خالد سليم.. "كابتن الكباتن" للكرة الأردنية... و"المايسترو" والمرعب في ذاكرة الجماهير الوحداتية

مصطفى بالو ومحمد عمّار

عمان - ذكريات لا تنسى من ذاكرة الرياضة الأردنية، زاوية تستحدثها "الغد"، وتعود إليها حنينا للزمن الجميل، لتقدم إلى قرائها باقة منوعة من صفحات المبدعين والنجوم، إداريين ومدربين ولاعبين، تغلفها معاني الإبداع والإمتاع والإقناع، عبر تاريخ طويل في المنافسات الرياضية، وتتوقف فيها عند أسماء أعطت وما تزال، وتسلط الضوء على مساهماتهم في دفع عجلة الحركة الرياضية، وتحقيق الإنجازات الوطنية على صعيد أنديتهم والمنتخبات الوطنية.اضافة اعلان
"كابتن الكباتن" خالد سليم، و"مايسترو" الوحدات المطرب، والقائد الميداني المرعب في تاريخ الوحدات والكرة الأردنية، والنجم الخالد في ذاكرة الجماهير، بوصفه مهندس العمليات الأبرع والهداف والمدفعجي الأروع ، والذي توقفت "الغد" عند صفحات من ذكرياته الكروية، وتستعرضها من خلال هذه السطور، في زاوية "ذكريات لا تنسى".
1956.. تاريخ وحداتي أصيل
من ينظر الى هذا العام، يسرح في خياله الواسع، نحو ولادة النادي من رحم المعاناة في مخيم الوحدات العام 1956، والذي ولد كبيرا برجالاته وإنجازاته وجماهيرته الجارفة، وتجمع الصدفة ليكون تاريخ ميلاد نادي الوحدات، ليكون مصدرا للفخر والإنجازات في المجالات الرياضية والاجتماعية والرياضية، ويلتقي ميلاده مع يوم ميلاد أروع نجومه وقياداته في دروب المستديرة نحو المجد والتاريخ الكروي الطويل والكبير.
صادف يوم 25-8-1956، ولادة نجم كروي من طينة الكبار، صاحب "الكاريزما" القيادية الصارمة، والمهارات الكروية الساحرة، حيث ولد "كابتن الكباتن" و"الفاسوخة خالد سليم، النجم الكروي والاسم المدوي في تاريخ الكرة الأردنية، عبر بداية جزراوية مع فرق فئاته العمرية منذ العام 1971، على يد استاذه عادل صالح، بعد أن كان بارعا في لعبة كرة الطاولة، ووصل سريعا إلى كتيبة "الشياطين الحمر" العام 1974 بقيادة الراحل بسام هارون، وأبدع في صفوفها قبل أن تركض خلفه محاولات الراحل سليم حمدان في أكثر من محاولة، في ظل رفض مدرب الفريق الجزراوي الراحل د.بسام هارون، وشاءت الأقدار ليغادر الراحل هارون أرض الوطن بقصد إكمال دراسته العليا، حتى أقنع الراحل سليم حمدان نادي الجزيرة بالاستغناء عن الكابتن خالد سليم لصالح الوحدات، حيث تابع الراحل سليم مهارات خالد سليم عن كثب، من خلال الحارة والمدرسة، ليرتدي الكابتن سليم القميص الأخضر، وبدأ الدفاع عن ألوانه منذ العام 1975، وشاركه فرحة الصعود إلى دوري أندية الكبار، أمام كفرسوم في تلك المباراة الشهيرة التي سجل فيها سليم للوحدات، عازفا شرسا ومهاريا لـ"الاوركسترا" الوحداتية التي عاشت مرارة البحث عن الذات للعودة بين الكبار.
عنوان الإبداع
"كابتن الكباتن" أو الفاسوخة بحسب ما عرف به عند جماهير الوحدات، التي أحبته وأحبها وما تزال قصة العشق تتعاظم إلى يومنا هذا، أمتلك شخصية فولاذية، إطارها الوفاء ومحركها الانتماء، ما جعله دائم العصبية، متقدما بهيبته الى قيادة الفريق الوحداتي، الذي شاركه رحلة الصعود والكفاح للعودة الى ركب الكبار، بعد موسمين كبيرين للكتيبة الوحداتية، التي عزفت أحلى الألحان الكروية، وتسلحت بهمة الشباب بعد أن هبت رياح الاحلال والتجديد، بعد أن وقف إلى جانب أسماء كبيرة كل من الراحل سمير كعوش، يعقوب ذياب، بهجت شهاب، الراحل عزت حمزة، ماجد البسيوني، عمر سلامة، أسماعيل يوسف، سلامة الرزاز، الراحل جلال قنديل، نصر قنديل، عثمان القريني، وتابع الى جانب الاسماء والمواهب المعروفة، باسم تيم، مصمطفى أبوب، ماجد بسيوني، بكر جمعة، مظفر جرار، وليد خاص، جلال ملحم، نصر قنديل، جلال علي، غسان جمعة، نادر زعتر، غسان بلعاوي، جلال علي، عبدالكريم الشدفان، يوسف العموري، رائد عساف، ابراهيم سعدية، جهاد عبد المنعم، وغيرهم من الاسماء الوحداتية الخالدة في ذاكرة الجماهير الوحداتية.
