حكومة ميركل في موقع هشّ بعد الانتخابات الأوروبية

برلين- تجد حكومة أنغيلا ميركل نفسها في حالة عدم يقين غير مسبوقة بعد الانتخابات الأوروبية التي شكلت نتائجها صفعة ليس فقط للمحافظين بل أيضاً لحلفاء المستشارة الاشتراكيين الديموقراطيين، ما يزيد من الشكوك بشأن إمكانية بقائها حتى نهاية ولايتها. وبدأت الاثنين الأحزاب الثلاثة التي شكّلت الائتلاف الحاكم العام الماضي باستخراج دروس الاستحقاق الأوروبي، في مناخ من الأزمة. وتضاعفت الخلافات وسط هذا الائتلاف بقيادة ميركل التي اقتربت من نهاية مسيرتها السياسية منذ تشكيله قبل عام. وفي الصباح، اجتمعت قيادات أحزاب الائتلاف بشكل منفصل للوقوف عند نتائج كلّ منها. ومن المقرر وفق وسائل الإعلام الألمانية، أن تجتمع تلك التشكيلات في وقت لاحق مع ميركل. واعترف رئيس الحزب المحافظ "الاتحاد المسيحي البافاري" ماركوس سودير، حليف ميركل، بأن "الائتلاف الكبير لم يحقق نتيجة جيدة". ويضمّ الائتلاف الكبير الحاكم في ألمانيا حزب "الاتحاد المسيحي البافاري" وحزب المستشارة "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" و"الحزب الاشتراكي الديموقراطي" الألماني. وحقق التشكيلان المحافظان معاً نسبة 28,9% من الأصوات، لكن "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" وحده تراجع سبعة نقاط بالمقارنة مع الانتخابات الماضية إلى 22,6%. ويبدو أن استراتيجية خليفة ميركل، آنغريت كرامب-كارنباور التي ترأست الحزب في كانون الأول/الماضي، بدفع "الاتحاد المسيحي الديموقراطي" أكثر نحو اليمين أملاً باستقطاب ناخبين اتجهوا نحو اليمين المتطرف، لم تجدِ نفعاً. غير أن المشاكل الأكثر خطورة يعاني منها الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي قد تطيح أزماته بالائتلاف الحاكم. ورأت صحيفة "بيلد" الألمانية الاثنين أن "انهيار الحزب الاشتراكي الديموقراطي يهزّ الائتلاف" الحاكم. ولم يحقق الاشتراكيون الديموقراطيون سوى 15% من الأصوات، متراجعين بأكثر من 11 نقطة، بينما ضاعف الخضر نتيجتهم السابقة لينالوا 20,5%، فارضين أنفسهم القوة السياسية الثانية في البلاد. وكتبت صحيفة "دير شبيغل" على موقعها الالكتروني أن "الائتلاف يترنح بعد الأمسية الانتخابية، وربما هو على وشك الانهيار. هذا الائتلاف بخطر لأن الناخبين عاقبوا الاتحاد المسيحي الديموقراطي والحزب الاشتراكي الديموقراطي، وعدم الاستقرار هذا قد يؤدي في أية لحظة إلى تفكك الائتلاف". وأصرت زعيمة الحزب الاشتراكي الديموقراطي أندريا ناهليس، التي لا يوجد توافق عليها داخل حزبها، الأحد على البقاء في الائتلاف، و"ضمان سياسة حكومة عادلة اجتماعياً". لكن البلبلة حول ناهليس تتصاعد منذ أشهر، ويرغب البعض في الحزب الاشتراكي الديموقراطي بإعادة التموضع في المعارضة، حتى ولو أدى ذلك إلى تنظيم انتخابات مبكرة. وطالبت الاثنين ثلاث شخصيات من يسار الحزب، بينهم مسؤول الشباب كيفن كوهنرت، بفرض إصلاحات اجتماعية على الحكومة، مهددين بالانسحاب "إذا لزم الأمر" قبل نهاية الولاية الحالية في أيلول/سبتمبر 2021. وكتب هؤلاء في طلبهم "لسنا في عقد ملزم مع اليمين" لنحكم معاً. وتبلور الجدل بين الشريكين الكبيرين في الائتلاف الحاكم في الأسابيع الأخيرة حول إقرار حد أدنى لمعاشات التقاعد. ويريد الحزب الاشتراكي الديموقراطي فرض حد أدنى، فيما يرفض المحافظون، نظراً لتكلفة ذلك في وقت جاءت فيه عائدات الضرائب أدنى من المتوقع. ويبدو أن المناقشات ستكون شديدة التعقيد في أعقاب الانتخابات. وفي وقت لاحق في أيلول/سبتمبر، وبعد سلسلة انتخابات محلية، من المقرر أن يجري الحزب الاشتراكي الديموقراطي تقييماً للنصف الأول من الولاية، ويقرر على أساسه البقاء في الائتلاف أو مغادرته التي ينتج عنها انتخابات مبكرة ونهاية مسيرة أنغيلا ميركل السياسية. وبالنسبة للمسيحيين الديموقراطيين، فقد دفع القلق بالأمين العام للاتحاد المسيحي الديموقراطي بول زمياك إلى حضّ الاشتراكي الديموقراطي على البقاء في الحكومة لكي "يعمّ الاستقرار في البلاد". ويخشى المسيحيون الديموقراطيون من إخفاقات انتخابية إضافية في أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر، حيث من المقرر عقد انتخابات في مناطق ألمانيا الشرقية سابقاً، معاقل حزب البديل لألمانيا اليميني المتطرف. وعلى المستوى الوطني، حصل اليمين المتطرف الأحد على نحو 11%، وهي أقلّ من نتيجته في الانتخابات التشريعية في عام 2017. لكن في المناطق الشرقية، رسّخ البديل لألمانيا وجوده، حيث حلّ في الطليعة في اثنين من الولايات الثلاث التي تقترع خلال بضعة أشهر، ساكسونيا وبراندبورغ.-(ا ف ب)اضافة اعلان