حكومة الخصاونة: انتقاد مبكر ودعوات لـ"هدنة مؤقتة"

رئيس الوزراء بشر الخصاونة يؤدي اليمين الدستورية أول من أمس
رئيس الوزراء بشر الخصاونة يؤدي اليمين الدستورية أول من أمس
محمود الطراونة عمان - رغم مرور ساعات على تشكيلها، تعرضت حكومة رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة لسيل من الانتقادات والهجوم غير المسبوق، وصلت حد تناول وزراء بعينهم وأفكارهم وبرامجهم وحتى نشاطاتهم العائلية او خلافاتهم السابقة قبل توليهم الوزارة، وفي ذلك مؤشر يرى خبراء أنه “انطباع يستبق الحكم على إمكانية هؤلاء العملية”. وبحسب سياسيين، فإنه ورغم التحفظات الواسعة على تشكيلة الحكومة، الا انها “تضم نخبة من الخبراء والوزراء المخضرمين في مجالات عملهم”، فيما سرت الانتقادات على عدد الحقائب وخاصة حقائب الدولة ووجود ثلاثة نواب للرئيس. وبمجمل الانتقادات التي جاء معظمها على خلفيات جدلية، إلا أن ما يهم الخبراء والسياسيين هو برنامج عمل الحكومة المرتبط بجدول زمني ومؤشرات أداء في مسعى للعمل من اليوم الأول دون مضيعة للوقت والخطط واللجان والبرامج. ويضيف هؤلاء، إن “الحكومة حوكمت على وجودها قبل البدء بعملها، وهذا محض ظلم، ذلك أن الإنجاز هو الفيصل والحد الفاصل بين جوهر النقد او الاشادة”. “فالتوقيت الذي جاءت فيه هذه الحكومة حساس ودقيق ويتطلب بالاضافة الى السرعة في اتخاذ القرار تجويد القرارات ودراستها بعناية قبل الاعلان عنها، ذلك ان حالة الترقب الشعبي لما سيصدر عن الحكومة هو الانطباع والمحك الاول لمنحها فرصة الاستمرار دون انتقاد او تجاذبات تطعن بقدرتها على تحقيق اي انجازات”. كما يلعب وضع المالية العامة في تشكيل انطباعات الناس فضلا عن وجود فجوة ثقة خلقتها القرارات السابقة المتخبطة للحكومة السابقة التي لم تراع الخيط الرفيع بين المصلحة الصحية للناس والمصالح الاقتصادية للدولة والناس معا، فكان الخلط بين الاقتصادي والصحي وحالة التراخي العام والتسويف في اتخاذ القرار، وهذا الانطباع يرى خبراء أنه ترسخ لدى غالبية الأردنيين. وفي المحصلة فإن الحكومة، وفقا للخبراء، “لا تملك ترف الوقت وتحتاج الى طمأنة الناس وكسب تأييدهم من خلال البدء بإعلان سلسلة اجراءات وقرارات تكون سمتها العامة حصيفة لمواجهة الواقع الوبائي من جهة وبرامج الدولة التي تعتزم المباشرة بها او استكمال ما هو قيد العمل دون سرد قصصي للوقائع وبلغة الأرقام”. كما يتوجب على الحكومة المكاشفة في الحالة العامة وإن واجهت انتقادات في البداية غير انها ستحظى لكسب ود غالبية جماهير المواطنين دون اللجوء الى اساليب الترهيب والتخويف والتنصل من المسؤوليات. ويؤكد مسؤول سياسي سابق ان التركيبة الحكومية مزدحمة غير انها “تضم قامات كبيرة في العمل العام، ولديها الخبرات التي يمكن ان تقدمها بشكل نوعي”، لافتا الى “ان تعيين 3 نواب للرئيس ليس مهما لذاته ولكن يمكن للرئيس الذي قضى معظم خبرته في السلك الدبلوماسي الاستعانة بخبرات عملت في العمل العام وتوزيع الصلاحيات وفق عدة فرق لتنظيم العمل ومتابعته وأخذ التغذية الراجعة منه ومكاشفة الناس فيها وتقديم الخيارات والبدائل التي يمكن ان تقدمها الدولة”. واوضح ان الدولة يمكن ان تقدم على جراحات عميقة ومؤلمة لكنها في النهاية ستصل الى العلاج الشافي لمعظم الازمات وخاصة البطالة والفقر والعدالة الاجتماعية والمشاريع العالقة والمزمنة منذ زمن، وتتطلب اجراءات فورية ودون تحفظات، من بينها مكافحة الفساد وتقديم من يشتبه بتورطهم الى العدالة مهما علت منازلهم. ووفقا لخبير برلماني، فإن الملفات الرئيسة العالقة لم تتغير ولم يتغير شخوصها؛ فالتعليم مثلا بقي من يحمل ملفه من الحكومة السابقة، وكذلك الاقتصاد والمالية العامة، اضافة الى ملف الصحة فقد عاد مسؤول الملف الذي كان يوصي ويقرر هو وفريقه. فوزير التربية والتعليم عاد وما يزال التعليم معلقا، ووزير المالية الذي اعد موازنة العام الماضي عاد ليعد موازنة العام المقبل، وعضو الفريق الفاعل في لجنة الاوبئة عاد ليتولى الملف الصحي. وهنا يسأل الخبير البرلماني، “هل اختلفت التحديات الصحية والاقتصادية والتعليمية بتشكيل الحكومة الجديدة عن الحكومة السابقة بعد بقاء اللاعبين الرئيسيين في معادلة الأزمة”. بيد أنه استغرب تصريحات رئيس الوزراء التي اخافت الناس بأن “الحكومة ستقدم على قرارات جريئة ولا تسعى للشعبوية”، لافتا الى ان المخاوف من مقارنات ستكون مستقبلا بين الحكومة الحالية والسابقة من حيث القرارات والتعامل مع الشارع والإعلام وغيره. كما اشار الى ان من المخاوف “ان يكون هناك تقاطعات وصدام في عمل وزراء الحكومة الجديدة في مجالات التشريع اولا لوجود عدد من القانونيين من مختلف المدارس القانونية، وبين وزير الشؤون السياسية والبرلمانية ووزراء كانوا نوابا سابقين، والرسالة السياسية في التعامل مع مجلس النواب الجديد الذي لا يعرف كيف سيكون شكل هويته مستقبلا”. واعتبر ان زحام الوزراء في رئاسة الحكومة ربما يعيق العمل خاصة وان قرارات مجلس الوزراء يجب ان تكون متكافلة ومتضامنة ومتناغمة مع هوية المجلس، متسائلا عن دور نواب الرئيس الجدد و”هل سيتبع الوزراء لهم ام للرئيس مباشرة كلا في مجال اختصاصه؟”. الأيام المقبلة مليئة بالأحداث ومع أول أزمة ستتضح الصورة العامة ويمكن للحكومة أن توصل رسالتها السياسية للناس وتكشف عن هويتها ومدى تناغمها وتجانسها وقدرتها على مواجهة الازمات، فهي اليوم بحاجة إلى منحها بعض الوقت، كي لا تعمل بشكل مرتبك وتحت ضغط شعبي. ولتحاسب لاحقا على ما قدمت يداها.اضافة اعلان