حقّ الاحتفال برأس السنة !

ولا أقصد هنا الحق الشخصي للأفراد، لكنني أتحدث عن حق الشعوب والدول.
فهل من حق مَن لم يقدم شيئاً خلال العام، أن يحتفل بالعام الجديد؟ أو هل من حق من يُصرّ على الرجوع إلى الخلف ألف سنة أن يتقدم مع الناس لدخول السنة الجديدة.اضافة اعلان
خطرت لي فكرة فانتازية، لا يمكن تطبيقها، لكنني توقفت عندها. وهي أن تقوم هيئة عالمية؛ الأمم المتحدة مثلا، بمراقبة منجز الدول والشعوب، كأن يتقدم مندوب كل دولة في نهاية العام بكشف انتاج، عما قدمته بلده للإنسانية وللعالم. ليبرر انتقال بلده إلى العام الجديد. أما من كان يراوح مكانه فيمكن أن يعتمد تقويم 2016 (مكرر)، ويعيد توزيع الرزنامات القديمة، وإذا لم يقدم إنجازاً في العام الذي يليه أيضاً، يظل مكانه مرة أخرى.
ولحل مشكلة التواريخ وأعياد الميلاد وعقود الشركات يمكن اللجوء إلى أرقام التكرار، كان نقول أن فلاناً مواليد العام 1985 (مكرر 3)، وأن فلانا خريج سنة 2016 (مكرر4)، وهكذا .. لأنه من غير المعقول أو المنطق أن يتساوى من يفيد البشرية ويخترع لها المنجز تلو المنجز، مع ذلك الذي يصرّ على شدّها للخلف !
ربما يبدو ذلك قاسياً للوهلة الأولى، لكنني لا أرى مبرراً لشخص أو بلد أن لا يتغير في حياته من سنة إلى سنة سوى التاريخ !
فكيف إن كان هذا الشخص يتراجع إلى الخلف، ويقلِّل من شأن تطور الآخرين وتقدمهم، ثم يزاحمهم بعد ذلك على “الاحتفال” برأس السنة، والبعض يذهب إلى أبعد من ذلك فيطلق النار على احتفالهم !!
ثم في نفس الوقت يقف معهم بالتساوي على عتبة كل سنة جديدة.
لا يمكن للتاريخ أن لا يعني شيئا في حياة الناس، وأن يكون على هذه الدرجة من الهامشية، وأن لا نفعل شيئا أمامه سوى ندب حظنا، الشخصي والقومي، وأن نتفرغ لهجاء الآخرين .. أو لجلد الذات من باب الشعور براحة الضمير ( كما الحال في هذا المقال ) !
كأننا والحال كذلك ننزل من القطار في كل محطة لنرجمه بالحجارة ثم نعود لنصعد إليه، والأفضل حالاً، أو المتنوّر مِنّا، يلتقط صورة تذكارية معه !
فما معنى أن تقضي سنة كاملةً في التثاؤب ثم تكون أول من يهبُّ للاحتفال بالسنة الجديدة، وأقصى ما تفعله هو الاستعانة بـ “ماغي فرح” لتطمئنك إن كنت ستتثاءب في العام المقبل على كنبة جديدة أم ستواصل ذلك على نفس الكنبة !
والكلام يجرُّ الكلام، فنأخذ مثلاً بعض الشعوب العربية التي “ انتابها “ الربيع العربي، بعد أن قضت أربعين سنة في شتم الحاكم، ثم حين تسلَّمت كرسيه اكتشفت أنها لم تهيئ أي برنامج بديل له، وأنها لم تفعل أي شيء في 40 سنة سوى التلذذ بالشتم والهجاء .. ولم تُحضِّر أي حزب مقنع أو ناضج، أو برنامج حكم اقتصادي أو سياسي أو اجتماعي بديلاً لما كانت تعاني منه، فتفرغت لسفك دمها طوائف ومذاهب وقبائل !
لا أمل ولا ضوء في آخر النفق.
بل إن السنوات الأخيرة تجعلك تشعر أن النفق انهال على رؤوس ساكنيه.
وقديماً كنا نردد عبارة “سعد زغلول” : ( مفيش فايدة .. غطيني يا صفية )، لكنَّه الآن لا فائدة ولا حتى (صفيّة ) لتغطّيك !