حكاية "الصقر" الاسباني الذي حلّق في سماء المكسيك

حكاية "الصقر" الاسباني الذي حلّق في سماء المكسيك
حكاية "الصقر" الاسباني الذي حلّق في سماء المكسيك

 

 أيمن أبوحجلة

عمان - الغد - هذه الأيام يعتبر الاسباني اميليو بوتراغينيو رجلا مشغولا، فهو يدخل الإجتماع تلو الآخر في مكتبه بنادي ريال مدريد العريق حيث يشغل منصب نائب رئيس النادي.

اضافة اعلان

يقوم بوتراغينيو بإعادة ترتيب البيت المدريدي الذي يعاني من حالة فوضى نتيجة تخبط النتائج وغياب الفريق عن الإنجازات منذ عام 2003، وهو حال لم يتعود عليه النجم الاسباني السابق عندما كان لاعبا في صفوف الفريق خلال ثمانينيات القرن الماضي.

لكن بوتراغينيو الذي كان يلقب بـ"الصقر" سيجد بعضا من الوقت لمتابعة مباريات كأس العالم المقبلة، كيف لا وهو يحمل العديد من الذكريات الجميلة عن هذه البطولة، خاصة في مونديال 1986 عندما كان نجم منتخب بلاده الأبرز مسجلا أهدافا حاسمة أوصلت فريقه إلى الدور ربع النهائي من البطولة.

ولم يحزن "الصقر" كثيرا لفراق معشوقته كرة القدم حيث ترك المدريدي في إياد أمينة قادت الفريق إلى عدة إنجازات فيما بعد، لكن كوكبة اللاعبين التي أحاطت بوتراغينيو أيام عزه حققت للفريق ما لم تحققه مجموعة اللاعبين الذين جاؤوا بعدهم، فقد أهدوا لقب الدوري الاسباني للعاصمة الاسبانية في الفترة ما بين 1986 إلى 1990، قبل أن يتجه بوتراغينيو في أواخر أيامه كلاعب إلى المكسيك حيث لعب ثلاثة مواسم لفريق أتلتيكو سيلايا، ومن ثم سافر إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث حصل على شهادة الماجستير في الإدارة الرياضية.

وفي عام كانون الثاني/يناير 2001 عاد اميليو إلى اسبانيا حيث تولى منصبا إداريا في ريال مدريد إلى جانب زميله السابق الأرجنتيني خورخي فالدانو، ثم أصبح فيما بعد نائب رئيس النادي وذلك بعد 22 عاما من خوضه مباراته الأولى مع الفريق في الدوري الاسباني، ويقول عن دوره الإداري الجديد مع النادي: أقضي أغلب أيامي هنا.. اتنقل من مكان إلى آخر وأتابع تمارين الفريق الأول، لقد كانت زوجتي تقول لي أنه سيصبح بمقدوري قضاء وقت أكبر مع أسرتي بعد الاعتزال، لكن الحققية هي أنني أملك وقتا أقل من ذي قبل.

ولعب بوتراغينيو 69 مباراة دولية مع المنتخب الاسباني أحرز خلالها 26 هدفا، ويضيف: لقد لعبت مباراتي الأولى أمام ويلز وفزنا حينها 3-0 وسجلت هدفا في الدقيقة الأخيرة، إنها تجربة ساحرة عندما تلعب مباراتك الدولية الاولى، لا يوجد هناك ما يشرفني أكثر من اللعب لمنتخب بلادي، خاصة إذا لعبت معه في كأس العالم، إنها تجربة فريدة وخطوة مهمة في مسيرة اللاعب، من الصعب الوصول إلى كأس العالم لأنه يقام مرة كل أربعة أعوام، يجب عليك أن تساهم في تصدر فريقك لتصفيات مجموعته ثم تحافظ على حالتك البدنية والفنية حتى بدء المونديال.

وشارك بوتراغينيو في بطولتي كأس عالم، في المكسيك عام 1986 وفي إيطاليا عام 1990، وكان تألقه واضحا في البطولة الأولى عندما اشتهر بقدرته على اقتناص الأهداف في منطقة الجزاء ويعلق على تلك المرحلة بقوله: لقد كانت تلك البطولة المحطة الأهم في مسيرتي لقد قابلنا في الدور الثاني المنتخب الدنماركي الذي كان أحد الفرق المميزة في البطولة، لقد رشحه الجميع لاجتيازنا، وتخلفنا في الشوط الأول بهدف قبل أن يرتكب الدنماركيون خطأ دفاعيا ليسمحوا لنا بتحقيق التعادل، وبعدها ظهروا بشكل مغاير واستطعنا تشكيل خطورة واضحة عليهم، لقد سجلت أربعة أهداف وهو ما كان غاية في الروعة، تسجيل هذا الكم من الأهداف في مباراة واحدة خلال كأس العالم كان أمرا بعيدا عن مخيلتي، جرت الأمور بصورة لم أكن أحلم بها في طفولتي.

