حق الرد: وزير التعليم العالي يرد على مقال "دولة الرئيس: نرجو الانتباه"

سعادة مدير التحرير العام لصحيفة الغد الأكرم.

تحية طيبة وبعد..

أرجو منكم ومن باب حرية الرد التكرم بنشر الرد التالي على ما نشر في صحيفتكم الخميس 2862018، عبر مقال الدكتور محمد أبو رمان، تحت عنوان "دولة الرئيس: نرجو الانتباه!".

اضافة اعلان

ليس غريباً توجيه النقد لأي قرار يتعلق بالشأن العام، من منطلق الحرص على المصلحة العامة، إنما الغريب أن يستغل البعض حق النقد ويتجاوز به إلى محاولة التشويش والتشكيك غير المبني على إثباتات ودلائل، والاحتكام إلى وجهة النظر الشخصية فقط، ويزداد الأمر غرابة عندما يكون الأمر صادرا من شخصية أكاديمية مطلعة.

طالعنا الدكتور أبو رمان، في مقاله المذكور، تناول فيه أمرين أساسيين، الأول يتعلق بتشكيلة مجالس أمناء الجامعات، والثاني برئاسة الجامعة الأردنية. حيث تضمن بمحورها الأول اتهامية وتشكيكا في عملية الاختيار بأنها جاءت بموجب سياسات الاسترضاء، ليحكم بأن اختيار رئيس الجامعة الأردنية القادم، والذي ما زال في طور تقديم الطلبات سيكون سيئاً!

واحتوت المقالة على تناقضات، فهو يعترف بأن مجالس الأمناء تضمنت تنوعاً في التمثيل، إلا أنه يتهم مخرجات التنوع بأنها مستندة إلى سياسة الاسترضاء، في وقت ذيّل مقالته بالإشادة برئيس مجلس أمناء الجامعة الأردنية وقدرته على اختيار الأفضل للجامعة التي يعمل بها الكاتب المحترم نفسه.

واعتمد كاتب المقال سياسة تشويش المعلومة عند تقديمها للقارئ، وهذا ليس اتهاماً جزافياً، إنما وفقاً للدلالات التالية: أولاً: إن كاتب المقال أطلق اتهاماً عاماً دون تقديم أي إثبات، ثانياً: اتهام كاتب المقال بأن هنالك استرضائية، ليكون السؤال ما هو الدافع لاعتماد الحكومة (أو مجلس التعليم العالي) هذه السياسة، في ظل عدم وجود منافع شخصية تعود على الأعضاء أو رؤساء المجالس سواء أكانت مالية أو وظيفية، وتحديداً في الجامعات الرسمية.

ثالثاً: كيف سيكون هنالك استرضاء، والقانون فصل فئات التمثيل في تلك المجالس، وأن اختيار الأسماء، جاء بناء على قاعدة بيانات، وأن مجلس التعليم العالي عندما اكتشف خطأ في تنسيب (3) أعضاء لعدم اكتمال الشروط بادر بالإعلان عن سحب العضوية وتبرير السبب، لأنه يتعامل ويتعاطى مع الموضوع بثقة ومصداقية.

وللتوضيح لكاتب المقال والقراء الكرام، فإن فئة الأكاديميين الممثلين في المجالس (40) عضواً، كان منهم (16) عضواً في مجالس أمناء الجامعات الخاصة السابقة التي لم يمض على تشكيلها سوى أربعة أشهر قبل نفاذ قانون الجامعات لسنة 2018، وذلك كون القانون الجديد قد خفّض عدد حملة الأستاذية إلى أربعة وهو إجراء حقق العدالة (التي نأمل أن تكون ضمن حسابات كاتب المقال)، وأخذت الأسماء الباقية من قاعدة البيانات لدى وزارة التعليم العالي واختيرت من بين حوالي (1900) أستاذ دكتور (يحملون رتبة الأستاذية) وروعي فيها أيضاً سنوات الخبرة.

