حقوقيون يحذرون من تراجع الحريات أمام تقدم خطر الإرهاب

جانب من مسيرة حزبية وشعبية سابقة في عمان للمطالبة بإطلاق الحريات - (تصوير: أمجد الطويل)
جانب من مسيرة حزبية وشعبية سابقة في عمان للمطالبة بإطلاق الحريات - (تصوير: أمجد الطويل)

غادة الشيخ

عمّان- فيما يجمع حقوقيون ومراقبون على أن الأردن تمكن من المرور بنجاح من تحديات التغيير والاضطراب التي رافقت ثورات الربيع العربي، لتعزيزه واقع الحريات العامة واتخاذ خطوات واجراءات اصلاحية عديدة، فإن نشطاء حقوقيين يرون أن الحريات العامة تشهد اليوم نوعا من التراجع "الواضح"، خاصة بعد تفعيل نصوص في قانون مكافحة الإرهاب، في أكثر قضية تعبير أو تعليق على مواقع التواصل الاجتماعي. اضافة اعلان
ويرى هؤلاء الحقوقيون أن الأردن سجل موقفا متقدما في احترامه للحريات العامة والإعلامية ولحرية الرأي والتعبير، مع انطلاق رياح التغيير العربية منذ نحو أربع سنوات، ما دعم استقراره وأمنه في إقليم مضطرب، دفعت العديد من دوله من أمنها واستقرارها الكثير، جراء معاندتها أبسط حقوق مواطنيها، لكن العديد من النشطاء والحقوقيين يسجلون تراجعا "واضحا" في أجواء الحريات العامة خلال الاشهر القليلة الماضية، ومؤكدين ضرورة التزام الحكومة بالنهج الرسمي السابق، وعدم التوسع في احالة قضايا التعبير والرأي إلى محكمة أمن الدولة، واستنادا، في الغالب، على قانون مكافحة الإرهاب المعدل.
الحكومة، وكما يعبر المنسق الحكومي لحقوق الإنسان باسل الطراونة، تبدي ارتياحها حيال حالة الحريات في الأردن، ويؤكد الطراونة، لـ"الغد" أن حرية الرأي والتعبير هي من الحريات الأساسية، والداعم الرئيسي للديمقراطية المكفولة بموجب الدستور الأردني.
وشدد الطراونة على أنه "لا يجوز تقييد هذا الحق الا بموجب شروط محددة، مع ضرورة تنظيم هذه الشروط في إطار قانوني واضح ومعلن، دون استخدام عبارات فضفاضة".
وأضاف أنه "انطلاقا من إيمان الدولة بأهمية هذا الحق، حرص المشرع الأردني على وضع ضمانة دستورية له، كما سعى الى تنظيم حرية الرأي والتعبير وإتباعها بالمسؤوليات والحقوق الأخرى"، لافتا إلى أنه "وفي خضم الحديث عن المسؤوليات، فقد وضع المشرع الأردني محددات الحق في حرية الرأي والتعبير، مستندا الى مبدأ أساسي، هو ضرورة صون كرامة الإنسان وحصانته".
وقال: "إن ما تشهده المنطقة العربية من أحداث متتالية وملتهبة، وما يتمتع به الأردن في ظل هذه الأحداث من أمن وأمان واستقرار وتوافق على قيادته الهاشمية، وتوجيهاتها الداعمة لحركة الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية، فإن الأردن بات يشكل نموذجا يستحق الاحترام"، مستدركا: "إن التوازن في منظومة الحقوق مقابل الحفاظ على الأمن الداخلي ما يزال يشكل تحديا كبيرا للعديد من الدول حتى المتقدمة منها".
بدورها، تقرأ مقررة لجنة الحريات في مجلس النواب النائب وفاء بني مصطفى حال الحريات اليوم، من واقع أن الأردن "كان يمثل حالة استثنائية في ظل ما يشهده المحيط، وذلك من خلال اتباعه سياسة مغايرة لما اتبعته الدول التي طالتها رياح التغيير، واستطاع أن يتعدى مرحلة صعبة جدا".
وتضيف بني مصطفى: "للأسف حاليا، تتعامل بعض الجهات مع هذا النجاح، بعقلية المنتصر، بدلا من أن تعزز المفهوم الحضاري للدولة، المعزز للحريات، والذي يعد ركيزة أساسية لترسيخ الأمن والاستقرر"، موضحة: "آن الأوان لتغيير هذه العقلية في طريقة التعامل، ولنتذكر أن هذه الطريقة كانت سبب ثباتنا في العاصفة".
وتتابع: "تزايد الخوف من الإرهاب والتنظيمات الارهابية، أدى الى طغيان المفهوم الأمني على المفاهيم الأخرى، في حين كنا نتبع مفهوم التعددية والديمقراطية، التي هي أهم ركائزنا الأمنية".
وتشير إلى أن "حالة التراجع في الحريات اليوم سببها تعديلات تشريعية، وجزء منها ساهم في تقييد الحريات، مثل قانون منع الإرهاب، فضلا عن الانتقائية في سياسة اعتقالات لناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي".
وقالت إن "الأردن يجب أن يمضي قدما في تعزيز الحريات، وهي التي تعد الوصفة الأكثر نجاحا لضمان الاستقرار والأمن".
اما رئيسة لجنة الحريات في نقابة المحامين المحامية نور الإمام، فترى أن حالة حرية الرأي والتعبير "تشهد تراجعا، ومؤشر ذلك إحالة عدد من الناشطين السياسيين على مواقع التواصل، الى القضاء بتهم تستند لقانون منع الإرهاب، وتحويلهم الى محكمة أمن الدولة تحت مسميات وتهم تتعلق بتقويض نظام الحكم، او تعكير صفو العلاقات مع دولة شقيقة وغيرها من التهم".
وأكدت الإمام أن حرية التعبير "مقدسة وضمنها الدستور الأردني"، وأن "مبررات الدولة لتقييدها اليوم تتعلق بالحالة الإقليمية والأمنية، ما يجعلها تفرض قيودا على مواطنيها، حتى إن المواطنين أنفسهم أصبحوا يفرضون قيودا على أنفسهم".
وقالت إن "الأردن نهج منهجا اصلاحيا، وهذا التراجع في حالة حرية التعبير غير محمود في استكمال مسيرة الإصلاح وسعي الدولة لتعزيز الديمقراطية".
أما الخبير الحقوقي الدكتور علي الدباس فيرى أن "من المفترض أن لا تتراجع حالة الحريات في الأردن، في ظل الظروف التي تواجهه، لأن ما يساعد الدولة على تجاوز أزمات الإقليم هو توفر قدر كاف من الحريات ومن ركائز النهج الديمقراطي".
ويضيف الدباس أنه "من الأولى ألا يتراجع مؤشر الحريات في الأردن، بل على الدولة أن تسعى لتعزيز تلك الحريات والتنبه للأخطاء السابقة".