حقيقة الشبيحة وأصابع فرزات

أن تنتقد النظام في سورية أو تطالب بالحرية أو بحقك في الحياة والأكل والهواء والماء، فهذا يعني أنك مندس وجرثومة وسلفي وعميل ومتآمر وقابض نقوداً من بندر بن سلطان وساركوزي وإسرائيل وأميركا وتركيا. أما أن تقوم بقتل الناس أو فقء عيونهم أو "تقديح" أجسادهم بالمثقب الكهربائي أو حرمانهم من أصابعهم التي يكتبون أو يرسمون بها، فأنت وطني ابن وطني حتى لو أطلق عليك الأعداء لقب "شبّيح".اضافة اعلان
هذه هي المعادلة التي يقدمها النظام السوري بدءاً من بشار الأسد وانتهاء بأبواقه التي أصبحت ممجوجة أكثر من قطعة بطيخ وضع عليها أحدهم ملحاً، وهم من أمثال طالب إبراهيم وأحمد الحاج علي وشريف شحادة وبسام أبوعبدالله وغيرهم، والذين أصبحوا نجوماً إعلامية "غير مضيئة" على شاشات الجزيرة والعربية والـ BBC، وحقيقتهم أقرب ما تكون إلى التشبيح الإعلامي البشع الذي مورس من ذي قبل في أماكن أخرى، وعاد على أصحابه بالندم الكبير. فشبيحة الإعلام المصري على عهد المخلوع مبارك هم إلى الآن حيارى من أمرهم، وأظن أنهم سيبقون كذلك إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً، ويحاسبهم الشعب المصري على تشبيحهم الإعلامي، وسيدة التشبيح الليبي القذافية الشهيرة هالة المصراتي وجدت نفسها في "زنقة زنقة" بين أيدي الثوار، فاضطرت إلى التخلي عن كل ثوابتها السابقة لتعترف أن الثوار حكام شرعيون لليبيا، وأن الشعب كله سواسية سواء كان من موالي "الجرذان" أم من موالي القذافي العبقري.
في جميع الأحوال فإن ما يحدث في سورية لم يحدث في مكان آخر على مر التاريخ، حتى لو أدخلنا في أمثلتنا ممارسات تل أبيب مع الفلسطينيين أو جنوب أفريقيا فيما قبل مانديلا أو ألمانيا الهتلرية أو يوغسلافيا أيام سلوفودان ميلوزوفيتش أو غيرهم من مجرمي التاريخ.
علي فرزات غني عن أن أعرّفه بكلمات تبيّن تاريخه في فن الكاريكاتير، وكيف جعله سكّيناً على رقاب الظالمين، ولعله يفكر الآن وهو راقد على سرير الحياة، ولن نقول سرير الموت أو المرض تفاؤلاً، يفكر كيف سيبدع بعد اليوم قصيدة كاريكاتيرية بأنامله التي سحلت بأسلحة مجموعة (ليست إرهابية أبداً) من عناصر الأمن الإيراني.. عفواً السوري، في ساحة الأمويين، ولعلهم اختاروا هذا المكان لعملية الكوماندوس ضد علي فرزات انتقاماً من الأمويين الذين سلبوا الخلافة من آل البيت منذ ألف وأربعمائة عام، فوجدوا فرزات فريسة يردون فيها الدين لأصحابه في ساحتهم، ولعلهم لم يقضوا عليه نهائياً فقط لأن اسمه (علي).
نحن لا نستغرب أن يفكر هؤلاء الشبيحة بطريقة ساذجة كهذه، حيث إن القناة الإخبارية السورية ماتزال تؤكد أنه لا يوجد مظاهرات مناهضة للنظام في سورية، وأن الناس الذين يتجمعون عقب صلاة الجمعة يفعلون ذلك شكراً لله على النعم التي هم فيها، أو استسقاء لله كي ينزل عليهم المطر، فيرفعون أيديهم شاكرين الله وطالبين المزيد، لكن هذه القناة لم تقل لنا لماذا السلفية التكفيرية تقتل هؤلاء؟ هل هم أصحاب بدع في دعاء الله بنزول المطر ويستحقون الموت على بدعهم الشركية هذه؟
آخر النكت المضحكة المبكية الواردة من سورية فيلم يقوم بتصويره عناصر من الأمن العلوي والشبيحة بالتعاون مع أبناء عمهم في حزب الله اللبناني وأبناء خالتهم في الباسيج الطهراني، هذا الفيلم يتضمن عمليات مقاومة مسلحة من قبل عصابة تطلق النار والقنابل على مدرسة في اللاذقية يوم الجمعة 26/8/2011، وهو ما سمي في الثورة السورية بجمعة الصبر والثبات، ولكن المخجل للنظام في سورية أنهم بثوا هذا الفيلم على اليوتيوب يوم الخميس 25/8/2011، أي قبل حدوث الأمر بيوم، ثم قام أحد الشبيحة ببيع الفيلم من دون مونتاج لبعض الثوار ليكتشف المتابعون الحقيقة التي يبثها النظام في قنواته الإعلامية.
فتأملوا إلى أي حد بلغ التخبط والغباء في نظام أثبت أنه تلميذ نجيب بمدرسة القذافي الأسطورية لتعليم فن الكذب المفضوح. ولا ننسى أن القذافي بقيت له محطة فضائية واحدة الآن لم تقع بيد الثوار هي "الرأي" العراقية التي تبث من سورية، وتنقل بطولات القذافي وأبنائه في دحر "الجرذان الخوارج الكفرة" خارج ليبيا.

[email protected]