حماس تخطئ مرة أخرى

يديعوت أحرونوت

عاموس يدلين

الهدف السياسي لحكومة إسرائيل حيال حماس في غزة غامض. فمدى الهدف يراوح بين تصفية حماس والتسليم بوجودها كصاحبة السيادة في غزة وتوجيه سياسي معتدل للجيش. بالمقابل، فإن الهدف الامني لحكومة إسرائيل حيال القطاع متواضع: الهدوء وتقليص التهديد العسكري على إسرائيل. والطريق إلى تحقيقه يبقى خليط من الردع العسكري، الادوات المدنية – الاقتصادية، والرقابة الوثيقة على دخول البضائع إلى القطاع.اضافة اعلان
بعد نحو أربع سنوات على نهاية حملة الجرف الصامد، تحاول حماس التخلص من ضائقتها العميقة من خلال تحدي إسرائيل بهجمات "دون حافة الحرب". في الاشهر الاخيرة خرق الهدوء في الجنوب وحماس مرة اخرى تخطيء في تقدير قدرتها على التحكم في التصعيد وتصميم قواعد لعب جديدة وفرضها على إسرائيل.
حماس، العالقة في ضائقة اقتصادية ومن حيث قدرة الحكم وفي عزلة سياسية، علقت في مأزق في محاولاتها العسكرية لان تفرض على إسرائيل تنازلات اقتصادية بوسائل عسكرية. فتطوير العائق التحت ارضي على حدود القطاع يدمر الانفاق التي بنتها حماس بكد شديد، واضافة إلى "القبة الحديدية" كرد على التهديد الصاروخي.
ولضيق الحال عليها توجهت إلى وسائل اخرى. بداية في الهجمات الشعبية في صورة مدنية ("مسيرات العودة") على الجدار، ولاحقا بالطائرات الورقية والبالونات الحارقة. وحيال رد إسرائيل ردت المنظمة باطلاق عشرات قذائف الهاون والصواريخ على بلدات محيط غزة. كل هذا انطلاقا من الافتراض أن هذه الوسائل لن تؤدي بإسرائيل إلى تصعيد الوضع، وان مجال مناورتها حيالها واسع. وهي مخطئة.
بشكل متضارب، اذا ما أظهرت إسرائيل تصميما وعدم امتناع عن جولة اجرى، فهناك احتمال بان تعيد حماس حسابها وتبحث عن سلم لتنزل عن الشجرة. أما اذا أبدت إسرائيل ضعفا وخوفا من جولة اخرى، مثلما في الماضي، فإن حماس ستواصل استخدام الارهاب امام المحيط بشكل يفرض دخولا محتما في معركة اخرى من القتال في القطاع.
ان المس بالسيادة الإسرائيلية، التشويش على نسيج الحياة في بلدات المحيط، والعطف الشديد في وسائل الاعلام، كل هذا يستدعي من حكومة إسرائيل أن توضح بانها لن تسلم بتحديات حماس. وقد مثل الجيش ذلك بسلسلة هجمات واسعة على اهداف بنى تحتية عسكرية لحماس. ومع ذلك، في هذه المرحلة فإن الطرفين حذران من الوصول إلى الدرجة العليا لجولة حربية كاملة. حماس تمتنع عن اطلاق الصواريخ الثقيلة التي لديها وقيدت مدى النار بمحيط غزة، بينما إسرائيل حرصت على تقليص الخسائر البشرية في حماس في المنشآت التي هاجمتها. ومع ذلك، فإن تصعيد تبادل النار يرفع المخاطرة بإصابات في الطرفين، والتصعيد في اعقاب ذلك.
وبالتالي، فإن احتمال الوصول إلى مواجهة واسعة قائم بالتأكيد. والامتناع عنها يستوجب كما أسلفنا ان تعمل إسرائيل في محورين متوازيين ومتضاربين ظاهرا: ابداء التصميم والاستعداد لتصعيد واسع من جهة، وترك مخرج تسوية لوقف التصعيد بالشروط المقبولة عليها من الطرف الاخر.

على ضوء دروس الحملات السابقة في غزة، من الصواب الاستعداد للمواجهة المحتملة التالية، بحيث أن حفظ حكم حماس لن يكون اضطرارا على اهداف المعركة؛ فمدرجات التصعيد يجب أن تكون سلسة ومفاجئة، وليس متراكمة بالتدريج. وبالتوازي للفعل العسكري، يجب تحريك آليات انهاء سياسية، لغرض تحقيق المصالح الإسرائيلية. وذلك عبر محافل مثل مصر، ومبعوث الامم المتحدة نيكولاي ملادينوف.
بعد أن يتم إيضاح موازين القوى ويقدم جواب معقول على مطالب الطرفين، يحتمل ان تنضج الظروف لتسوية محدودة من "الهدنة الصغيرة". تسوية سياسية بهذه الروح جديرة بأن تتضمن اعادة المدنيين والمفقودين الإسرائيليين؛ تحسين الوضع الانساني في القطاع؛ اقامة مشاريع بنى تحتية في مجالات الكهرباء، المياه، المجاري والمواصلات؛ فتح مضبوط للمعابر وفق مقاييس امنية متصلبة؛ نزع سلاح منظمات الارهاب والاجهزة لمنع اعادة تأهيل وتعاظم قوة الذراع العسكري. "هدنة صغيرة" كهذه يمكن أن تنخرط ضمن "صفقة القرن" التي تتوجه اليها ادارة ترامب وتبدي الدول العربية هي الاخرى استعدادها للانضمام اليها.
ينبغي الامل بأن الهدف  الامني لإسرائيل- الهدوء وعدم التعاظم العسكري- يتحقق حتى بدون الدخول إلى جولة قتالية اخرى، لانه من المعقول أن تكون شروط الانتهاء بعد حملة كبيرة مشابهة جدا لشروط التوافقات التي ستؤدي إلى منعها. ان الهدف السياسي يستوجب، كما أسلفنا، نقاشا أوسع بكثير، يتضمن الخطوة السياسية الصحيحة حيال المسألة الفلسطينية بكل عناصرها.