حكومة الضمان الاجتماعي

اعلن وزير العمل رئيس مجلس ادارة الضمان الاجتماعي ان المخالفات التي تم رصدها في تقرير رقابي في هيئة استثمار اموال الضمان قد تمت تسويتها. هذا التصريح قد يكون اعلان تسوية توافقية داخل مجلس ادارة الوحدة الاستثمارية او مجلس ادارة الضمان، لكن هذه التسوية لم تغلق بابا مهما من ابواب القضية وهو الجانب السياسي، او جانب الاطمئنان على اموال الضمان التي هي اموال الاردنيين المشتركين في الضمان.

اضافة اعلان

وبغض النظر عن هذه المخالفات وقيمتها المالية او الادارية الا ان العبرة في مدى اطمئنان الاردني الى نزاهة وكفاءة الادارة التي تشرف على استثمار اموال الضمان, والاستثمار هنا ليس لغايات الربح فقط، بل في مستوى الاستثمار مستقبل فكرة الضمان الاجتماعي.

المواطن الذي يدفع اليوم اشتراكا شهريا يجب ان يطمئن انه في مرحلة الشيخوخة سيضمن استمرار وصول راتبه التقاعدي اليه. فكلمة السر لمستقبل آمن لفكرة الضمان الاجتماعي هي الوحدة الاستثمارية المسؤولة عن ادارة ما يقارب من (5) بلايين دينار قابلة للزيادة، ومن يتم اسناد مهمة الادارة اليه كشخص او مجلس يجب ان يكون من النزاهة والمسؤولية والتفاني وحتى (البخل) في المال العام بحيث يتعامل مع هذه الاموال بكل دقة وروح ادارية  رفيعة.

المشكلة ان المواقع العليا في الضمان الاجتماعي اصبحت مطلوبة ومرغوبة لامتيازاتها التي لا تقتصر على الراتب بل حتى عضوية مجالس الادارة. واحدى المخالفات التي تم الاعلان عنها في التقرير تولى رئيس الوحدة الاستثمارية رئاسة مجلس ادارة احدى الشركات التي يساهم فيها الضمان من دون استحقاق. وللعلم فقط فان عضوية ادارة احد البنوك التي يساهم فيها الضمان تعود على صاحبها بمكافاة شهرية تصل الى (5) آلاف دينار. وما قاله وزير العمل ان اقالة مدير الوحدة الاستثمارية ستكون محل تشاور بينه وبين رئيس الوزراء،  يحمل استنتاجا لمن يتابع ان مديرالوحدة يستحق ما يجعل الاقالة محل بحث وتشاور.

لسنا معنيين بالاشخاص، لكن الوحدة الاستثمارية لاموال الضمان حكومة باهمية عملها وما تعمل به من اموال, فنجاحها يعني الكثير وفشلها –لا قدر الله– يعني كارثة سياسية واجتماعية, وظهور مخالفات او تجاوزات مهما كانت صغيرة يفترض ان تواجه بحزم واجراءات رادعة لان هذا هذا ثمنه ثقة الناس واطمئنانهم الى مستقبلهم, وظهور اي تجاوزات يجب ان لا يقابل بتسويات او توافقات ادارية، بل بما يشعر معه كل اردني ان دخول التجاوزات الى هذه المؤسسة ممنوع.

ولعلنا في هذه المناسبة ندعو الى وجود اطار رقابي قانوني على هيئة استثمار اموال الضمان, فالرقابة اليوم هي لمجلس ادارتها اي ان الجهة التنفيذية هي الجهة الرقابية، وهذه ثغرة كبيرة جدا في عمل هذه الهيئة المهمة.

قضية التجاوزات التي ظهرت مهما كانت محدودة الا انها تفتح الباب امام ضرورة وجود ردع لاي تجاوز وصياغة واقع تكون فيه الرقابة مؤسسية, فالامر مرتبط بمستقبلنا جميعا, ومن يتجاوز على حساب مستقبلنا يجب ان يكون الحساب قانونيا وحازما وليس عبر تسويات ولملمة ادارية، وهذا ما نتمناه من الحكومة، والا كانت هذه الحكاية مدخلا للشكوك والخوف وضعف الطمأنينة.

[email protected]