حوكمة الأحزاب

د. محمود عبابنة
د. محمود عبابنة
د. محمود عبابنة بصدور قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لعام 2022 والذي منح الأحزاب 41 مقعداً في الانتخابات المقبلة، تمهيداً لرفع هذا العدد الى 65 مقعداً في الانتخابات اللاحقة، ومع توجه الإرادة السياسية للتشجيع على نشوء الأحزاب- واعتماد تمثيلها البرلماني عوضاً عن تمثيل العشائر وحصر دورها في تعزيز الوئام وإصلاح ذات البين، فقد باشرت النخب السياسية والفكرية بإنشاء الأحزاب السياسية، جنباً إلى جنب مع الأحزاب الموجودة أصلا والتي فرض عليها القانون الجديد إجراءات إعادة التدوير والترميم والصيانة والتأهيل، وها نحن نشهد انعقاد المؤتمرات العامة لهذه الأحزاب، وفي معظمها يجري التوافق على تشكيل مكاتب سياسية ولجان مختلفة لقطاعات متعددة، دون انتخاب. الأفكار المسبقة عن الأحزاب التي تعرضت للتشويه والشيطنة وعزوف الجماهير عن الانخراط بها بعد تشريعها في القانون السابق، والتي أبقت الأحزاب التي نشأت في ذلك الحين عبارة عن تجمعات هلامية ارتبط الحزب فيها باسم المؤسس، وأخذ الناس يقولون حزب فلان وحزب علان، ولهذا بقيت الأحزاب عبارة عن ديكورات حزبية، تخلو من الإيديولوجيا والبرامج القابلة للتطبيق. إشهار الأحزاب في هذه الآونة وبأعداد منتسبيها يبعث جذوة الأمل والحماس، ونأمل أن يستمر الدفع باتجاه تعظيم هذا الشعور بالرغم من أن طريق الاستمرار والنجاح غير مفروش بالورود، فأكثر ما يؤرق أصحاب التجربة أن تغرق الأحزاب في طابق الكولسات والتنافس على المناصب لا سيما وأنها توزع دون انتخابات داخل الحزب-(باسثناء حزب واحد أجرى انتخابات)- وهناك من انتسب إلى الحزب لأنه يريد أن يبقى في الصدارة وتحت الأضواء جالساً في المقاعد الأمامية، وربما تكشف لنا الأيام القادمة عن سلسلة من الانسحابات والانشقاقات التي سيتداولها الرأي العام وبالذات الأوساط الحزبية، ونعتقد أن ذلك سيعود إلى غياب مفهوم حوكمة الأحزاب والتي هي إكسير حياة وديمومة الأحزاب، فلا يكفي الحزب إشهار الشعارات البراقة كالمناداة بالعدالة والحرية والتنمية ومكافحة الفساد، بل لا بد أن تنعكس هذه الشعارات إلى برامج قابلة للتطبيق، مستقاة من رأي الجماهير ومسلحة ببرامج تفصيلية لمعالجة مشاكل الفقر والبطالة، وتحصين حقوق المواطن.....، وأن يكون لكل حزب ورقة ورأي وبرنامج خاص بقطاع المياه والطاقة على سبيل المثال، وكل ذلك يستوجب عملا مكثفا من خبراء في هذه المجالات يستقطبهم الحزب أو يلجأ إليهم. تسويق أي حزب يعتمد على مبادئة وفلسفته، وتحديد هوية الدولة التي نريد، وعرض برامجه في مختلف الأصعدة، ويجب أن يعمل وكأنه في حكومة ظل، بالطبع هذا كله يتوقف على نشاط كوادره ولجانه المختلفة ودون مواربة يحتاج الحزب إلى دعم مالي وهنا تكمن عقدة المنشار، فبالإضافة إلى اشتراكات الأعضاء فلا بأس باللجوء إلى التبرعات المتواضعة من المواطنين ومؤسسات القطاع الخاص، ومن المؤازرين الذين يعتقدون بمبادئ الحزب، لكن الحذر الحذر أن يتسلل رأسمالي كبير لتمويل الحزب وهو لا يعرف فلسفة الحزب ويتحكم بقيادته ولجانه فيغلب المال على الفكر ويسقط الحزب في بروتوكولات الوجاهة والبريستيج، وهات لحق صور وبوزات لرئيس الحزب، الذي سيملي لحن الحزب وشعارهاضافة اعلان