حكومة يذكرها التاريخ

قلة هم رؤساء الحكومات الذين تركوا أثرا إيجابيا في ذاكرة الأجيال المتعاقبة، وسبب ذلك قد لا يرتبط بأشخاص الرؤساء أنفسهم، بل في قصر عمر الحكومات الأردنية التي يصل عمرها بالمتوسط عاما واحدا منذ قيام الدولة وإلى يومنا هذا.

اضافة اعلان

ويمكن تفسير ضعف ما تزخر به الذاكرة حول الحكومات المتعاقبة، بضعف الأداء وتواضع الأثر الذي أحدثته في حياة الناس، وفي الحد من حجم مشاكل أساسية مثل الفقر والبطالة، التي ترحل مع كل حكومة تأتي وسط توقعات باتساع حجمها نتيجة لسياسات محلية أو عوامل خارجية.

إحدى المشاكل العابرة للحكومات تكمن في الجنوب، وحال أهله الذين يتعايشون مع ظروف اقتصادية معقدة جعلت حياتهم صعبة، وسط مطالبات بالمساعدة لم تلق استجابة حكومية ترتقي لمستوى الأزمة هناك.

وتعاظمت الحالة في الجنوب حتى صارت الأصوات التي تأتي من هناك مقلقة ومحملة بالهم والحزن وعدم الرضا والغضب أحيانا، بعد أن تعثرت الحالة وفشلت الحكومات المتعاقبة في التخفيف من الفقر والعوز وقلة الحيلة ورفع الظلم الكبير الذي يتعرض له سكان تلك البقعة نتيجة سوء توزيع مكتسبات التنمية.

الجنوب الغني بأهله، وآثاره وطبيعته الخلابة، والذي تتوافر لديه كل أسباب النماء والتنمية، ما يزال يبعث رسائل عتب وعدم رضا عن الحال التي آل إليها نتيجة غياب العدالة، وتواضع حصته من الإنفاق الحكومي.

هكذا هو حال الجنوب منذ سنوات طويلة، بؤس يشتد وحاجة تتعمق في محافظاته بدءا من معان فالكرك والطفيلة ما ينعكس بشكل كبير على ثقة أهله بالحكومة .. أية حكومة.

ويتأكد ذلك بشكل متكرر تكشفه استطلاعات الرأي التي أكدت غير مرة أن الجنوب وأهله غير راضين عن أداء السلطة التنفيذية، والحكومات المتعاقبة التي مرت من دون أن تحدث أثرا في مستوى معيشتهم.

مطالبات الجنوب عادلة وليست مستحيلة، لكن تبعثر الجهود وضياع الهدف منها يقود في كل مرة إلى نتيجة واحدة هي بقاء الحال على ما هو عليه، فالجنوب وعلى مدى سنوات متتالية ظل هاجسا للحكومات المتعاقبة، وما من شك أن كل حكومة حاولت تسديد هدف في مرمى الجنوب إلا أن خططها لم تأت بشيء، ليظل التحدي مستمرا إلى اليوم.

الأحوال في هذه البقعة تسوء يوما بعد يوم، رغم أن فيها مدينة البتراء، التي لو وجدت في أية بقعة من العالم لما كانت أوضاع سكانها أو من جاورها كما هي اليوم، وغريب عن المنطق أن سكان الجنوب الذي يضم منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة يقاسون ويعانون كل هذه المشاكل.

إقليم الجنوب الذي يشكل أكثر من 51 % من مساحة المملكة، ويقطنه 9 % من السكان، اعتمد أبناؤه في الماضي بشكل شبه كلي على الدولة من خلال الوظائف في قطاعاتها المختلفة.

حال الجنوب المستعصي يفتح الباب واسعا على أسئلة حول أهمية خطط التنمية، ويرمي الكرة في ملعب الحكومة الحالية لتسجل هدفا في مرمى الجنوب، يُدخلها التاريخ لتحفر اسمها عميقا في ذاكرة الأردنيين.

[email protected]