حقوق الإنسان.. سردّية أصيلة في نهج الملك

00006
00006

هديل غبّون

عمّان – لا يغيب خطاب حقوق الانسان وصون الحريات العامة، عن الخطاب الملكي كسردّية أصيلة، في مختلف المناسبات ومتوالية الأوراق الملكية والتوجيهات الرسمية للسلطات الثلاثة، وحملت مسيرة جلالة الملك عبدالله الثاني محطات مفصلية، رسمت خريطة طريق للنهج الحقوقي على قاعدة "الإنسان أغلى ما نملك".اضافة اعلان
ولم يخل أي من خطابات العرش، من التأكيد الملكي في تكليف كل الحكومات المتعاقبة، على التزامها بترسيخ مبادئ المواطنة والانتماء، وبالنهج الديمقراطي تحقيقا للتعددية السياسية واحترام رأي الأغلبية وحقوق الانسان. 
وشكلت الزيارات الميدانية الملكية لمدن وأرياف وبوادي ومخيمات المملكة، تجسيدا حيّا للتعرف الى أحوال الأردنيين عن قرب، ورسائل مباشرة عن الحرص الملكي، على تحسين معيشة الاردنيين، والاهتمام بالفئات الاكثر عرضة للانتهاك، ككبار السن والاطفال والايتام وذوي الاعاقة والنساء، ودعوات محاربة الفقر والبطالة.
وطالما شكلت مسيرة الاردن الديمقراطية، الضمانة لحماية حقوق الإنسان الأردني وحرياته وكرامته، والدعوة الدائمة للالتزام بروح الدستور الأردني، لحماية هذه المسيرة من التراجع في الخطابات الملكية، وكان الحرص على إجراء الاستحقاق الدستوري للانتخابات البرلمانية في التاسع من تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، رغم ظروف جائحة كورونا، محاكاة حقيقية لترسيخ الديمقراطية وحقوق الانسان.
وظهر الغضب الملكي في عدة مواقف، لوقوع انتهاكات بحق المجتمع وحقوقه، من بينها التغريدة الملكية، التي أعقبت إجراء الانتخابات البرلمانية، وقال فيها "المظاهر المؤسفة التي شهدناها من بعضهم بعد العملية الانتخابية، خرق واضح للقانون، وتعدٍ على سلامة وصحة المجتمع، ولا تعبّر عن الوعي الحقيقي للغالبية العظمى من مواطنينا في جميع محافظات الوطن الغالي. نحن دولة قانون، والقانون يطبق على الجميع ولا استثناء لأحد".
وحتى في خضم الأزمات، تصدرت مراعاة حقوق الانسان والالتزام بمنظومة العدالة الاجتماعية الاهتمام الملكي، عندما شدد جلالة الملك على الحفاظ على حقوق الانسان، مع جائحة كورونا في آذار (مارس) 2020، وصدرت الأوامر بتفعيل قانون الدفاع، عندما أمر جلالته الحكومة بأن "يكون تطبيق قانون الدفاع والأوامر الصادرة بمقتضاه، في أضيق نطاق ممكن، وبما لا يمس حقوق الأردنيين السياسية والمدنية، ويحافظ عليها، ويحمي الحريات العامة والحق في التعبير، التي كفلها الدستور وفي إطار القوانين العادية النافذة، وكذلك ضمان احترام الملكيات الخاصة، سواء أكانت عقاراً أم أموالاً منقولة وغير منقولة".
وفي خضم زخم هذه السردّية بالتوجيهات التي شكّلت نبراسا للمؤسسات كافة في البلاد، تعدّ الخطة الوطنية لحقوق الانسان التي أشهرت في 2016، وشكلت لجنة صياغتها آنذاك بتوجيهات ملكية، منهجية حقيقية لتفعيل منظومة حقوق الانسان في الأردن على مدار أكثر من 10 أعوام، حيث خضعت لمراجعة أولى في شباط (فبراير) 2020، وستخضع لمراجعة ثانية، لتجويد مخرجاتها ووضع مؤشرات قياس على تنفيذها.
كما أكد جلالة الملك، أهمية استمرار التعاون بين الحكومة والمركز، لتعزيز حالة حقوق الإنسان في الأردن مرارا، وخاصة ما يتعلق بالإسراع بتنفيذ مخرجات الخطة الوطنية الشاملة لحقوق الإنسان للأعوام 2016 – 2025.
والتقط النهج الملكي مبكرا الحاجة الى تطوير منظومة حقوق الانسان وتعزيز الحريات العامة والديمقراطية، فوجّه إلى تشكيل لجنة الحوار الوطني في 2011 شكلت مفترقا على طريق تعزيز حقوق الانسان وماتبعها من تشكيل لجنة ملكية لمراجعة نصوص الدستور الأردني. وشهدت الأعوام العشرة الماضية، محطات بارزة في مأسسة حالة حقوق الانسان في البلاد بتوجيه ملكي، من أهمها ايضا توجيه الحكومة في 2005 لتشريع قانون لتأسيس هيئة لمكافحة الفساد، اضافة الى إنشاء المركز الوطني لحقوق الانسان في 2006.
وقطع الاردن شوطا كبيرا في التزاماته الدولية طوعا في ملف حقوق الانسان، عندما صادق مبكرا على العديد من المعاهدات الدولية، وانخرط طوعا في المراجعة الأممية لحقوق الانسان في مجلس حقوق الانسان الذي يقام كل اربعة أعوام للدول الأعضاء في الامم المتحدة، وهي عملية فريدة لاستعراض حالة حقوق الانسان في كل بلد بدأت في 2008، لتحسين أوضاع حقوق الانسان في ملفات عديدة، وغيره من الالتزامات والآليات التعاقدية وغير التعاقدية. 
وفي مبادرة ملكية استثنائية، أرسى جلالة الملك نهجا تعزيزيا لتأكيد حقوق الانسان، عبر كتابة الاوراق النقاشية الملكية السبعة منذ صدور الورقة الأولى بعنوان "مسيرتنا نحو بناء الديمقراطية المتجددة" نهاية 2012، حتى صدور الورقة النقاشية السابعة بعنوان "بناء قدراتنا البشرية وتطوير العملية التعليمية جوهر نهضة الأمة" أواسط 2017 .  
وناقشت الاوراق الملكية قضايا التعليم، وسيادة القانون كأساس للدولة المدنية والاصلاح السياسي، لتعزيز المشاركة الديمقراطية ورفض الواسطة والمحسوبية، وتطوير الجهاز القضائي .
وركزت الاوراق خاصة الورقة الخامسة في 2014، على أبرز المنجزات الديمقراطية، بما في ذلك انشاء الهيئة المستقلة للانتخاب وانشاء المحكمة الدستورية، واستمرار الدعم للمركز الوطني لحقوق الانسان، والدعوة للبناء على المبادرات الريادية الشبابية وبرامج التمكين الديمقراطي لهم، والتطلع لاستمرار عمل منظمات المجتمع المدني وبناء قدراتها لخدمة المواطنين، وشكلت الاوراق جميعها، للمساهمة في إثراء الحوار الوطني حول النموذج الديمقراطي الاردني، وتعزيز ادوات المواطنة الفاعلة.