حقوق النساء الأفغانيات على مفترق طرق

افتتاحية - (النيويورك تايمز) 15/8/2012

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

يمكن أن تكون أفغانستان أرضاً قاسية وصلبة بشكل خاص بالنسبة للنساء والفتيات. ويخشى الكثيرون من أن تصبح النساء الأفغانيات أكثر انكشافاً وضعفاً أمام العادات القبلية القاسية والرجال الذين يفرضونها، بعد انسحاب القوات الأميركية مع حلول نهاية العام 2014.
وكانت حقوق النساء في أفغانستان قد حققت مكاسب متواضعة، وإنما مشجعة، على مدار العقد الماضي. لكن هذه المكاسب يمكن أن تتلاشى في غياب التزام قوي للحفاظ عليها والتقدم بها من جانب القادة الأفغان وواشنطن والشركاء الدوليين الآخرين.
وقد تم رفع القيود الصارمة على النساء في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، وهي القيود التي كانت حركة طالبان قد فرضتها على الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية والعمل قبل طردها من السلطة في أعقاب أحداث 11 أيلول (سبتمبر). وخاضت النساء الأفغانيات المنافسات على المناصب الحكومية، وباتت تُسند إليهن المناصب الحكومية، وغدون أكثر انخراطاً في المجتمع الأفغاني. وتعمل بعض النساء، في الأثناء، في أعمال خاصة لهن. وقد ضمن دستور العام 2004 الحقوق المتساوية للنساء. وفي العام 2009، حظر قانون جديد ممارسة العنف ضد النساء، ووضع عقوبات جديدة على تزويج القاصرات وزواج الإكراه والاغتصاب وغير ذلك من إساءات المعاملة. وينخرط عدد أكبر من الفتيات في المدارس، بينما انخفضت معدلات الوفيات بين الأمهات لدى الوضع.
وما يزال هناك، بالطبع، الكثير الذي يحتاج إلى عمله. فثمة أكثر من نصف الفتيات الأفغانيات ما يزلن غير منخرطات في المدارس. أما اللواتي انخرطن، وهن قلة، فسيستغرقن وقتا طويلا حتى يتخرجن. وفي الأثناء، يظل التخويف شيئاً اعتيادياً في أفغانستان، وما تزال الفتيات يتعرض للهجمات، وحتى الرشق بالأسيد لمنعهن من الذهاب إلى المدارس. وليس من غير الاعتيادي، خصوصا في المناطق الريفية، أن تقدم بعض العائلات على مقايضة بناتهن في الزواج، أو إجبارهن على ممارسة الدعارة لتسوية ديون مترتبة عليها. وكثيراً ما ينتهي المطاف بالزوجات اللواتي يلقين معاملة سيئة من أزواجهن وقد زج بهن في السجن، بدلاً من معاقبة الذين يسيئون معاملتهن.
ووجدت دراسة حديثة لمنظمة "هيومان رايتس ووتش"، التي قابلت 58 امرأة وفتاة في السجن، بأن نصفهن سجنّ لأنهن ارتكبن أعمالاً لا يمكن لأي عاقل اعتبارها جريمة؛ مثل الهروب من حالات إساءة المعاملة. ونادراً ما تجري ملاحقة الأشخاص الذين يجبرون النساء على الزواج، غالباً في سن مبكرة، أو يخضعوهن للعنف، كما قالت المنظمة. وتتلقى الإناث الضحايا القليل من الدعم من جانب الشرطة والقضاة، كما أنهن يواجهن الظلم الإضافي المتمثل في معاقبتهن لارتكابهن "جرائم أخلاقية" مثل الزنا. وتقول المجموعة إن تجريم الزنا يتناقض مع الالتزامات الدولية التي تعهدت بها أفغانستان.
لكن هناك حالات نادرة مسجلة للانتصار للنساء في البلد. فقد أوردت صحيفة التايمز يوم السبت الماضي أن محكمة الاستئناف أيدت أحكاماً بالسجن لمدة عشرة أعوام لكل واحد من الأصهار الذين عذبوا فتاة تبلغ من العمر 13 سنة لرفضها التحول إلى عاهرة، أو لممارسة الجنس مع الرجل الذي أجبرت على الزواج منه.
وفي الأثناء، يبقى سجل الرئيس الأفغاني حامد كرزاي في مجال حقوق النساء أقل من مشجع. فبينما عفا عن نساء اتهمن بجرائم أخلاقية، فإنه فشل في إنفاذ قانون منع العنف ضد النساء بشكل قوي. وفي آذار (مارس) الماضي، وقع على فتوى من أعلى مجلس ديني في البلاد تنص على أن النساء تابعات للرجال. ومع تفحص حكومته والولايات المتحدة مباحثات السلام مع طالبان، يعرب العديد من الناشطين عن القلق من احتمال التضحية بمصالح النساء كجزء من صفقة استراتيجية.
وتصر إدارة اوباما على أن شيئا من هذا القبيل لن يحدث. وكان أحدث التصريحات في هذا الصدد قد جاء في مؤتمر المانحين في طوكيو في شهر تموز (يوليو) الماضي، عندما وعدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري رودهام كلينتون بأن "الولايات المتحدة ستستمر في الوقوف بقوة إلى جانب النساء الأفغانيات". ويترتب عليها وغيرها من القادة الغربيين الاستمرار في حث السيد كرزاي على اتباع ذلك الاتجاه، حتى وهم يستثمرون في برامج المدارس والمعلمين والملاجئ وحكم القانون. وراهناً، تبدو واشنطن وغيرها من المانحين مهتمين بشكل رئيسي ببناء جيش مكلف في أفغانستان، وفي وضع اللمسات النهائية على مشاريع في البنية التحتية.
لكن ثمة نقطة مضيئة، هي أن المزيد من النساء الأفغانيات يظهرن وقد وجدن صوتهن، ولم يكن متساهلات في الدفاع عن حقوقهن الخاصة. لكنه يجب على كل الأفغان أن يستثمروا في تمكين النساء. وكما قالت السيدة كلينتون، فإن ثمة الكثير من الدلائل على أنه لا يمكن لأي بلد أن ينمو ويزدهر في عالم اليوم، إذا تعرضت النساء فيه للتهميش والقمع.
*نشر هذا المقال تحت عنوان:
The Women of Afghanistan

اضافة اعلان

[email protected]