حماس في مأزق

مقاتلو عز الدين القسام خلال مناورة عسكرية في مدينة غزة.-( ا ف ب )
مقاتلو عز الدين القسام خلال مناورة عسكرية في مدينة غزة.-( ا ف ب )

يديعوت أحرونوت

اليكس فيشمان

على طاولة الطاقم الوزاري للشؤون الأمنية والسياسية "الكابينيت"، التي ستبحث اليوم في السياسة الإسرائيلية تجاه القطاع، يجب طرح الدرس المركزي من أحداث يوم الجمعة الاخير على الجدار: نفدت لحماس كل الاوراق من تحت الكم. لم تعد لديها ابتكارات لتحسين مكانتها. ما تبقى لها كي تبقى ذات صلة هو استمرار التجنيد الشعبي لضمان تواصل العنف والابقاء على التوتر العسكري مع إسرائيل. اضافة اعلان
بعد عشرات القتلى، والاف الجرحى علقت حماس في طريق مسدود. لا أجوبة لجمهورها. فقد جربت المصالحة مع السلطة – وفشلت. توجهت إلى مصر – وخاب ظنها. جربت الهدنة مع إسرائيل – وهذه لا تأبه. وحتى الدعم القطري تفقده. كما جربت "مسيرات العودة" على الجدار، وثبت في نهاية الاسبوع بان الخطوة لم تعطي ثمارا سياسية
هذه منظمة في أزمة حكم، ولكنها بقيت على اقدامها. لم تتلق ضربة حقيقية من إسرائيل تعطيها الاحساس بأن حكمها في خطر. ولهذا فإن فشل مشروع مسيرات العودة في الاشهر الاخيرة يجعلها منظمة متطرفة أكثر، تبحث عن سبيل إلى المحور الإيراني، والنتيجة: الفوضى على حدود إسرائيل ستستمر.
معقول الافتراض أنه حتى عيد الفطر في الاسبوع المقبل، وعلى طول المونديال، فإن الاضطرابات على الجدار ستضعف. بعد ذلك تأتي اشهر الصيف التي من المتوقع فيها انفجارات للعنف بمستويات مختلفة، إلى درجة المواجهة الشاملة. وقد تدرب سلاح الجو في الاسبوع الماضي على خطة قتالية بالتوازي في جبهتين. التوقيت ليس صدفة: على خلفية تقويمات الوضع أمر رئيس الاركان الجيش لان يكون جاهزا لنشوب مواجهة في الشمال مع انفجار في غزة. وضع معاكس تشعل فيه مواجهة في القطاع الشمال أيضا هو في احتمالية اقل ارتفاعا، ولكنها موجودة في ضوء العلاقة المتوثقة بين حماس وحزب الله وإيران.
لم تصبح احداث يوم الجمعة الاخير مثلما خططت حماس ذروة الاحتجاج الذي بدأ في نهاية اذار. بل العكس، في إسرائيل يعرفون، بأثر رجعي، كيف يشرحوا أن هذا كان فشلا متوقعا مسبقا، اذ ان الجمعة الاخير من رمضان هي حدث عائلي، والكثيرون فضلوا البقاء في البيوت في الحر الشديد. كما أن فكرة "يوم القدس الإيراني" لم تحمس بالضبط سكان غزة، وتهديدات إسرائيل، بما في ذلك استعراض سلاح الجو – فعلت فعلها. فقد بلغ الفلسطينيون عن نشاطات لسلاح الجو وقوات برية في القطاع أحرقت مخزونات من اطارات السيارات، الطائرات الورقية والخيام لغرض تشويش ترتيباتها اللوجستية.
في الجانب الامني: حقق الجيش الإسرائيلي النتائج المطلوبة منه، وصد موجات المتظاهرين الذين حاولوا التفجر على الجدار. وتهديد مسيرات الملايين تبخر. ولكن اعمال الجيش ثبتت نمطا جديدا من السلوك في الامن الجاري على الجدار: منذ 30 اذار يعمل الجيش الإسرائيلي حيال حدود ساخنة ومهددة 24 ساعة في اليوم. والصدمة التي نشأت في الجانب الفلسطيني في اعقاب يوم النكبة، والذي في اثنائه قتل 62 شخصا، صممت بقدر اقصى طبيعة المعركة: الطرفان لم يطفئا اللهيب ولكنهما قيدا، حاليا، مستواه كي لا يصلا مرة اخرى إلى عشرات القتلى.
وبالنسبة "للكابينيت" فإنه اذا رغب في تغيير الوضع الراهن العنيف على الجدار، فسيتعين عليه أن يتخذ عدة قرارات. اولا: ان يقبل توصية الجيش في التخفيف من الحصار كي يسمح لحماس ان تعرض انجازا. مثلا: السماح، وفقا لطلب بلدات الغلاف، بتشجيع الجيش الإسرائيلي – اخراج الاف العمال من القطاع للعمل في حقولها. هذا لن يمر بسهولة طالما كان جهاز الامن العام "الشاباك" يعارض. كما يمكن "للكابينيت" ان يقرر العمل على المشروع بقيادة مبعوث الامم المتحدة لتحويل الاموال إلى غزة، في ظل تجاوز حماس والسلطة. هناك نية طيبة في العالم، ولكن أحدا لا يسارع إلى تمويل البنى التحتية التي يمكنها ان تدمر في قصف ما.
ان التضحيات التي قدمتها حماس لا تبرر انجازاتها السياسية الهزيلة. واوروبا هي المكان الوحيد الذي تسجل فيه انجازات دولية: على مدى ثلاثة اشهر العنف الاخيرة لم تنجح إسرائيل في التسلل إلى الرأي العام في الدول الصديقة في الغرب وتقويض الرواية الفلسطينية. فالقيادات في اوروبا – حتى وان كانت عاطفة على إسرائيل – تتعرض لضغط رأي عام معاد لإسرائيل. ها هو سب آخر لحماس لمواصلة انتاج الشهداء.