حكومة الملقي وطيف النسور

الحكومة طموحة إلى أبعد الحدود. خلال أيام، ستكشف للرأي العام عن خطة عمل تترجم ما ورد في كتاب التكليف السامي إلى برامج تنفيذية محددة.
كل ما يدور في خلد المواطن الأردني من هموم ومشاكل وتحديات، سيجد له صدى في الخطة؛ الفقر والبطالة، مشاريع صندوق الاستثمار مع الشقيقة السعودية، تعليمات اللامركزية، مكتسبات مؤتمر لندن. والأهم من ذلك كله الاتفاق "المنجز" مع صندوق النقد الدولي.اضافة اعلان
رئيس الوزراء د. هاني الملقي منفتح على جميع الأفكار، ومستعد للتواصل على مدار الساعة، لدرجة أنه أعطى رقم هاتفه الخاص للصحفيين الذين التقاهم الأحد الماضي في دار رئاسة الوزراء.
الحكومة، وعلى لسان نائب الرئيس د. جواد العناني، لا تفكر كثيرا في المشاكل؛ فهي معروفة ومعرفة، وجل تركيزها سيكون على ابتداع حلول خلاقة لهذه المشاكل.
الملقي متمسك بالقول إن حكومته ليست انتقالية ولأربعة أشهر فقط، وإنما حكومة للمرحلة المقبلة. ولهذا يضع في الحسبان التخطيط لفترة تتجاوز الأشهر القليلة. وحرص الملقي على لفت نظر الحاضرين إلى أن جلالة الملك في كتاب التكليف لحكومته لم يستخدم على الإطلاق وصف الانتقالية، فيما ذكر كتاب التكليف لحكومة د. عبدالله النسور الأولى صراحة أنها حكومة مؤقتة.
واضح، إذن، أن الملقي طامح بالاستمرار إلى ما بعد الانتخابات النيابية، من دون أن يربط بين رغبته هذه ومبدأ الحكومات البرلمانية الذي تبنته الدولة بعد الانتخابات الأخيرة. وزراء الملقي طامحون مثله بالاستمرار، وعندما كان يأتي على هذا الموضوع، كانوا يهزون رؤوسهم تعبيرا عن تأييدهم لما يقول.
اللقاء مع الملقي وفريقه الوزاري (7 وزراء)، كان في أول يوم عمل للحكومة، كما قال الرئيس. وبدا واضحا أن معظم الوزراء لم يرتبوا أوراقهم بعد، باستثناء من استمر في موقعه من الحكومة المستقيلة.
نبرة الحديث بهمة عالية عن مختلف القضايا. لكن سرعان ما يتبدى القلق في ثنايا الكلام عندما يأتي الحديث عن البرنامج الجديد مع صندوق النقد الدولي، وما يترتب عليه من التزامات واشتراطات.
الخطوط الرئيسة للاتفاق مع "الصندوق" متفق عليها كما أكد وزير المالية عمر ملحس، لكن ثمة تفاصيل تحتاج لمزيد من النقاش، لتحسين مخرجاته قدر الإمكان، والتخفيف من آثاره السلبية على المواطنين وأصحاب الدخل المحدود.
لكن فريق الملقي الذي تشكل للتو، ما يزال في بداية الطريق، ولم يخلق الانسجام المطلوب بين أعضائه. كان هذا واضحا في تباين المواقف من المرحلة السابقة وسياساتها. وبحكم تركيبة الحكومة المهجنة من وزراء جدد ووزراء من حكومة النسور المستقيلة، بدا لنا نحن "المشاهدين" للعرض الوزاري بأننا أمام حكومتين على الطاولة؛ حكومة النسور وحكومة الملقي. وفي بعض فقرات الحوار كنت أشعر أننا في اجتماع مع حكومة النسور، لكن ما إن يتحدث رئيس الوزراء أو نائبه د. جواد العناني حتى أتنبه إلى أننا في حضرة حكومة جديدة.
باختصار، طيف النسور كان حاضرا في قاعة بيت الضيافة الذي سكنه، لربما بسبب الفترة الطويلة التي قضاها في "الدوار الرابع".
يحتاج الملقي لفترة من الوقت للتخلص من هذا الكابوس، وإلا سيثير الفتنة بين أعضاء فريقه الوزاري.