ثلاثة أسباب جعلت للمقال عذرا هذا الأسبوع، رغم أن العنوان الكبير قد يبدو مرتبطا بالحريات الشخصية والاختيارات الذاتية. لكن ومع أن كاتبة المقال امرأة ككثير من النساء المحبات للحقائب، وواحدة من السيدات اللواتي كن معجبات بفكرة حقيبة يد فارهة، ولو واحدة على الأقل في هذا العمر، إنما وبصراحة يمر المرء بتجارب إنسانية وعاطفية، ثم يتبعها أخبار أو أفكار مرتبطة بأحلامه الصغيرة أو الكبيرة سيان، مثل موضوع الاقتناء هذا؛ سيارة فارهة أو ساعة يد بآلاف عدة من الدنانير أو حقيبة يد موقعة من أفخم دور تصميم الحقائب اليدوية.
كل ذلك وغيره من الأسرار والكنوز المخبأة في الأدراج والمرائب، لا يجرؤ تسعون بالمائة من شعوب الأرض على تخيلها في محيطه، إلا عبر شاشات العرض التلفزيونية أو الالكترونية.
السبب الأول المرتبط بكتابة المقال، هو خبر اعتلاء مالك دار عالمية وشهيرة لتصميم الحقائب، سلم الرجال الأكثر ثراء لهذا الموسم. وحين تم التحقق من "قصة نجاح" الرجل، تبين بأن ثلثي زبائن محلاته الموزعة على بعض دول العالم من النساء العربيات!
نساء يتبارين لابتلاع وليس اقتناء الحقائب الأصلية ذات الروائح النفاذة، وعلب الحفظ الفارهة، من أجل عرضها في الحفلات والمناسبات لمرة واحدة، في بعض الأحيان، ناهيكم طبعا عن سيرك العرض عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والذي لم تعد النساء الشهيرات في عالم الموضة والفن قادرات على مجاراة هؤلاء النسوة اليائسات من السعادة والرضا، فقررن أن يشترينها بملايين، ولا أبالغ بالرقم، لحفظها أو رميها في زوايا الخزائن المكدسة، بينما ترتمي مداخيل هذه الحقائب في حضن رجل ذكي، يحسده أقرانه الأذكياء ورجال الأعمال والمشاهير الكبار، على لعبته البسيطة لجني الثروة. ملايين الدولارات يمكن أن تحل مصائب وليس مشاكل أمة بكاملها، يرتاد آلاف من طلبتها الصغار أشباه مدارسهم، بدون مقاعد ولا أدراج ولا دفاتر، ولا حقائب بطبيعة الحال!
السبب الثاني هو مصادفة وقوع عينيّ على فقرة كتبتها المؤلفة التركية إليف شافاق حول الموضوع ذاته في روايتها "بنات حواء الثلاث" وهي تصف سيدات المجتمع المخملي في حفلاتهن "كانت النسوة يستعرضن حقائب أيديهن كأنها تذكارات غنمت من معارك بعيدة. من يدري أي الحقائب أصلية وأيها مزيفة؟!"، وصفت شافاق السيدات المكبلات بسلاسل الموضة، وكأنهن الضحية والجلاد في الوقت ذاته، لأنهن لا يلوين على شيء إلا الاقتناء، والاقتناء فقط، وصلت إلى دفع بعضهن إلى قروض بنكية من أجل تحقيق هذا الهدف السامي! وبالمناسبة موضوع المزيف والأصيل في تلك البضاعة، تدخل به رهانات وأسواق سوداء وتجارة خلفية مخيفة، درت على أصحابها أرباحا موازية، لا أستبعد أن يتقاسمها المالك الأصلي معهم أساسا!
وأخيرا، وضمن برامج الأعياد التي بثت عبر الفضائيات العربية، والمعتمدة على إجراء لقاءات عفوية مع الناس في المولات والحدائق والشوارع، صادف أحد المذيعين سيدة في الأربعينيات تقريبا من عمرها، تعمدت حرفيا أن تغطي شاشة كاميرا البرنامج بحقيبة يدها الفارهة، وأخذت تتلوى بها بشكل فج جدا أمام استغراب الصحفي. وبعد أن عيد عليها وسألها عن اسمها، طرح عليها سؤالين مقابل هدية قسيمة شراء من أحد المحلات. السؤال الأول كان: ما هي عاصمة الجزائر؟ والسؤال الثاني: لماذا سمي عيد الأضحى بهذا الاسم؟
فجاءت الإجابتان كالآتي: عاصمة الجزائر هي جيبوتي. وعيد الأضحى لأن العرب يجب أن يتذكروا القدس ويضحوا من أجلها!