أما فئة ممثلي الصناعة والتجارة (30 عضواً)، فقد أخذت من قواعد بيانات غرف الصناعة والتجارة في جميع المحافظات.

وفئة ذوي الخبرة والرأي (40 عضواً)، فقد روعي فيها بداية عنصر الشباب، بحكم أنهم الشريحة الأكبر في المجتمع، ويجب أن يكونوا جزءا من صنع القرار في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تمثيل رؤساء مجالس المحافظات القريبة من الجامعات، إذ اختير ثمانية منهم من أصل (12) رئيس مجلس محافظة، وهؤلاء منتخبون من قواعد شعبية، بمعنى أنهم يمثلون شريحة كبيرة من المجتمع، ما يعزز صنع القرار في الجامعة.

إلى جانب تمثيل القطاع الإعلامي، إذ تم اختيار إعلاميين من ذوي الخبرة في مجال تغطية قطاع التعليم العالي تمتد لأكثر من (20) سنة، رابعاً: لقد شارك جميع أعضاء مجلس التعليم العالي في اختيار الأسماء وأعضاء ذلك المجلس من خيرة أبناء الوطن أرفض التشكيك في أمانتهم.

هذا بالنسبة لمجالس الأمناء، أما رئاسة الجامعة الأردنية، فإن الاستغراب يكمن في أن كاتب المقال يدعو إلى اتباع الأسلوب الذي كان مطبقاً قبل عدة سنوات، وكان ذلك الأسلوب على الدوام محل انتقاد، بحكم أن عملية الاختيار كانت تتم وفقاً لاجتهادات أشخاص محددين، قد تحمل الصواب وقد تحمل الخطأ، في حين أن الآلية الجديدة تضمنت محطات متعددة لعملية الاختيار لضمان المؤسسية والتشاركية والشفافية والعدالة واختيار الأفضل، فهي تمر بعدة مراحل داخل مجلس الأمناء، ومن ثم التصويت من قبل أعضاء هيئة التدريس في الجامعة الأردنية على الخمسة الذين سيتم ترشيحهم وفقاً لمعايير تفاضلية يقترحها ويضعها مجلس الأمناء، ومن ثم التنسيب بثلاثة أسماء إلى مجلس التعليم العالي، الذي سينسب بأحدهم ليكون رئيساً للجامعة.

ليكون السؤال، كيف يمكن الاعتقاد أو الاتهام بأن اختيار رئيس الجامعة الأردنية، سيكون وفقاً لسياسة الاسترضائية والمحسوبية في ظل مرور عملية الاختيار والترشيح والتنسيب بمحطات متعددة ومتنوعة، وهو ما يحمل اتهامية مسبقة لرئيس وأعضاء مجلس أمناء الجامعة، الذين ما يزالون في مرحلة استقبال الطلبات.

كما أن الكاتب، في طرحه ينسى أو يتناسى الدعوات عبر السنوات الماضية لمأسسة عملية اختيار رؤساء الجامعات، ليأتي بعد الوصول إلى مأسسة هذه العملية بموجب قانون ونظام، ليطالب بما يخالف القانون والنظام؟! وكيف يستقيم هذا الطرح من الكاتب المحترم في ظل استراتيجية وطنية للتنمية البشرية تدعو إلى توسيع قاعدة اتخاذ القرار وإلى إيجاد نظام لاختيار رؤساء الجامعات؟ إنني أرجو ألا يأخذ دولة الرئيس بنصيحة الكاتب المحترم، ولا أخاله سيأخذ بها وهو الوزير السابق الذي شارك في تنفيذ جزء من الاستراتيجية، وهو الرئيس الحالي المسؤول عن تنفيذها بالكامل.

في الختام، نحن مع النقد البناء بما يخدم المصلحة العامة، ونرحب بأي ملاحظة تثري المصلحة العامة، وليس النقد من أجل التشويش، ولدواع لا نستطيع الحكم عليها ولا على دوافعها.

 

الدكتور عادل الطويسي

وزير التعليم العالي والبحث العلمي

رئيس مجلس التعليم العالي