حوادث السير وتغليظ العقوبات

بعد حوادث السير الكثيرة التي وقعت مؤخرا، وأدت إلى ضحايا بشرية وخسائر مادية، تعالت الأصوات لتغليظ العقوبات بحق المخالفين، وذلك بهدف التخفيف والتقليل من هذه الحوادث، وبالتالي تخفيض اعداد الضحايا والخسائر المادية. وفي الأثناء يناقش مجلس النواب مشروع قانون السير الجديد، حيث أحاله للجنته القانونية. ويظهر من التعديلات التي أجريت على قانون السير، أن هناك تغليظا للعقوبات على المخالفين، ما دفع نوابا للاحتجاج على التعديلات باعتبارها ترهق كاهل المواطنين. وكانت هناك محاولات لرد المشروع لهذه الغاية، إلا أن المجلس قرر بعد ذلك احالته للجنته القانونية. وهذا الأمر يدفع للتساؤل: هل فعلا تغليظ العقوبات يحد من حوادث السير، ويقلل فعلا من نتائجها المدمرة على الانسان وحياته واملاكه والمرافق العامة؟ اضافة اعلان
نظريا، فان الإجابة ستكون نعم. اذ إن تشديد وتغليظ العقوبات سيدفع السائقين للتفكير مليا قبل ارتكاب المخالفة، ومنها السرعة المسبب الاول لحوادث السير. ولكن من التجربة، فاننا غلظنا عقوبات السير اكثر من مرة، وما تزال حوادث السير تتسبب بمآس كبيرة وعديدة، وبارتفاع مستمر، بالرغم من كل الاجراءات. كما أن دولا اخرى صديقة وشقيقة لديها عقوبات مغلظة، إلا أن حوادث السير لم تتوقف، ولم تنخفض بالشكل المطلوب، وفي بعضها ارتفعت. ومن التجربة، ايضا، نحن بحاجة فعلا لحلول اكثر ابداعية ومنطقية لمواجهة كارثة حوادث السير. علينا أن ندرس تجارب الدول في الخارج والتي استطاعت فعلا الحد من حوادث السير واضرارها. علينا، ايضا، أن نبحث عن حلول محلية، تتناسب مع بيئتنا وشبكة طرقنا. كما علينا أن نبحث في اسباب حوادث السير، وما الذي يؤدي إلى ازديادها وازدياد نتائجها الخطيرة؟ اعتقد أن تغليظ العقوبات قد يحد من بعض المخالفات، ولكنه لن يجتث الحوادث المميتة، ولكنه قد يرهق كاهل المواطنين الذين لاسباب خارجة عن ارادتهم قد يقعون بمخالفات بسيطة، ولكنها مكلفة وفق منطق تغليظ العقوبات.
علينا، جميعا، مواطنين وجهات مختصة، أن نعمل، وبشكل جاد على الحد من حوادث السير وما تسببه من كوارث. فبحسب احصاءات المعهد المروري الاردني للعام 2014 وقع 102 الف و500 حادث مروري ادت الى 688 وفاة وعشرات الآلاف من الاصابات الخطرة والمتوسطة والطفيفة وخسائر مادية قدرت بنحو 239 مليون دينار وتراكميا منذ العام 2005 وحتى 2014 نحو 2 مليار و650 مليون دينار اردني. وطبعا، هذه الارقام الخطرة لم تنخفض في العامين 2015 و2016 فالحوادث مستمرة، والضحايا يتزايدون. ألا تعتبر هذه الارقام الخطيرة دافعا لنا جميعا لدق ناقوس الخطر واتخاذ الاجراءات المناسبة لوقف مسلسل نزف الدم الذي تتسبب به حوادث السير؟