأيام العشرة الأخيرة من شهر رمضان. ولما انتهى الصيام خرج الإمام من اعتكافه وألقى خطاباً في "حسينية جمران" بعد صلاة العيد. وفيما توقع الكثيرون أن يعلن موقفاً تجاه ما يجري في لبنان، فإن الإمام لم يُشر إلى الموضوع من قريب أو بعيد"! إذن، بماذا يختلف أداء النظام والإعلام الإيرانيين تجاه ثورة سورية عن موقفهم الداعم لجرائم حركة أمل بخصوص المخيمات الفلسطينية؟!
التشابه بين موقف نصر الله والخميني على مدار 30 عاماً يمكن تحديده في النقاط الآتية:
* الذي يقوم بالجريمة والمجزرة حليف للخميني وحسن نصرالله في الحالتين (نظام الأسد، حافظ وبشار، وحركة أمل).
* الجريمة متواصلة ومستمرة وليست حادثة مرت وانقضت، بل تتواصل وتستمر بدون توقف إلا بالفناء للمساكين.
* اتهام الضحايا والمظلومين بالخيانة والمؤامرة، والصمت عن الإدانة للمجرم، ومساندة المجرم والدفاع عنه هو الخيار والموقف الوحيد للخميني ونصر الله.
الخلاصة هذه هي حقيقة منهج وسياسة وإستراتيجية نصرة المستضعفين ونجدة المحرومين إذا كان المجرم حليفاً للخميني ونصر الله، فهل يصحو بعض المخدوعين؟
* كاتب أردني