حمى البوكيمون تغزو المطاعم والمتاجر

انطلاق سياحة "صيد البوكيمون" (من المصدر)
انطلاق سياحة "صيد البوكيمون" (من المصدر)

عمان - تتجاوز ما يطلق عليه "حمى البوكيمون" الحاجز النفسي لدى بعض المهووسين بها لتأخذ منحا "واقعيا" تتعدد أشكاله التي يأخذ بعضها شكل الجريمة أو التعدي على "خصوصية" الآخرين سواء كان في المنازل أوالمتاجر أو حتى دور العبادة.اضافة اعلان
عدد من المطاعم والمتاجر في عمان استغلت لعبة (بوكيمون غو) للترويج لمنتجاتها عبر الإعلان عن توفر اعداد كبيرة من البوكيمونات داخلها، وأن باستطاعة الزبائن التقاطها خلال الاستمتاع بوجبة شهية من الطعام أو خلال التسوق من المتاجر، فأصبح مشهد شبان (ذكورا واناثا) يسيرون دون وعي لما حولهم، امرا اعتياديا في شوارع عمان المزدحمة مثل الصويفية والشميساني ووسط البلد، مع ما يحمله ذلك من خطورة على حياتهم من حوادث السير، وحوادث تتعلق باقتحام حرمة البيوت والاماكن التي تشكل خطورة مثل المسابح، إلى جانب انشغالهم بأشياء غير مفيدة.
تقول إحدى السيدات إن ضجيجا وحركة غير اعتيادية شعرت بها خلف حديقة منزلها، ليتبين انها حركة شابين في مقتبل العمر يبحثان عن شيء، وعند سؤالهما اجابا أن (قصدهما شريف) وأنهما يبحثان عن (بوكيمون).. هذه السيدة تعاملت مع الشابين بهدوء، وقالت "خذا البوكيمون وارحلا بسرعة"، فيما دبت مشاجرة بين شاب آخر دخل إحدى البقالات في الحي وبين البائع الذي منعه من الدخول بهدف التقاط البوكيمون.! شابان آخران اتجها نحو مرآب إحدى العمارات السكنية، يحملان هاتفا خلويا ويحاولان اصطياد بوكيمون هناك، فيما اوقف شاب سيارته فجأة لنفس الهدف، لتصدمه سيارة اخرى من الخلف.
وتعتمد اللعبة على خاصية الـ GPS (نظام تحديد الموقع) في الهاتف الخلوي، حيث تظهر البوكيمونات على شاشة الهاتف كي يتم اصطيادها، ومع الاستمرار باللعب تظهر أنواع مختلفة من البوكيمونات حسب موقع اللاعب والوقت ومستواه في اللعب، وكلما تطوّر المستوى تظهر أنواع أكثر ندرة!. وضمن قواعد اللعبة يتاح للاعب التقاط ومبارزة وتدريب وتبديل بوكيمونات افتراضية تظهر في اماكن حقيقية يتم رؤيتها من خلال كاميرا الهاتف الخلوي.
استاذ علم الاجتماع المشارك بجامعة مؤتة الدكتور حسين محادين قال إن "الحياة المعاصرة القت بأعباء كبيرة على الإنسان عموما ولعل اهتمام الإنسان بأساسياته الشخصية كجزء من ابناء العالم نحو القيم الفردية، مقابل انحسار قيم الجماعة والتكافل وسطوة التكنولوجيا على الإنسان ادت جميعها وبنسب متفاوتة لشعور الإنسان بالافتراض".
ويوضح ان هذا "الافتراض لا يجد في خاصيته سوى النفاذ عبر التكنولوجيا وادواتها التي توهم الإنسان بحرية مزعومة أو جرأة على الخروج من هذا الواقع ولو لبرهة، أي ضرورة سعيه إلى ان يكون هدفا يشبه المغنطيس يجذبه لخروجه من هذا الاغتراب المعاصر، اذ ان الإنسان اصبح اسيرا لكل ما هو مفترض". ويقول ان هذا الانسان يسعى للخروج من ذاتيته المحكمة والأسيرة للرقم على حساب المعادل النفسي والاجتماعي لهذا الاحساس، الذي اصبح غائبا عن حياتنا، لذا نجد من السهل ان تنتقل العدوى الاجتماعية الى مجموعة كبيرة في العالم كجزء من التكنولوجيا كونها حاملة للفكرة.
واشار إلى أن "ادمان أو إصابة الناس بعدوى البوكيمون لا يرتبط بمستوى تعليمي او اقتصادي او عمري بدليل اننا نشاهد شرائح عمرية مختلفة انجذبت لأهداف الشركات المسوقة لهذه التطبيقات، والتي أكدت نجاحها انها خاطبت وظيفيا ما اصبح يفتقد اليه الإنسان المعاصر من تفاعلية اجتماعية مع الاخرين والاحساس الإنساني بهم".
وأوضح الدكتور محادين ان هذا الانتشار عم بشكل طاغ، وفي المقابل فإن الشركات المسوقة حققت ارباحا هائلة جراء انتشار هذا التطبيق والتعامل بكل ما يمثله من هوس وخطورة يصيب المدمنين بالتكنولوجيا.
رئيسة قسم التسويق بالجامعة الأردنية الدكتورة زينة قاسم قالت إن اخلاقيات التسويق فيما يتعلق بالترويج والإعلان عن وجود "بوكيمون" داخل المطاعم أو المراكز التجارية تكمن في أن "المواطن يقع ضحية غش وخداع في حال ذهابه إلى تلك الاماكن ولا يوجد شيء على ارض الواقع اضافة إلى استغلاله"، مشيرة إلى أن هذه الطريقة وبحسب رأيها، تعتبر مفيدة ومؤثرة وناجحة كونها تساهم في استقطاب المواطن لترويج منتجاتها وسد وقت الفراغ لديهم.
الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام المقدم عامر السرطاوي "حذر المواطنين من تحميل أي تطبيقات الا من مواقع اصلية ومصادر موثوقة تفاديا لاختراق خصوصية المستخدم وتحميل فيروسات".
يذكر أن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات ومن خلال صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك وتويتر) اطلقت حملة توعوية بخصوص استخدام لعبة "بوكيمون جو".
وتضمنت الحملة، التي تبنت شعار "هيئة تنظيم قطاع الاتصالات تتمنى لكم السلامة"، عدة رسائل توعوية ضمن هذا الاطار تؤكد من خلالها أن يتم تحميل لعبة البوكيمون من خلال المصادر الموثوقة في حال إتاحتها في المملكة، وتحذر من تحميل التطبيق من المواقع غير الموثوقة، حيث قد يحتوي ملف التحميل على ملفات تجسس أو فيروسات تخترق خصوصية المستخدم وتهدد البيانات الخاصة به على جهازه الخلوي.ونبهت الهيئة من انشغال المستخدم باللعبة أثناء القيادة أو السير على الطرق والأماكن العامة الأمر الذي قد يعرّض سلامته الشخصية للخطر، كما حذرت من قيام مستخدمي اللعبة من التعدّي على خصوصيات الاخرين أو الملكيات الخاصة أو اختراق حرمة المنازل أو إقلاق الراحة العامة والتي جميعها جرائم يعاقب عليها القانون، محذرة ايضا من استخدام الكاميرا أو التصوير في الأماكن أو المواقع أو المباني التي يحظر فيها التصوير.-(بترا)