حكومة الاحتلال تصعد هجومها على المنظمات الحقوقية والثقافية

الكنيست- (أرشيفية)
الكنيست- (أرشيفية)

برهوم جرايسي

الناصرة- صعّدت حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة، هجومها على المنظمات الحقوقية، المحلية والعالمية، وأيضا على الأطر الثقافية لدى فلسطينيي 48، إذ شرعت في تفعيل قوانين عنصرية كانت قد سنتها في السنوات الأخيرة، لملاحقة كل من يناهض الاحتلال وجرائمه على مختلف المستويات. ويبرز حاليا في هذه الممارسات القمعية، وزير المالية موشيه كحلون، الذي تصفه الأوساط الإسرائيلية بالوزير "المعتدل"، موشيه كحلون، الذي يقود حزب "كولانو"، ليتأكد أن هذا الحزب ووزراءه، هم من أشد وزراء حكومة الاحتلال تطرفا.اضافة اعلان
وجديد الأمس، بيان صادر عن الوزير كحلون، بأنه سيمارس صلاحياته بموجب القانون الذي يمنع الدعوات لمقاطعة المستوطنات، وسيطلب إلغاء الاعفاءات الضريبية، للمتبرعين لمنظمة العفو الدولية "أمنستي"، فقط بسبب دعوتها حكومات العالم لعدم ابرام صفقات تجارية واقتصادية مع مستوطنات الضفة. وقد أقر هذا القانون في العام 2011، ويقضي بإعفاء الشركات والمنظمات من دفع ضرائب على أموال تبرعات لجمعيات، إلا أنه يستثني الجمعيات التي تلاحق الاحتلال وجرائمه، أو تدعو لمقاطعة المستوطنات.
وحسب ما نشر، فإن "أمنستي" كانت قد دعت في الأسابيع الأخيرة، مع مرور 50 عاما على عدوان حزيران (يونيو) 1967، حكومات العالم بأن لا تبرم صفقات تجارية واقتصادية مع المستوطنات، وقالت المنظمة أمس، إنه لا تدعو المستهلكين ليقاطعوا المستوطنات، وإنما فقط حكومات العالم. وحسب الأنظمة فإن مسؤولي "أمنستي" سيمثلون في الايام المقبلة أمام كحلون، ليشرحوا وجهة نظرهم، وبعدها سيقرر كحلون ما إذا كان سيطبق القانون عليهم.
وجاء هذا القرار بعد أيام قليلة، من إعلان كحلون عزمه استخدام صلاحياته، لخصم ميزانيات حكومية لـ"مسرح يافا" الفلسطيني في مدينة يافا، عروس فلسطين، لكون المسرح قد استضاف مهرجان تضامني مع الشابة دارين طاطور، الخاضعة للاعتقال منذ عامين، وفي العام الأخيرة في الاعتقال البيتي المشدد بعيدا عن قريتها الرينة المجاورة للاحتلال، فقط بسبب تغريده نشرتها إبان الحرب على قطاع غزة، تزعم حكومة الاحتلال أنها "تحريض على العنف". وتحظى طاطور بتضامن وطني واسع، وايضا من قوى تقدمية إسرائيلية.
وجاء قرار كحلون لملاحقة مسرح يافا بطلب من زميلته العنصرية الشرسة وزيرة الثقافة، ميري ريغيف. بناء على قانون آخر، يقضي بسحب ميزانيات من جهات تنفي وجود دولة إسرائيل، "كدولة يهودية وديمقراطية"، أو تعتبر ما يسمى "يوم استقلال إسرائيل"، كيوم حداد، بقصد يوم نكبة الشعب الفلسطيني. إلا أنه من المفارقة أن القائمة على البرنامج التضامني مع الشابة طاطور، هي المنتجة الإسرائيلية عينات فايتسمان، التي وضعت برنامجا يتضمن قراءة مقاطع من محاضر جلسات محاكمة طاطور، لكشف الوجه القبيح لحكومة الاحتلال.
واللافت، كما ذكر، أن الوزير الأبرز الذي أخذ على عاتقه مهمات ملاحقة المنظمات الحقوقية والثقافية، هو وزير المالية موشيه كحلون، الذي يُعد في القاموس السياسي الإسرائيلي "يمين معتدل"، إلا أن ممارساته تؤكد أنه في قلب اليمين الاشد تطرفا. فكحلون انشق عن حزب الليكود في العام 2013، ثم أقام حزب "كولانو"، تمهيدا لانتخابات 2015، وعلى الفور تم وضعه في خانة "الوسط"، ثم "اليمين المعتدل". وفاز حزبه بـ 10 مقاعد، ليكون الشريك الأكبر لحزب الليكود في الحكومة الحالية.
وإلى جانب كحلون، يتولى الشخص الثاني في حزبه، يوآف غالانت، وزارة البناء، وهو يقود أخطر المشاريع الاستيطانية في القدس المحتلة، ومن أبرزها في العام الأخيرة، دفع حكومته لتبني مشروع وضعته عصابات المستوطنين، لبناء 25 ألف بيت استيطاني في القدس المحتلة، من بينها 15 ألف بيت على أراضي بلدة قلنديا ومطار قلنديا القديم، ليكون تكتلا استيطانيا ضخما آخر، بين شمال القدس ومدينة رام الله.
كما أن أعضاء الكنيست من هذا الحزب "كولانو"، يحتلون مراتب متقدمة في القائمة السوداء، التي تتضمن أعضاء الكنيست المبادرين لأشد القوانين عنصرية وداعمة للاحتلال، كما أن كتلة "كولانو" تعد الأكثر انضباطا في الكنيست، وتدعم بنسبة عالية جدا، جميع القوانين العنصرية والداعمة للاحتلال، لدى طرحها للتصويت.
جرائم حكومة الاحتلال في ملاحقة المنظمات الحقوقية برزت أيضا في الأسبوع الماضي، حينما أعلن جيش الاحتلال، أنه "عثر" على الفلسطيني الذي تلقى ضربا من جندي احتلال قبل سنوات، إلا أن هذا الجندي انضم في الآونة الأخيرة لمنظمة "كاسرو الصمت"، التي توثق شهادات جنود احتياط أو سابقين، عن جرائم الجيش، بما فيها ممارسات ارتكبوها.
وتعود القضية، الى أن الناطق بلسان منظمة "كاسرو الصمت"، ديان يسخاروف، كان قد صرّح قبل شهرين، أنه شارك في ضرب فلسطيني في الخليل، خلال تأديته الخدمة العسكرية. وبشكل لافت، تطغى عليه نفسية الانتقام، طلبت وزيرة القضاء، العنصرية الشرسة أييليت شكيد، من الأجهزة ذات الشأن، محاكمة يسخاروف على ما ارتكبه، على الرغم من أنه حسب تقارير منظمات حقوقية، فإن 98 % من شكاوى الفلسطينيين عن جرائم جنود ومستوطنين يتم اهمالها، بينما غالبية الملفات التي يتم فتحها لا تصل الى المحاكم، وإن تم تقديمها للمحاكمة، فتنتهي بأحكام هامشية.
وكانت سرعة جيش الاحتلال في البحث عن الفلسطيني الضحية، نابعة من المسعى للانتقام من منظمة "كاسرو الصمت"، ومن الناطق بلسانها، إذ أعلن الجيش أنه أخذ افادة من الفلسطيني، ونقل الملف الى النيابة، لغرض تقديم يسخاروف الى المحاكمة. ولكن لم يتم الإعلان عما إذا كان الفلسطيني سيكون معنيا بتقديم شكوى ضد يسخاروف في هذه الظروف.