حلف دفاعي بين إسرائيل وأميركا

حلف دفاعي بين إسرائيل وأميركا
حلف دفاعي بين إسرائيل وأميركا

يديعوت أحرنوت

اليكس فيشمان

26/11/2010


قلق في وزارة الدفاع. فقد علموا هناك بأن مجلس الأمن القومي برئاسة عوزي أراد يُعد في هدوء وصمت ورقة بحث في موضوع حساس لا مثيل له ألا وهو اقتراح اسرائيلي لحلف دفاعي استراتيجي مع الولايات المتحدة. يتبيّن أن الجيش الاسرائيلي لا يريد حقا حلفا من هذا القبيل، يعني من جملة ما يعني تقييدا كبيرا لقدرة عمل اسرائيل المستقلة في مواجهة تهديدات في الدائرتين القريبة والبعيدة. لكن ليس هذا هو السبب الوحيد للتشكك الكبير الذي تبديه الوزارة في العمل الذي يعدّه أناس أراد. فهم مشغولون منذ شهور طويلة، بالتعاون مع الاميركيين، ببناء سلة ضمانات أمنية للسنين العشرين الآتية بكلفة عشرين بليون دولار. وتدفع فجأة في خططهم اصوات لا يريدونها – من قبل محيط رئيس الحكومة – على هيئة حديث عن حلف دفاعي لا يتصل بأي سياسة دائمة واضحة، يوجد لها هدف ما في النهاية ايضا.

اضافة اعلان

الحكاية الغريبة عن الحلف الذي يطبخ في ديوان رئيس الحكومة يذكر تذكيرا عجيبا بحكاية عجيبة اخرى وهي الصلة الهاذية بين صفقة طائرات أف 35 التي يفترض أن تنفذ في 2017 (!) وبين الموافقة الاسرائيلية على تجميد البناء في المناطق ثلاثة اشهر اخرى. ما الصلة بين صفقة أمنية، هي جزء من الالتزام الاميركي التقليدي للحفاظ على التفوق العسكري الاسرائيلي، وبين التجميد؟

يوجد قاسم مشترك واحد لهاتين الحكايتين العجيبتين. إن الذي فكر فيهما يعلم جيدا أن انشاء حلف دفاعي يقتضي اجراء سياسيا اشكاليا ومعقدا جدا في الولايات المتحدة، يشتمل على موافقة مجلسي النواب، واحتمال أن ينفذ في واقع الامر ليس مرتفعا كثيرا. كما يعلم في الحقيقة أن التزام رئيس اميركي اعطاء اسرائيل هدية عشرين طائرة، بكلفة تزيد على بليوني دولار زيادة على المساعدة الخارجية الثابتة، لا يكاد يكون ممكنا في الظروف الاقتصادية اليوم. سيضطر الرئيس الى أن يوضح لجمهوره لماذا يوزع هدايا في الخارج، في حين يغلقون المصانع في دوترويت. تكاد تكون هذه دعوة للانتحار السياسي.

ومن نصب له هذا الفخ – أي رئيس حكومة اسرائيل – عرف بالضبط ما الذي يفعله. يحتال نتنياهو الحيل الممكنة كلها لكسب الوقت، وتأخير النهاية والتهرب من قرار يتعلق باستمرار المسيرة مع الفلسطينيين.

التزم نتنياهو للجمهور انه اذا لم توجد هدايا فلن يوجد تفاوض، ولا يفهم الاميركيون ما الهدايا التي يتحدث عنها، والآن يحطمون رؤوسهم في اسرائيل تفكيرا كيف يوجدون صيغة تخلص رئيس الحكومة من الشرك الذي أدخل نفسه فيه. يتحدثون عن امكانية أن يبذل الاميركيون هبة ما تغطي بعض كلفة الطائرات العشرين، وأن تدفع اسرائيل من المساعدة الخارجية الأمنية الاميركية ما بقي. وستحدث القصة كلها أصلا في 2017 فقط. والتفاوض الاسرائيلي – الفلسطيني في خلال ذلك عالق.

كيف نجحت اسرائيل في إحداث هذه الورطة الخطرة، التي تربط التزام اميركا الأساسي الحفاظ على أمنها بتجديد التفاوض مع الفلسطينيين؟

يتبين أن نائب رئيس مقرات القيادة المشتركة الاميركي الجنرال جيمس كريترايت يتنقل منذ ثمانية اشهر بين وزارة الدفاع الاميركية ومكتب رئيس شعبة التخطيط أمير ايشل. وبالإيقاع نفسه على التقريب يأتي ضباط كبار اسرائيليون الى وزارة الدفاع الاميركية ايضا. هدف اللقاءات المكثفة التعرف على احتياجات اسرائيل الأمنية وصياغة رزمة مشتركة ترد على التهديدات التي ستواجهها الدولة في العشرين سنة القريبة.

هذه الرزمة في الحقيقة هي خطة منظمة، لأمد بعيد تحل حينما يحين الوقت محل خطة اخرى للمساعدة الخارجية الأمنية لاسرائيل، بكلفة ثلاثين بليون دولار يفترض أن تنتهي في 2017. وباختصار ستحل رزمة محل رزمة ويضمن الالتزام الاميركي لاسرائيل الى سنة 2030 على الأقل.

بدأت صياغة الرزمة الحالية في أواخر ولاية الرئيس بوش، عندما تلقى الجنرال جيم جونز، الذي اصبح بعد ذلك رئيس مجلس الأمن القومي، من الرئيس بوش توجيها الى بدء مباحثات مع هيئة القيادة العامة الاسرائيلية في احتياجات اسرائيل الأمنية. وكانت الغاية مزدوجة. أولا تحقيق الالتزام الاميركي الأساسي لأمن اسرائيل. وثانيا كان هنا تعبير عن التصور العام الذي قال ويقول اليوم ايضا إن اسرائيل الآمنة هي اسرائيل السخيّة، التي تتعاون مع جهد سياسي اميركي في الشرق الاوسط.

استخفوا عندنا بطبيعة الأمر شيئا ما بجونز. وأجلسوه – وهو جنرال ذو اربعة نجوم – إزاء ضابط برتبة مقدّم. كانوا على ثقة من أن جونز يأتي الى هنا ليتبيّن كيف نفرط في عرض التهديدات، ونتباكى ونطلب وسائل ومخصصات تزيد على الحاجة. أي أن جونز باختصار قد جاء لـ"خوزقتنا".

على مر الزمن أصبح جونز نفسه رئيسا لمجلس الأمن القومي في ادارة اوباما، وما يزالون عندنا بعد الخازوق الذي صنعوه له لا يدركون لماذا لا يجهد نفسه حقا في أن يكون رجلا لطيفا.

استغرق الامر عدة شهور الى أن أدركوا عندنا أن الرجل جدي وبدأوا يتعاونون معه. وهكذا، عشية تولي اوباما السلطة، صدرت من تحت يديه ورقة ممتازة يعرض فيها مشكلات أمن اسرائيل الأساسية والرد الممكن. تحدثت وثيقة جونز عن ثلاث دوائر تهديد: دائرة الارهاب، ودائرة دول العدو القريبة والدائرة البعيدة، الاستراتيجية، وتشتمل على القضية الذرية وايران.

تبنى رئيس الحكومة نتنياهو هذه الورقة بقوة، وفي جميع رحلاته الى الولايات المتحدة كرر النغمة نفسها. أصبحت نظرية الدوائر الثلاث أساس تصور اسرائيل الأمني مع الإدارة.