حوار موسكو السوري: عثرات جديدة في طريق الحل السياسي

مقاتل من لواء الفرقان في الجيش السوري الحر لحظة إطلاق صواريخ غراد باتجاه الجيش السوري في ريف حماة أمس - (رويترز)
مقاتل من لواء الفرقان في الجيش السوري الحر لحظة إطلاق صواريخ غراد باتجاه الجيش السوري في ريف حماة أمس - (رويترز)

سليمان قبيلات

عمان - أُضيفت سلسلة من التعقيدات التي تشكل عثرات جديدة أمام حوار موسكو السوري المرتقب أواخر الشهر الحالي، غداة بروز بوادر طلاق بين دمشق والاكراد بعد اندلاع مواجهات عنيفة بينهما في مدينة الحسكة، اعتبر محللون أنها "تطوي تفاهماً ميدانياً استمر نحو سنتين وفتح جبهة جديدة في الصراع السوري".اضافة اعلان
وبالتزامن لوحت تركيا بما أسمته "توسيعا" للمنطقة العسكرية على الحدود السورية - التركية مع توافر انباء استخباراتية تركية عن وجود "علاقة" لثلاثة آلاف شخص مع تنظيم "داعش".
وحسب "المرصد السوري لحقوق الإنسان" فإن "وحدات حماية الشعب الكردي سيطرت أمس على المخفر الشمالي ودوار الصباغ والمخبز الآلي ومحطة الوقود العسكرية وصوامع الحبوب الواقعة بين دوار تل حجر والمدخل الشمالي لمدينة الحسكة"، بعد مواجهات عنيفة "تمكنت خلالها وحدات الحماية من أسر أكثر من 25 مقاتلا سوريا وسقوط قتلى.
وبحسب المرصد فإن الاشتباكات اندلعت بين الطرفين على "خلفية اعتقال وحدات حماية الشعب الكردي عشرة من القوات السورية، بعد انتشارهم في مركز الإطفائية في القسم الشمالي من مدينة الحسكة".
من جانبها، وصفت "وحدات الحماية" الاشتباكات بـ"الاعنف منذ سنتين". وكان "الاتحاد الديموقراطي الكردي" بزعامة صالح مسلم الذي تتبع له "وحدات الحماية" أعلن إدارات ذاتية في الجزيرة والحسكة شرقاً وعين العرب (كوباني) وعفرين شمالاً، وسط حديث معارضين عن تفاهم بينهما سمح لدمشق بالتركيز على قتال "الجيش الحر" وللأكراد بمحاربة "داعش" في عين العرب (كوباني) قرب حدود تركيا، بدعم من مقاتلات التحالف الدولي - العربي.
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو في تصريحات صحفية "إن تركيا قد توسع المناطق العسكرية على الحدود السورية لوقف المقاتلين الأجانب من دون إغلاق الحدود بالكامل أمام اللاجئين السوريين".
وجدد داود أوغلو دعوته الى فرض ما أسماه منطقة حظر طيران من شأنها ان تعزل مدينة حلب شمال سورية عن بقية الأراضي السورية. واعتبر أن حل الأزمة السورية لا يكمن فقط بمحاربة "داعش"، فيما افاد تقرير للاستخبارات التركية ان حوالي ثلاثة آلاف شخص يقيمون علاقات مع "داعش".
وفي دمشق، أعلنت "هيئة التنسيق لقوى التغيير الديموقراطي"، ابرز قوى المعارضة السورية في الداخل، انها تركت لاعضائها حرية المشاركة في "اللقاء التشاوري" الذي دعت اليه روسيا، بهدف ايجاد حل سياسي للازمة في البلاد.
ووجهت روسيا دعوة الى 28 معارضا سوريا للاجتماع في موسكو بين 26 و29 الحالي مع ممثلين عن دمشق. وينتمي المعارضون الى تيارات وأحزاب مقبولة من دمشق موجودة في الداخل السوري وأخرى منضوية ضمن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية. وأعلن الائتلاف رفضه المشاركة، بينما أعلنت بعض الشخصيات في الداخل مشاركتها وتريثت اخرى.
وقال الناطق الإعلامي باسم الهيئة منذر خدام ان "هيئة التنسيق لقوى التغيير الديمقراطي تركت لاعضائها حرية الذهاب الى اجتماع موسكو لعرض وجهة نظر الهيئة التي بالنسبة اليها لا يمكن لأي مفاوضات ان تحل محل جنيف- 1".
