"حقوق الإنسان" ينتقد انتهاك حقوق محتجين على إجراءات الحكومة الاقتصادية

عمان- الغد- انتقد المركز الوطني لحقوق الإنسان ما قال إنه "انتهاك الحكومة وأجهزة إنفاذ القانون لمعايير دولية في التعامل مع قضايا الاحتجاجات السلمية التي قام بها مواطنون مؤخرا ضد الإجراءات الرسمية الاقتصادية والمالية" الأخيرة.  اضافة اعلان
وقال، في بيان صدر عن المفوض العام للمركز د. موسى بريزات أمس، إن الاجراءات الاقتصادية الرسمية "لا سيما رفع جميع أشكال الدعم المباشر عن مادة الطحين، والسلعة الحيوية وذات الرمزية الخاصة، نتجت عنها زيادة الأعباء على كاهل المواطن، زادها ما رافق تلك الخطوة من مضاعفات شملت ارتفاع الأسعار، وبشكل خاص أسعار الطاقة".
ورأى أن "التعديلات المقترحة على قانون ضريبة الدخل والتي تسربت قبل الإعلان عنها رسمياً، ضاعفت من قلق المواطنين وأحدثت أثرها السلبي لدى الجمهور كونها تعد مجحفة بحق شريحة واسعة من المواطنين من ذوي الدخل المحدود والطبقة الوسطى، باعتبارها تحيد عن مبدأ (التكليف التصاعدي مع تحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية) الذي نصت عليه المادة 111 من الدستور".
وفي السياق ذاته، أشار المركز إلى أن "الاحتجاجات السلمية التي نفذها مواطنون رفضا لتلك الإجراءات، لم تقتصر الهتافات والشعارات التي أطلقها المحتجون فيها على الاعتراض على إجراءات الحكومة المالية والاقتصادية، بل تجاوزت ذلك للتنديد بالحكومة وبسياساتها بشكل عام، مطالبة برحيلها، وبضرورة تغيير النهج الاقتصادي بشكل جذري والجدية في محاربة الفساد المقونن وتحقيق الإصلاح السياسي".
وقال: "وجه المحتجون خطابهم إلى رأس الدولة، معتبرينه العنوان الفعلي الذي تجب مخاطبته في هذا الشأن، كون مجلس الوزراء لم يعد يمتلك الولاية العامة ولا يمارسها وفق النظرة السائدة لدى جمهور المواطنين، ولا شك أن ذلك يمثل خللاً أساسياً في البنية الدستورية للدولة والنظام السياسي".
وتابع: "خرجت تلك الهتافات والخطابات والشعارات في حالات عن المستوى والنطاق الذي يحميه الدستور والمعايير الدولية ذات الصلة لتمس سمعة الأشخاص وكرامتهم، بما في ذلك رأس الدولة وأسرته، ما يجعل مساءلة أصحابها قضائياً ممكنة ومشروعة وفق هذه المعايير".
وفي السياق ذاته، قال المركز إن "إجراءات الحكومة بالمقابل وأجهزة إنفاذ القانون، انتهكت المعايير ذاتها والتي يكفلها كل من الدستور والصكوك الدولية، لا سيما الإجراءات المتعلقة بحجز الحرية، وضمانات المحاكمة العادلة، والحجز الانفرادي في الزنازين لأشخاص لا تنطبق عليهم مواصفات (موقوفين خطرين)، وطول أمد التوقيف القضائي، والإحالة إلى محكمة أمن الدولة على أفعال وتهم لا تعتبر من الجرائم التي هي من اختصاص هذه المحكمة، بصرف النظر عن موقف المركز من استقلالية هذه المحكمة ودستورية محاكمة مدنيين أمامها بتهم غير تلك التي يتضمنها قانونها".
وأشار المركز إلى "تلقيه شكاوى وادعاءات تفيد بأن بعض المسؤولين في أجهزة إنفاذ القانون، قد انخرطوا في ممارسة ضغوطات بأشكال مختلفة على الموقوفين، للتأثير على قناعاتهم وحرية الضمير والرأي لديهم،(...) مقابل تسريع إطلاق سراح أبنائهم المحتجزين لدى هذه الجهات بتهم المساس بالسمعة والتطاول على رأس الدولة".
وأضاف: "غني عن القول إن مثل هذه الادعاءات ــــــ في حال ثبوتها ـــــ تعد ممارسة غير مسبوقة وغير مقبولة، وتمثل انتهاكاً جسيماً للحق في حرية التعبير وممارسة النقد والمساءلة للموظف العمومي؛ إذ إن مسؤولية الدولة هي ضمان هذا الحق للمواطنين وحماية ممارسته بدون استثناء هي مسؤولية الدولة وحدها، ولا يجوز تعريض هذا الحق أو إخضاعه لأي قيود أو محددات باستثناء ما نصت عليه المواثيق ذات الصلة، لا سيما المادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حد سواء، وذلك لحماية حقوق الأشخاص وسمعتهم في هذه الحالة".
واعتبر أن "تجاوز أي مؤسسة أو جهة رسمية لمسؤولية الدولة يعد انتهاكاً جسيماً لمبدأ حكم القانون الذي نادى به جلالة الملك، ويأتي في صميم الدستور، وأنه يمس بمبدأ حيادية مثل هذه المؤسسات الرسمية تجاه مختلف فئات المجتمع، وبالتزامها كجهة إنفاذ القانون بتطبيق مثل هذا القانون وحماية الحقوق للجميع بدون تمييز".
ورأى أن "التضييق على الحق في الاحتجاج السلمي ومساءلة السلطات والمسؤولين على الانتقاد للسياسات العامة والممارسات غير السليمة لا يخدم الأمن أو التنمية، وينال من حيوية المجتمع ومناعته، مثلما يضعف الثقة بين المواطن والدولة، ويساعد على خلق بيئة مواتية لاستشراء الفساد والسلطوية والمحسوبية؛ وهذه مجتمعة تمس حكم القانون وشرعية الحكم".
وبين أن على "الدولة وأجهزتها هي ضمان الحق في الاحتجاج والنقد (دون التجريح) أو الشتم والإساءة الشخصية، ومحاسبة من يقترف مثل هذه الإساءة لكرامة الآخرين وسمعتهم، على أساس القانون الذي لا يمكن أن يكون قانوناً إذا لم يكن دستورياً وضامناً لحقوق الإنسان".
ودعا "في هذه الظروف غير العادية (داخلياً وخارجياً) التي تمر بها البلاد والمنطقة، بأن تتضافر جهود جميع السلطات والمؤسسات المعنية للحفاظ على الإنجازات التي حققها الأردن في مجال احترام حقوق الإنسان وحكم القانون، وذلك بخضوع الجميع لسلطانه دون استثناء، والتنبه دائماً الى أن حماية هذه الحقوق، وجوهرها احترام كرامة المواطن والإنصات لصوته وحفظ حقه في مخاطبة السلطات العامة ومساءلتها، هو جوهر الأمن الناجز".