حسين هرموش.. وانشقاق الملائكة

حتى وإن كان ما قلته يؤثر على معنوياتنا، فإننا ندرك أن ما أجبرك على المر هو الأمرّ منه.
المقدم المنشق عن الجيش السوري؛ إنه البطل حسين هرموش الذي سطّر بانشقاقه ملحمة الشرف الكبرى في أحلك الليالي على أبناء سورية الذين يتساقطون أمام آلة القتل الأسدية كالفراشات التي تحوم فوق النار. وقد فتح هرموش بانشقاقه الباب أمام جميع من أقدموا بعده على خطوة الانشقاق من جيش القتل والإرهاب، لتتوالى بعده المقاطع المسجلة لأولئك الأشاوس، وليثبتوا للعالم بما لا يدع مجالاً للريبة أن ما يحدث داخل السجن البعثي الكبير هو الإجرام والقتل والترويع والاغتصاب، لا كما تقول محطات التلفزة الرسمية الكاذبة وأبواقها المأجورة المرتزقة.اضافة اعلان
روايات القبض على المقدم حسين هرموش متضاربة، والاحتمالات مفتوحة على مصراعيها. فقائل يروي قصة عن عملية اختطاف للهرموش من الأراضي التركية على يد مجموعة استخبارات سورية خاصة؛ وآخر يقول بل تركيا سلمت الهرموش للسلطات السورية مجاناً؛ وثالث يؤكد أن العملية تمت بصفقة نصت على تسليم عدد من عناصر حزب العمال الكردي المعارض لتركيا مقابل الهرموش؛ ورابع يشير إلى أن المقدم المغوار لم يخرج أساساً من سورية، وقد ألقي القبض عليه أو وقع في الأسر باجتياح عدد من المدن والقرى في الشمال السوري.
وأياً تكن القصة، فالأكيد أن هذا الطائر البازي الحر وقع في شرك الصياد المجرم، فقام بعرضه على شاشة التلفزيون السوري، متجاهلاً كل القيم والأخلاق والأعراف بل القوانين والاتفاقيات الدولية المنظمة لحقوق أسرى الحرب، فما بالك بضابط من أبناء الوطن!
قُدِّم الهرموش في مقطع تدخّل فيه المونتاج عشرات المرات. وكان القطع واضحاً وفاضحاً في كثير من المرات. وقد أُلبس قميصاً ذا أكمام طويلة تخفي ما تحتها من ثقوب وجروح وقروح. ولم يكن خافياً على المتابع تلك الآلام التي يعاني منها الهرموش بسبب التعذيب النفسي والجسدي ليقول ما أملي عليه عنوة، مع الإشارة إلى أن ما أصاب هذا الرجل قبل اعتقاله كان عظيماً جداً؛ فقد سقط أخوه صريعاً في قريته، وقصفت القرية واجتيحت بالدبابات وقوى الأمن والشبيحة، ولا نعلم -مع أننا نرجح- إن كان الهرموش مهدداً باغتصاب نسائه ومحارمه كما حدث من ذي قبل مع الشيخ أحمد الصياصنة الذي قال ما قاله على "القناة الدنيا" بعد تقطيع جثة ابنه أسامة تحت جنزير الدبابة واحتجاز نسائه وتهديده باغتصابهن أمام عينيه إن لم يقل ما يريده أنصار الاسد.
العجيب أنْ يحدث كل هذا في سورية الأسد والعروبة والممانعة والصمود والتصدي والمقاومة والبطولة والتاريخ، ولكن الأعجب أن يستميت خالد العبود النائب "النائبة" المعروف بمربعاته ودوائره، وهو ابن درعا البريئة منه ومن أمثاله الذين يستميتون في الدفاع عن ربهم الأعلى الذي أمرهم بعبادته وبالكفر بما سواه من شعائر الإسلام وركائز التوحيد.
العبود خرج لنا على شاشة المنار مناقضاً فروع الأمن والتلفزيون الرسمي السوري قبل أن يبث مقابلة المقدم حسين الهرموش، ليؤكد هذا النائب البرلماني الممثل للشعب أن الانشقاقات في الجيش العربي السوري غير موجودة إطلاقاً، فمن الممكن -والكلام للنابغة خالد العبود- "أن تنشق الملائكة ولا ينشق ضابط في الجيش". ولم يشرح لنا العبود كيفية انشقاق الملائكة، وعمن سينشقون، وأين سيكونون بعد انشقاقهم، وبمن سيتصلون من المعارضة؟ وهي الأسئلة التي قدمها المذيع "المحقق" مع الهرموش في التلفزيون بكل ذكاء، وظهر فيها المقدم المنشق عميلاً لكل دول العالم بدءاً من تركيا ووصولاً إلى إسرائيل، مروراً بعبدالحليم خدام ورفعت الأسد ومحمد رحال وعدنان العرعور وأمير قطر وبندر بن سلطان وفرنسا وأميركا وغيرهم.
فقط في سورية الأسد يمكن أن تسمع رجلاً يضربه الأمن ليقول لا إله إلا بشار وماهر، وتشاهد عضو مجلس شعب يؤكد إمكانية انشقاق الملائكة واستحالة انشقاق أي عنصر في الجيش، وتتابع تلفزيوناً رسمياً يقوم بمهمة التحقيق مع "خائن للوطن" لكن ليس على الهواء مباشرة.