حول زيارات النواب الميدانية!

حركة وسلوك الكتل واللجان النيابية يجب ان تكون مدروسة سياسياً وبرلمانياً وبأهداف واضحة معلنة وفي اطار يتناسب ويليق بحجمها وثقلها ووظيفتها

تزايدت بشكل ملفت زيارات لجان وكتل نيابية بشكل جماعي الى وزارات ومؤسسات ومديريات رسمية. شارك في بعضها عشرات النواب. حاولت جاهداً ان اعرف او افهم "من الزوار" اسباب ودوافع مثل هذه الزيارات ولقاء المسؤولين في "مواقعهم".

اضافة اعلان

هل هي زيارات تفقدية (!) ام استكشافية, ام ماذا? وما هي الوظيفة الدستورية (النيابية) للزيارة.

لا احد يقدم شيئاً, سوى الحديث عن الفائدة الشخصية من المعلومات عن المؤسسة الرسمية وعملها. ولا يوجد في ذهن "الزوار" قضية معينة او موضوعاً محدداً للبحث.

وخلصت الى الاستنتاج بان هذه الزيارات هي اقرب الى الرحلات المدرسية الاستكشافية, التي تنظمها المدارس لطلبتها لتعريفهم على مؤسسات الوطن ومواقعه الجغرافية والسياحية. مع علاقات عامة "مفيدة" وقليل من المناسف وكثير من المعجنات والبتي فور.

مثل هذه الرحلات الاستكشافية, شجعت هيئة الاوراق المالية (ربما بنصيحة نيابية) على دعوة كل اعضاء مجلس النواب لزيارة الهيئة والاطلاع على عملها وتناول طعام الغداء في رحابها. حدث هذا في وقت كان فيه مجلس النواب في ذورة مناقشاته لكارثة مكاتب البورصة العالمية وتوجيه انتقادات لقصور الهيئة في تحمل مسؤولياتها. لكن بحمد الله, ألغيت الرحلة الجماعية لمجلس النواب, بعد ان تأجلت مرتين من دون ان يقول لنا احد لماذا الغيت "الدروس الخصوصية" عن الهيئة ونشاطاتها واسلوب عملها. ولماذا حرمنا من تذوق مناسفها.

لا اعتراض لي على حب العلم والمعرفة والاستكشاف, لكن لكل عمل او هدف برلماني, أصوله وقواعده الدستورية والسياسية والبروتوكولية.

النظام الداخلي لمجلس النواب "يحرم" اجتماع لجان المجلس خارج اسوار مجلس النواب, لانه مكان عملها وحتى لا تقع تحت تأثير جهات "فوق نيابية" وكي يكون عملها نظامياً وموثقاً. ويعطي النظام الحق للجان النيابية, باستدعاء من تشاء من الحكومة, لتعرف او تستكشف او تتحقق من واقعة او معلومة.

والكتل النيابية, يمكنها ان تفعل الشيء نفسه, ليس بقوة القانون (النظام الداخلي), انما بقوتها السياسية والمعنوية, فكتلة قوامها ما يوازي نصف عدد اعضاء مجلس النواب او خمسه, يمكنها ان تطلب لقاء اي مسؤول في الدولة لمحاورته وسماع رأيه في اي موضوع تشاء, وسيلبي المسؤول الدعوة بطيبة خاطر, لان كل المسؤولين في الدولة يهمهم ان يجدوا دعماً من الكتل النيابية لسياساتهم وحتى لشخوصهم.

حركة وسلوك الكتل واللجان النيابية, يجب ان تكون مدروسة سياسياً وبرلمانياً, وبأهداف واضحة معلنة وفي اطار يتناسب ويليق بحجمها وثقلها ووظيفتها.

عندما يجتمع او يتحرك خمسون نائباً او عشرون او عشرة, يتوجب ان يكون مثل هذا الاجتماع حدثاً محلياً وخبراً يتصدر اخبار وسائل الاعلام المختلفة.

مرة اخرى, لست ضد العلم والمعرفة, ويمكن ان تحقق الكيانات النيابية الهدف بوسائل اكثر لباقة. والاهم من الزيارات الاستكشافية التي لا يتبعها علم ولا خبر, ان تركز الكيانات النيابية على دورها السياسي والبرلماني.

فما الذي يمنع الكتل النيابية مثلاً من فتح ملف الاقاليم ومناقشته مع الحكومة وتقول للجمهور رأيها بما سمعت وملاحظاتها ان وجدت, وتشكل رأياً خاصاً, وتعمل من اجله. وكذلك عناوين الاصلاح السياسي الاخرى, ومشاريع القوانين المهمة التي ستعرض على مجلس النواب في دورته الاستثنائية القادمة.

اشياء كثيرة يمكن للكيانات النيابية ان تقوم بها وتقع في صلب مهماتها، تحتل اولوية على الزيارات الاستكشافية, التي توحي بالحركة والنشاط.

صورة مجلس النواب في ذهن الجمهور وهيبته, تتشكل من مجموع سلوكيات وانشطة وفعاليات وادوار يقوم بها المجلس وهيئاته وافراده. ولا تأتي من العدم.

[email protected]