وجنيف- 1 هو اتفاق دولي تم التوصل اليه في 2012 وينص على تشكيل حكومة انتقالية في سورية لإنهاء النزاع الذي حصد منذ اندلاعه قبل نحو أربع سنوات أكثر من 200 ألف قتيل.
ولم توجه موسكو الدعوة الى هيئة التنسيق لقوى التغيير الديمقراطي" ككتلة واحدة بل وجهتها الى بعض من مكوناتها.
وكان المنسق العام للهيئة ونوابه الثلاثة الذين تلقوا دعوات للمشاركة في اجتماع موسكو طالبوا روسيا بدعوة المزيد من مكونات الهيئة. وفي هذا قال خدام إن موسكو وافقت على دعوة اربع شخصيات اخرى منضوية في الهيئة الى اللقاء التشاوري. وأضاف ان الشخصيات المدعوة "لها الحرية في ان تذهب او لا تذهب الى الاجتماع".
وتوقع محللون أن لا تنجح المبادرة الروسية في ايجاد حل سياسي للأزمة السورية، معتبرين أن دور الوساطة الروسي "يستلزم انزياح موسكو ولو قيد أنملة عن الانحياز لدمشق". ويتوقف هؤلاء حيال ما اعتبروه فألا سيئا للمبادرة "حين وجّهت موسكو الدعوات الى الحوار الى أشخاص معارضين (بعضٌ منهم موالٍ جداً)، أي أن موسكو تولّت بنفسها تشكيل وفد المعارضة، وعندما برزت اعتراضات أطلقت العبارة الانتحارية القائلة إن الحوار "سيعقد بمن حضر".
ولاحظ المحللون أن العثرات أمام المبادرة الروسية لا تتوقف على قتال الجيش السوري مع "وحدات الحماية الكردية" "بل بالانكشاف المبكر، إذ إن "تيار بناء الدولة" (رئيسه لؤي حسين معتقل) رفض صيغة الدعوة الروسية، حتى أصدر الرئيس السابق لـ"الائتلاف" معاذ الخطيب بيانه القوي الذي أجهز عملياً على المسعى الروسي، ثم نُشر مضمون رسالة حسن عبدالعظيم المنسق العام لـ"هينة التنسيق الوطني" (اثنان من قيادييها معتقلان، عبدالعزيز الخيّر ورجاء الناصر) الى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يطالبه فيها بتوجيه الدعوة الى كيانات سياسية لا الى أشخاص، وبالضغط على النظام لوقف القصف وإطلاق معتقلين لإشاعة مناخ ملائم للحوار".
وقالوا إن روسيا عوّلت كثيراً على مشاركة معاذ الخطيب لإضفاء شرعية على تحركها، فهو من "معارضة الخارج" ولم يفوّت فرصة إلا دعا الى حقن الدماء والبحث عن حل حتى لو تطلّب التحدّث مع دمشق، لكنه اشترط دائماً خطوات إنسانية تبرهن فيها دمشق "حسن النيّة". ولفت المحللون الى سيناريوات متصوّرة للحل إذا ما سارت خطواته قدما "كأن يكون معاذ الخطيب رئيساً مقبولاً لحكومة مختلطة قد تنبثق من حوار موسكو، لكن الرجل لم يبدِ ولا مرة سعياً الى أي منصب".
لكن المحللين يلفتون الى أنه "عندما دعي (معاذ الخطيب) لزيارة موسكو بحث وشاور ثم قرر التلبية برفقة وفد صغير ليسمع ويتأكد بأن ثمة مبادرة في الأفق، لكنه فوجئ حين أبلغه بوغدانوف أن لافروف سيستقبله ليسمع منه "بلا مناقشة". وعرض الشيخ معاذ أفكاره انطلاقاً من توجّهه المعروف، كما كرّره في بيانه الأخير قائلاً أن"لا حل من دون رحيل رأس النظام والمجموعة التي ساقت سورية الى المصير البائس الذي وصلته اليوم".
أسئلة لافروف الذي وجهها الى الخطيب تركزت على "كيفية ضبط المقاتلين اذا رحل الأسد"، وهو ما اعتبره المحللون اشارة روسية واضحة الى أن موقف موسكو لم يتزحزح، لكن كان لا بدّ من انتظار الصيغة التي سيُخرج بها دوره كـ"وسيط".

[email protected]