"حكاية الجواهر الثلاث" يختار المنحى الفلسفي الأسطوري في مواجهة الواقع المؤلم

اختتام فعالية الهيئة الملكية للأفلام التضامنية مع غزة

محمد جميل خضر

عمان- الزمان والمكان والإنسان بشقّيه: الروح والجسد، هي الجواهر الثلاث التي يخلص المخرج الفلسطيني ميشيل خليفي إلى معنى البحث عنها وجدواه في فيلمه "حكاية الجواهر الثلاث" الذي عرض مساء أول من أمس في مقر الهيئة الملكية للأفلام من بين أفلام أخرى عرضتها الهيئة خلال اليومين الماضيين لمخرجين فلسطينيين في سياق التضامن مع الأهل في غزة وما تعرضوا له من "اعتداءات إسرائيلية وحشية متتالية".

اضافة اعلان

وناقش فيلم "حكاية الجواهر الثلاث" للمخرج ميشيل خليفي في 107 دقائق عرض، الظروف الصعبة التي تعيشها شريحة اجتماعية في قطاع غزة المحتل من خلال الفتى يوسف الذي يعيش في عالم اليوم لكن خياله الفطن يقوده إلى آفاق رحبة.

تنطلق رحلة الفتى هروباً من العنف المحيط به إلى المناطق الريفية عند أطراف غزة حيث يلتقي هناك بفتاة تراقب ما يجري حولها من ظلم الاحتلال المتواصل على الناس في القطاع.

وكعادته برز خليفي في فيلمه الذي صوّر في أماكن عديدة وشارك فيه الفنان الفلسطيني محمد البكري، كصاحب رؤية إخراجية، خصوصاً مع تطرقه في واحد من حوارات الفيلم إلى رموز يهودية عبرية مثل شمشون الذي ورد كجزء من ذاكرة المكان وتاريخه الذي يمكن أن يعتز به الصغار رغم أن التاريخ يخبرنا والأسطورة كذلك أنه قتل ثلاثة آلاف فلسطيني من سكان غزة قبل أن تكشف دليلة عن جرائمه لقومها وتحاربه. كما تطرق لداود وسليمان.

ومن الملاحظات الأخرى على الفيلم أن جندياً يعترض بغضب على قتل رفيقه للفتى الفلسطيني يوسف، وهي الأمنية التي لو تحقق بعضها خلال العدوان على غزة لربما أنقذت أرواح الأطفال الذين قتلوا، أو على أقل تقدير لم يصل عدد من قُتل منهم إلى حوالي 500 طفل.

وفي الفيلم المنتج في العام 1995، برع المخرج خليفي في صوغ قصة العلاقة التي تجمع بين الاثنين على خلفية من الموروث الحكائي الشفوي المستمدة من أقصى العالم لتتطابق مع الواقع الإنساني والحياتي لأهالي قطاع غزة المكبلين بقيود الاحتلال دون أن يغفل طرح فسحة من الأمل تشير إلى بدايات الانعتاق والتحرر من سطوة المحتل وجرائمه البشعة.

ورغم الحياة الصعبة لأهل غزة، إلا أن فيلم "حكاية الجواهر الثلاث" يصر على إضاءة فسحة أمل. ويملأ العالم الوهمي الذي لجأ له الفتى يوسف بالتشويق والأشواق والانتظار والتفاعل الإنساني المنتج مع الغجرية عايدة التي تشترط قبل تقدمه للزواج منها أن يعثر أولاً على ثلاث جواهر مفقودة من قلادة جدتها القديمة التي جلبها جدها من أميركا الجنوبية.

اختيرت هذه الدراما المؤثرة للمسابقة الرسمية في مهرجان كان عام 1995. وميشيل خليفي من أبرز المخرجين الفلسطينيين، من أفلامه: "نشيد الحجر"، "الزواج المختلط في الأراضي المقدسة"، "عرس الجليل" و"الطريق 181". وفاز فيلمه "الذاكرة الخصبة" بالجائزة الأولى في "أيام قرطاج السينمائية".

وفي السياق نفسه عرضت الهيئة الملكية إلى جوار فيلم خليفي الفيلم الوثائقي الفلسطيني القصير "الحرمان لا يدوم" من إخراج خلود أبو رعبة وإنتاج العام 2007 وعرض في 13 دقيقة النظرة المستقبلية لقضية اللاجئين الفلسطينيين إذا ما استمر الصمت عليها. وأوضح ما يعانيه الشعب الفلسطيني بعد شتاته وتوقه العودة إلى بلاده.

يشار إلى أن الهيئة عرضت في بداية العدوان الإسرائيلي على غزة عدداً من الأفلام القصيرة ضمن فعالية "صور من غزة" التي تصور معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة وصمودهم البطولي في مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية التدميرية.

وعرض ضمن فعالية الهيئة الملكية التضامنية إضافة لفيلم خليفي الفيلم الروائي الطويل "حتى إشعار آخر" للمخرج رشيد مشهراوي، والفيلم الوثائقي القصير "طريقي إلى القدس" الذي يوثق من إخراج نورس أبو صالح وإنتاج العام 2008 في 11 دقيقة عرض، معاناة الشعب الفلسطيني منذ نكبة 1948.