حلول تمويلية.. المشاركة المنتهية بالتملك

غسان الطالب*

من أدوات التمويل المتبعة في النظام المصرفي الإسلامي؛ المشاركة بأشكالها المختلفة، مثل المشاركة المنتهية بالتملك والتي تعرف بالمشاركة المتناقصة، والمشاركة الدائمة، والمشاركة لأجل، فالمشاركة بمعناها العام هي خلط الأموال المخصصة لعمل ما بدون التمييز بينهما تتم بموجب عقد بين طرفين أو أكثر للمشاركة في مشروع ما يشارك كل طرف فيه بعنصر رأس المال وعنصر العمل معا على أساس المشاركة في الربح والخسارة والمشاركة المنتهية بالتملك والمتبعة في المصارف الإسلامية هي الشراكة بين طرفين أو أكثر “المصرف والعميل” في مشروع ذي منفعة مادية يعطي بموجبها المصرف للعميل الشريك معه الحق في أن يحل محله في ملكية المشروع حسب الشروط المتفق عليها في العقد بينهما إما دفعة واحدة أو بشكل تدريجي، وهنا يكون المصرف شريكا يتمتع بحقوق الشراكة كافة، ويعلن المصرف نيته عدم الاستمرار في الشراكة وعليه يحصل العميل الشريك على وعد في الحلول مكانه في ملكية المشروع عند استيفاء شروط هذا النوع من الشراكة على أن يكون هذا الإحلال بموجب عقد منفصل ومستقل بعد نهاية الشراكة وبعد أن يتملك المصرف حصته في المشاركة ملكية تامة وعلى مبدأ المشاركة في الربح والخسارة كل حسب مساهمته في رأس المال المستثمر في المشروع.اضافة اعلان
لكن يشترط أن لا يكون الهدف من المشاركة المنتهية بالتمليك مجرد الحصول على قروض فقط والتحايل على الربا، لهذا يتوجب على كل طرف أن يتملك حصته فعليا ملكية تامة لحين التنازل، وأن لا يكون في العقد شرط يلزم العميل الشريك برد حصة البنك كاملة مع الأرباح منعا للوقوع في شبهة الربا.
وتعد المشاركة المنتهية بالتملك أداة تمويل واستثمار متوسطة وقصيرة الأجل تنسجم مع أصول الشريعة الإسلامية وتحقق مصلحة للمصرف والعميل معا بحيث يوظف المصرف السيولة المتوفرة لديه والعميل يجد التمويل المطلوب لمشروعه بدون اللجوء إلى الفائدة.
وتأخذ المشاركة المنتهية بالتملك أشكالا عدة منها:
- الشكل الأول والذي يتم فيه تحديد حصة كل طرف في رأس المال الداخل في المشروع، يمكن للبنك بموجبه بيع حصته في المشروع كاملة أو جزئيا للعميل أو لغيره ويعطى الحق نفسه للعميل الشريك.
- الشكل الثاني وهو الذي يتفق فيه المصرف مع العميل على تقديم التمويل الكلي أو الجزئي لمشروع ما يمكن أن يحقق دخلا لكلا الطرفين وبموجب اتفاق يسمح للبنك الحصول على حصة نسبية من صافي الدخل المتحقق فعلا لتسديد جزء من قيمة مبلغ التمويل الأصل المقدم من المصرف للمشروع.
- والشكل الثالث تكون حصص المصرف والعميل في المشروع الممول على شكل أسهم يكون توزيع العائد كل حسب حصصه. ويسمح هذا النوع من المشاركات للعميل الشريك من شراء بعض الأسهم من حصة المصرف في نهاية كل سنة مالية حتى تنتقل الملكية كاملة إلى العميل وبشكل تدريجي وهذا الأكثر شيوعا وخاصة في التمويل المقدم لقطاع العقار.
ويمكن القول إن المشاركة المنتهية بالتملك من أهم صيغ التمويل المعتمدة في المصارف الإسلامية، وتعد البديل المنطقي والأخلاقي للتمويل بالفائدة، كما أنها تستجيب لرغبات العديد من المتعاملين مع المصرف الإسلامي الراغبين في الحصول على التمويل؛ حيث تغطي حاجاتهم التمويلية متوسطة وقصيرة الأجل وحسب المشروع المراد تمويله.
وحتى تكون المشاركة المتناقصة المنتهية بالتملك أكثر مساهمة في حجم التمويل المقدم من المصارف الإسلامية، فإننا نرى ضرورة أن تتوجه المصارف الإسلامية إلى الاهتمام بقطاع الحرف والمشاريع الصغيرة نظرا لحاجتها لمثل هذا التمويل والذي يؤدي إلى إحداث تنمية اقتصادية واجتماعية تسهم في استقرار المجتمع، كما نرى ضرورة وضع برامج وسياسات يتم من خلالها تسويق منتجاتها المالية والتعريف بها أكثر لجذب المستثمرين الجدد وتوظيف مدخراتهم والاهتمام بتدريب وتهيئة كوادرها وموظفيها بشكل مستمر حتى تمكنهم من مواكبة تطور منتجاتها المالية.
هذا لا يعني التقليل من أهمية المدى الذي وصلت إليه المصارف الإسلامية في تطوير منتجاتها المالية، لكن طموحنا لا يتوقف عند هذا الحد بل نأمل منها الابتكار والتجديد وتقديم ما هو أفضل.

*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي