حكومة ضد الجمهور

هآرتس

أسرة التحرير

حوّل انفجار الموجة الثانية من الكورونا في اسرائيل استراتيجية العودة الى الحياة الطبيعية، التي قادها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من قدوة دولية الى اخفاق. وجعل التقصير المحلي اسرائيل مثالا تأسيسيا لدول العالم لكيف لا ينبغي لها أن تتصرف. نتنياهو المركزي، في محاولته لايجاد كبش فداء يلصق به الاخفاق، منح الصلاحيات لوزير الصحة الجديد يولي ادلشتاين، وهذا في دوره بشر في مؤتمر صحفي يوم الاثنين بان في نيته ان يعين رئيس مشروع خاص لإدارة الازمة.اضافة اعلان
هوية رئيس المشروع هذا ليس معروفة بعد، ولكن التعيين هو خطوة في الاتجاه الصحيح. بعد اشهر من الفوضى، اطفاء الحرائق والارتجال، مطلوب ادارة مركزية مرتبة للازمة، في ظل التنسيق في كل الوزارات الحكومية والتكامل بين الاحتياجات الصحية والاقتصادية.
غير أن هذا لا يكفي. فطبيعة الازمة تستوجب تعاونا من الجمهور؛ تعاونا يعتمد على الثقة وليس على التهديد. حكومة نتنياهو تتنكر لمسؤوليتها عن التقصير وتتهم الجمهور بالتفشي المتجدد للكورونا، كما تتهم الكنيست بانها تعيقها عن العمل. ليس هكذا تبنى الثقة، هكذا تهدم. فكيف يفترض بالجمهور ان يثق بالحكومة، حين يشكو رئيس الوزراء من التعقيدات البيروقراطية لإجراءات التشريع، يتجاوز الكنيست، يقوض حقوق الفرد ويعتزم تمريق قانون الكورونا الجديد قريبا بحيث يعطي الحكومة قوة غير محدودة.
بدلا من تعميق العلانية والشفافية وضمان عملية اتخاذ القرارات بشكل ديمقراطي، تضعف الحكومة الرقابة البرلمانية وتضمن لنفسها قوة غير محدودة لتعقب الجمهور، للاعتقال، للتضييق، للاغلاق، للتعطيل وللتغريم. من أجل بناء الثقة لا يكفي رئيس مشروع. على الحكومة ان تجري انعطافة 180 درجة في تعاملها مع الجمهور، الكنيست ولجان الكنيست.
اضافة الى ذلك، مهما كان رئيس المشروع الذي سيعينه ادلشتاين كفؤا، لن يتمكن من ان يربط مرة اخرى بين الجمهور وممثليه الذين انقطعوا عنه بشكل مطلق. مليون عاطل عن العمل، ارباب عمل مفلسون ورجال فروع منهارة ينظرون دهشين الى الحكومة الاكثر تضخما وشبعا في تاريخ الدولة. لا يمر يوم لا يكون فيه تعبير عن القطيعة بين الحكومة والشعب – سواء في قراراتها أو في التصريحات المخجلة لاعضائها.
الحكومة ملزمة بان تنسق القيود التي تفرضها على الجمهور مع المساعدة التي تقدمها لمن يتضررون من هذه القيود. محظور على الحكومة أن تدفع الجمهور الى الحائط وتضعه امام معضلة يحار فيها بين إطاعة القيود التي تفرضها وبين إمكانية نيل الرزق. من اجل هذا لا يكفي رئيس مشروع. ثمة حاجة للارتباط بالواقع.