حكاية كل عاشق

فضّلت أن احضر مباراة برشلونة وريال مدريد أول من أمس في "مقهى العطار" أحد المقاهي الشعبية بوسط العاصمة الحبيبة عمان، برفقة الصديقين حسام بركات رئيس تحرير موقع كووورة وحسام الصبيحي، ويفترض أن ثلاثتنا "مدريدية" رغم أنني للمرة الأولى لم اكن متحمسا أو متوترا أو داخلا في "مراهنات بريئة" لتوقع النتيجة.اضافة اعلان
المهم أننا تسلحنا بـ"الارجيلة" لتهدئة الاعصاب، لاسيما وأن الدقائق الأولى من زمن المباراة شهدت افضلية نسبية لبرشلونة على حساب الضيف ريال مدريد... انقسم الحضور في تشجيعهم بين الفريقين وإن كانت الأكثرية برشلونية... علا الهتاف بعد أن سجل جيرار بيكيه هدف السبق لبرشلونة وأطبق الصمت على مشجعي الريال، الذين اعتقدوا بأن فريقهم المفضل في طريقه لتلقي هزيمة جديدة على يد غريمه التقليدي، لكن صيحات الفرح المدريدية سرعان ما ارتفعت بعد أن سجل كريم بنزيمة هدف التعادل باسلوب مقصي استعراضي، ورغم الغاء هدف لنجم الريال غاريث بيل الا أن المدريدية ضحكوا اخيرا وكثيرا عندما سجل كريستيانو رونالدو هدف الفوز.
انتهت المباراة وذهب كل مشجع في حال سبيله.. لم يحدث عراك واحد بل جلس الاصدقاء فيما بينهم "برشلونية ومدريدية" لاكمال السهرة في المقهى، فيما دبت الحياة في الشوارع في منتصف الليل، وأضحى المشهد وكأنه في ذروة ساعات الظهيرة وليس منتصف الليل.
هذا الجمهور الذي تواجد في المقهى وغيره من المقاهي الشعبية والحديثة في مختلف المدن الأردنية، هو في ذاته جمهور الكرة الأردنية المنقسم في تشجيعه بين الفرق المحلية وخصوصا الفيصلي والوحدات، وقد تبادر إلى ذهني سؤال لو أن هذا الجمهور كان في أي مقهى يتابع مباراة بين قطبي الكرة الأردنية، هل كانت الروح الرياضية ستسود بذلك الشكل الذي سادت فيه خلال لقاء "الكلاسيكو الاسباني"؟.
الاجابة حتما لا، لأن مظاهر الشغب ستكون حاضرة وربما احتاج الامر لتدخل رجال الأمن لفض الاشتباكات بين الجمهورين، رغم أن ما يقدمه لاعبو الفريقين من اداء فني في الملعب، لا يرقى بشيء لما يقدمه نجوم الملاعب الأوروبية سواء في اسبانيا أو غيرها.
شاهدنا جمهور برشلونة في الملعب كيف تفاعل مع مجريات المباراة وقد وصل تعداده لنحو 100 ألف متفرج.. شاهدنا كيف وقف احتراما للاسطورة يوهان كرويف الذي فارق الحياة مؤخرا.. شاهدناه كيف فرح لهدف التقدم وكيف حزن للخسارة ولم يرتكب أي حالة شغب، على النقيض من ذلك نجد مظاهر شغب كثيرة في ملاعبنا سواء في بطولات الكبار أو الصغار.
ما نزال نحتاج للكثير في ملاعبنا العربية للوصول إلى شيء من "عظمة" الكرة الأوروبية، وما نزال بحاجة إلى التحلي بالروح الرياضية في مبارياتنا المحلية.
باختصار... مباريات ريال مدريد وبرشلونة هي بمثابة حكاية كل عاشق لكرة القدم التي تلعب على اصولها.