حقوقيون: الورقة الملكية خريطة طريق لبناء دولة مدنية يسودها القانون

جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي- (الجيش العربي)
جلالة الملك عبدالله الثاني، القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي- (الجيش العربي)

غادة الشيخ

عمّان - رأى محللون سياسيون وحقوقيون الورقة النقاشية الملكية السادسة وما حملته من مضامين ديمقراطية وقانونية وإصلاحية تشكل "خريطة طريق لبناء دولة مدنية ديمقراطية وآلية لإنفاذ مسيرة الاصلاح المنشودة".اضافة اعلان
ورأوا، في أحاديث لـ"الغد" أمس، أن الورقة تشكل وثيقة سياسية ثقافية متكاملة، مشيرين إلى أن "سيادة القانون هي المعبِّر الحقيقي والأساس الذي تُبنى عليه الديمقراطيات والاقتصادات المزدهرة والمجتمعات المنتجة"، حيث يتم الربط بين مسؤولية تطبيق وإنفاذ سيادة القانون بتحقيق المساواة والعدالة والنزاهة.
يقول المحلل السياسي ليث نصراوين إن سيادة القانون هي "من أهم مرتكزات الدولة الحديثة والنتائج المترتبة على نشوء الدولة وثبوت الشخصية القانونية والسيادة لها"، حيث تمارس الدولة أحكام هذه السيادة وفق نصوص قوانيها "بحيث يمتد نطاق تطبيقها لكل من الحاكم والمحكوم وأن تتحقق مبادئ المساواة دون تمييز بين الأشخاص وان اختلفوا بالعرق واللون والدين".
وأشار الى أن مبدأ سيادة القانون له مجموعة من الضوابط، أهمها أن يكون "القانون من صنع الدولة نفسها وأن تحترم فيه التزاماتها الدولية، وأن تكون هناك ضمانات قانونية وسياسية لحسن تنفيذ أحكام القانون"، لافتا الى أن هناك تطبيقا لسيادة القانون "لكن ليس بالشكل الكامل في بعض الحالات سواء من الادارة او السلطات أو الأفراد، حيث هناك من يغردون خارج السرب" فجاءت هذه الورقة الملكية للتذكير والتطبيق ايضا.
وفي رؤيته التحليلية، يبين المحلل السياسي رمزي خوري أن "الأردن دولة مدنية ديمقراطية نظريا، وأنه آن الأوان لأن نجعلها هكذا عمليا، ولا يمكن أن يتأتى هذا إلا عن طريق المساواة الحقيقية بين كافة المواطنين"، ففي الدولة المدنية "لا فرق بين أصول ومنابت ورجل وامرأة أو بالدين".
وقال "إذا لم نتخلص من "الهويات الفرعية وسؤال الأصل والفصل والديانة لتحديد المواطنة، فلا يمكن تحقيق العدالة وسيادة القانون، اللذين بدونهما لا يمكن أن ننهض بالاقتصاد ولا يمكن أن نصنع المستقبل".
وأضاف "علينا كشعب واحد أن نتوحد ونعمل معا من أجل هذا البلد القابع في منطقة ملتهبة، واستطاع أن ينأى بنفسه من الوباء المنتشر فأصبح نموذجا بالأمن وفي المرحلة المقبلة سنصبح نموذجا في الدولة المدنية الديمقراطية الحضارية".
ورأت الجمعية الأردنية لحقوق الإنسان على لسان رئيسها سليمان صويص في هذه الورقة استجابة ملكية للعديد من المطالب "خصوصا سيادة القانون كأساس لبناء الدولة المدنية"، مشددا على علينا أن "نتعاون حكومة وشعبا على بناء دولتنا على أسس مدنية حديثة لأن هناك قوى تريد للأردن أن يسير في طريق التعصب والتطرف والعيش في الماضي بدلا من العمل من أجل المستقبل".
وحتى تتحقق سيادة القانون بالكامل "يجب أن تمارس الصلاحيات الدستورية من خلال المؤسسات الشرعية المنوط بها تلك الصلاحيات وهذا يعني عدم وجود مركز سلطة يتمتع باستقلال ذاتي بحيث يضع نفسه فوق القانون" بحسب صويص.
ووصف الخبير الحقوقي كمال المشرقي الورقة النقاشية بأنها "خارطة طريق مهمة في مجال تعزيز الحقوق والحريات الأساسية في الأردن وتشكل قاعدة أساسية لبناء مرحلة جديدة تعتمد على فكرة تعزيز المواطنة من ناحية المسؤولية والمساءلة".
وأشار المشرقي إلى تركيز الورقة على "الاعتراف بالأدوار المختلفة لجميع مكونات الدولة لتعميق مفهوم سيادة القانون والعمل على بناء دولة المؤسسات بالإضافة إلى الرقابة على تنفيذها"، داعيا للأخذ بمضمون هذه الورقة وتفعيلها على أرض الواقع وتبنيها كخطة تنفيذية للمرحلة المقبلة.
بدوره دعا الخبير الحقوقي فادي القاضي الحكومة الى جعل هذه الورقة "فرصة للنقاش العام وهو أمر تفتقده الدولة الأردنية"، مبينا أن الورقة حملت في طياتها "تأكيدا مهما وغير مسبوق من قبل القيادة السياسية للبلاد لموضوع سيادة القانون وقدمت معالجة في إطار عام لكيفية إقامة مجرى العدالة في البلاد.
وتحدثت الورقة "بنفس إصلاحي عن مواضيع مهمة مثل فكرة التغول على سيادة القانون"، وهذا يشير، بحسب القاضي، إلى أن رأس الدولة أكد على "طرح سيادة القانون واحترام مبادئ العدالة والمساواة في الدستور والاتفاقيات الدولية".
واعتبر القاضي الورقة "رسالة مهمة لأجهزة الدولة بعدم جواز تغول السلطات التنفيذية على مبادئ سيادة القانون".
فيما اعتبر النائب قيس زيادين ما جاء في الورقة الملكية النقاشية "امتداد للبرنامج الوطني الاردني الذي يدعو اليه العديدون، من دولة مدنية قائمة على سيادة القانون والمواطنة والعدالة والمساواة"، لافتا الى ان الدولة المدنية "وكما قال جلالة الملك في الورقة "لا تعني أنها دولة علمانية".
ودعا زيادين الى تطبيق مضامين هذه الورقة على أرض الواقع، باعتبارها "استكمالا لفلسفة الدعوة للدولة المدنية الكاملة وسيادة القانون". مشددا على ضرورة اطلاق حملة توعوية "يساهم فيها الجميع وفق مفهوم الورقة، وبما يؤكد على أن الدولة المدنية لا تعني أنها دولة ملحدة، كما يحدث من لغط من قبل بعض التيارات احيانا".