وهي ليست المرة الوحيدة التي يسجل فيها بوتراغينيو أربعة أهداف في مباراة واحدة لمصلحة منتخب اسبانيا، فقد أعاد الكرّة بعد ستة أعوام في مباراة ودية امام ألبانيا، ويضيف النجم الاسباني: لقد شعرت أن الأمر غريب، فأنا لم أكن ذلك الهداف العظيم، وأعتقد أن الحظ لعب دورا كبيرا في إنجازي هذا، لقد احتسب الحكم ضربتي جزاء على  الدنماركيين بعدما ارتكبوا أخطاء ضدي، تبادلت القمصان بعد المباراة مع مايكل لاودروب وما زلت احتفظ بقميصه، لا أعتقد أنني فعلت أمرا مهما، لقد كان أبي برفقة زوجتي على المدرجات والابتسامة مرسومة على وجهه، لكن بالنسبة لي فقد شعرت ببعض الراحة فقط.

وتميز بوتراغينيو بأنه كسب الاحترام كلاعب أينما ذهب، وفي مسيرته الكروية التي امتدت 12 عاما تلقى البطاقة الصفراء خمس مرات فقط، وقال: لقد كنت مهاجما وقد كانت وظيفتي أن أسجل لا أن أدمر.. أعتقد أن على أي لاعب أن يفكر بالطريقة المثلى التي بامكانه أن يخدم فيها فريقه، التشاجر مع اللاعب المنافس أو الحكم ليس من خصالي.

لكن المنتخب الاسباني لم يهنأ بفوزه الكبير على المنتخب الدنماركي في المكسيك، وبعد أن انتهى الوقتان الأصلي والإضافي للمباراة أمام بلجيكا بالتعادل الإيجابي 1-1 في دور الثمانية، خسر الإسبان بركلات الترجيح لتنتهي مغامرتهم الشيقة، ويتذكر بوتراغينيو: العودة إلى إسبانيا كانت صعبة للغاية، عندما سمعت صافرة الحكم بعد ركلات الترجيح أدركت أننا أضعنا فرصة تتكرر مرة في العمر، وقد لا تسنح مرة أخرى للمنتخب الاسباني في المستقبل.

ويضيف: لقد أقمنا خلال البطولة في مدينة بويبلا حيث تقيم أكبر جالية اسبانية في المكسيك، خلال مباريات البطولة باعت هذه الجالية عددا كبيرا من القمصان الحمراء التي وضع على ظهرها علم اسبانيا، وفي المباراة اكتست مدرجات الملعب باللون الأحمر، وعندما نزلنا الملعب لإجراء تمارين الإحماء قلت لزميلي ميشيل "لا يمكن أن نخسر هنا، الأمر برمته يشبه التواجد في مدينة اشبيلية"، لقد لعبنا جيدا وخلقنا العديد من الفرص للتسجيل لكننا خسرنا في النهاية.

وبعد أربعة أعوام وخلال مباريات كأس العالم 1990 في إيطاليا، لم ينجح بوتراغينيو في تكرار تألقه بل فشل في تسجيل ولو هدف واحد لفريقه الذي خرج من الدور الثاني، وأضاف "الصقر": لم أكن جاهزا.. كانت تجربة مختلفة للغاية، تطور أداؤنا من مباراة إلى أخرى، وخسرنا في الدور الثاني أمام يوغسلافيا في مباراة كنا الأجدر بالفوز بها، لقد سنحت لي فرصة لتسجبل هدف عندما تلقيت الكرة في الهواء، لكن رأسيتي اصطدمت بالقائم.

ورغم مرور فترة طويلة على اعتزاله، إلا أن بوتراغينيو مازال يستمتع بكرة القدم، إنها مهنته حاليا في ريال مدريد وهوايته إلى جانب زملائه السابقين الذين يتدربون مع بعضهم البعض بين الحين والآخر كمصدر للراحة النفسية، كما يتوقع أن يسافر بوتراغينيو إلى ألمانيا لمساندة منتخب بلاده خلال نهائيات كأس العالم المقبلة.

وعن حظوظ اسبانيا في المونديال الألماني قال هداف ريال مدريد السابق: أحب أن أكون متفائلا لأننا نملك لاعبين استثنائيين، سيكون أمرا مبالغا فيه لو وضعنا اسبانيا ضمن المرشحين لنيل اللقب، هناك منتخبات البرازيل والأرجنتين وإيطاليا وانجلترا، ورغم كل ما يقال عن المنتخب الألماني فأعتقد أنه من الصعب أن تهزم البلد المضيف في كأس العالم.

وأضاف: المنتخب الاسباني تغير كثيرا، أعتقد أنه سيجتاز الدور الاول لأنه أفضل من المنتخبات الثلاثة في مجموعته، ولا يوجد معنى من التوقعات في أدوار خروج المغلوب، لنرى ما سيحدث، كيف سيشعر اللاعبون وحجم الإصابات لديهم وكذلك حالات الإيقاف، وهو أمر مهم أيضا بالنسبة للمنافسين، يجب أن نتحلى بالصبر وأن نتقدم خطوة تلو الأخرى.

ويبدي نجم اسبانيا السابق إعجابه بمدرب منتخب بلاده حاليا لويس أراغونيس ويقول: أنا من أنصار أراغونيس، لديه شخصية قوية وحكمة واضحة وهما صفتان يجب أن يتحلى بهما المدرب.