حقوق الإنسان تعاني في أزمة كورونا

شهدت حقوق الإنسان خلال أزمة كورونا تراجعا في عدة قطاعات وخاصة في الحقوق الصحية والتعليمية والاقتصادية. علما ان احترام هذه الحقوق يصبح أكثر أهمية في هذه الازمات التي تمر بها الشعوب، وضمان هذه الحقوق يصبح امرا مهما في هذه اللحظات الصعبة، لانه بحماية هذه الحقوق يمكن رص الصفوف وتقويتها في مواجهة الخطر المقبل.اضافة اعلان
الاخفاقات الممنهجة في أنظمة الرعاية الصحية، حتى في أقوى الدول وأغناها، مع عدم المساواة بين الناس في الحقوق الأساسية؛ مثل التعليم والصحة، بينت الفوارق الكبيرة بين طبقات المجتمع نفسه. وستزداد هذه الفجوة أكثر بعد عودة الناس إلى حياتهم العادية، وذلك بسبب تداعيات الأزمة وآثارها على الطبقات المتوسطة والفقيرة.
العالم واجه تحديات عديدة اقتصادية واجتماعية وبيئية خلال كورونا، والكل تأثر بها ولكن هناك فئات متضررة أكثر من غيرها كذوي الإعاقة وكبار السن والنساء والأطفال واللاجئين، وكذلك عمال المياومة الذين يعتبرون أكثر الفئات التي تضررت اقتصادياً.
القطاع الصحي كان له النصيب الأكبر من التضرر خلال أزمة كورونا ؛ فكمية الإصابات العالية ونسب الوفايات المرتفعة والتخبط في القرارات الحكومية وسوء التخطيط لما هو مقبل وعدم إدارة المبالغ- التي رُصدت من قبل الدولة وتبرعات الناس- كلها عوامل أدت إلى تدني الخدمة الطبية المقدمة للمرضى وخاصة في القطاع العام.
اما من ناحية حماية الأطباء والعاملين على خط المواجهة؛فانه لم تتوفر معدات حماية كافية للعاملين في أخذ العينات وتم اجبار الأطباء خاصة المقيمين منهم على أخذ عينات وفِي ظروف غير صحية مع عدم توفير خدمات لوجستية مثل وجبات أكل ولا وسائط نقل جيدة. وبرأيي اثر ذلك على دقة الفحوصات حيث كان بعض الذين يأخذون العينات يأخذونها من «طرف الأنف» وليس من مكانها الصحيح .
مع عدد الإصابات الكبير بين مقدمي الخدمة الطبية في القطاع الصحي من (اطباء وممرضين) ومع قلة عدد المُدَربِين بالأصل في هذا المجال وعدم استغلال الأشهر السابقة في تدريب اطباء وممرضين نرى الانحدار السريع في المنظومة الصحية، والضغط المستمر والمتزايد عليها والخوف من انهيارها.
القطاع الاخر الذي تضرر ايضا هو قطاع التعليم؛ حيث بقي الطلبة من منتصف شهر آذار الماضي في بيوتهم وتحول التعلم كله عن بُعد، واصبح هناك عدم مساواة بين الطلبة … فالغني يضع ابنه في مدرسة خاصة ويجلب أفضل جهاز كمبيوتر ويستخدم أحسن شبكة إنترنت ويأخذ تعليما متواصلا، اما الفقير فلا تعليم له ؛لانه بكل بساطة -لا يستطيع توفير أي شيء مما ذكرناه سابقاً .اما المعلمون وبالذات في القطاع الخاص فقد تم تسريح جزء كبير منهم، والجزء الاخر تم خصم نسب مالية منهم -وهذا تم تحت عذر عدم وجود الطلبة وعدم تسديد الاقساط .
أزمة كورونا كشفت معاناة الطبقة الفقيرة وهشاشة الطبقية الوسطى في المجتمعات -وخاصة العربية منها -. لذلك يجب ان نرى تضامنا أكبر داخل المجتمعات، إذا أرادت أن تحافظ على وحدتها واستقرارها، وهو ما سيجعل الصراع الطبقي محرك المستقبل.