خالد سليم الذي امتدت موهبته الى الكلية العربية، والتي تخرج منها بدبلوم لغة انجليزية، كان له الفضل بجلب المدرب المصري المعروف فتحي كشك، أحد العلامات التدريبية المميزة في المسيرة الوحداتية، والذي رسم ملامح الكرة الوحداتية، بعد أن قدمه سليم إلى الراحل سليم حمدان والذي كان يدرس التربية الرياضية في الكلية العربية، وواصل خالد سليم رحلة الألق الوحداتية، وقدمته الى المنتخبات الوطنية، المعروف بمهندس العمليات، وصاحب المهارة الساحرة، والمجهود الوافر دفاعيا وهجوميا، والمدفعجي صاحب الأهداف من تسديدات بعيدة، وغدا مهندس العمليات والهداف البارع لكرة الوحدات، والمنقذ في أكثر المباريات لذلك أطلق عليه الراحل سليم حمدان لقب الفاسوخة.
ألقاب وحداتية
ساهم خالد سليم مع رفاق دربه في جلب العديد من الألقاب الوحداتية، ما تزال اسهامته في زف كأس الدوري الأول الى مقر نادي الوحدات العام 1980، ماثلة للعيان في ذاكرة الكرة الأردنية، وفرضه إلى جانب زملائه الوحدات طرفا ورقما صعبا في تاريخ الألقاب المحلية من ذلك الحين، وهو الذي سجل في مباراة التتويج –المباراة المعادة أمام الحسين إربد-، بحضور المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال –طيب الله ثراه-، واحدا من أجمل اهدافه من تسديدة بعيدة المدى، وسجل إلى جانب "توأم" ابداعه الراحل جلال قنديل، والذي شكل معه ثنائيا لا يتكرر في تاريخ الكرة الأردنية، وما يزال شاهدا للعيان على الكرنفال الجماهيري الذي رافق الوحدات، منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذا في حله وترحاله.
وتوالت مساهمات الراسم بالكرة أروع الأهداف والهجمات، في إنجازات فريق الوحدات، وهو الذي شاركه فرحة التتويج بلقب "دوري المظاليم" والصعود للكبار مرتين، والتتويج بلقب الدوري الأول العام 1980، والذي برع بتسجيل 8 أهداف فيه ولا أروع، وطبع قبلته عليه مرة ثانية بالعام 1987، وحمل لقب الدرع مرتين 1982 و1983، وكأس الأردن موسم 1982 و1985، فيما غاب عن فرحة التتويج بلقب كأس الكؤوس الأول العام 1989، حيث كان آخر موسم له مع الوحدات العام 1987.
"القائد المهاب"
عرف خالد سليم بالقائد المهاب، وهو الذي اعطى لشارة القيادة هيبتها ومكانتها في تاريخ الكرة الأردنية، سواء على صعيد الوحدات الذي ارتدى فيه القميص رقم (5)، أو على صعيد المنتخب الوطني الذي ارتدى فيه الرقم (10)، وهو الذي كان الأخ والصديق لزملائه بالملعب، والقائد الذي لا يرحم في حالة الخطأ، ولعل عصبيته ترجمة صدق انتمائه للولاء والانتماء للقميص والشعار، وكان لا يسكت عن الخطأ حتى في مناقشة مدربيه، وتقديم رأيه بجرأة وصراحة.
ولخالد سليم قصص وحكايا مع شارة الكابتن سواء في الوحدات أو المنتخب الوطني، حيث استلم شارة القيادة في الوحدات خلفا للاسماء الكبيرة ، اسماعيل يوسف، نصر قنديل، يعقوب ذياب، الراحل جلال قنديل، وماجد البسيوني، وهو الذي تسملها تحديدا خلفا للبسيوني في عهد مدرب الفريق الراحل عزت حمزة، منذ الموسم 1982 وحتى اعتزاله الكرة بالموسم 1987، وسلمها من بعده للكابتن نادر زعتر.
وكان "الكباتن"، معروفا بشد ازر زملائه، ورفع معنويات الشباب، لكنه يتحول الى اعصار في حالة الخطأ، ولا يهادن لاعبا أو مدربا في مصلحة الوحدات، وما يزال مشهد تعنيفه لزميليه المدافعين البارعين الكابتن وليد قنديل والكابتن مصطفى أيوب، في مباراة جمعت الوحدات الفيصلي موسم 1986، عندما رواغهما بسهولة الراحل خالد عوض، وسجل هدف التقدم للفيصلي في الدقائق الأولى من المباراة، وكيف ثار غضبا أمام مدرب الفريق الذي عارضه باستبدال المدافع جلال علي، وكيف انقلبت المباراة رأسا على عقب، بعد تقدم للوحدات 2-0، سجل أحد الأهداف خالد سليم، الى فوز متأخر للفيصلي 3-2 في مسابقة الكأس العام 1983.
ولعل "الكاريزما القيادية" لـه، فضلا عن إضافته الفنية لذكائه الميداني، ومهارته في صنع الألعاب وتسجيل الأهداف الرائعة، جعلت المدرب الاسكتلندي داني ماكلين، يستدعيه إلى صفوف المنتخب الوطني العام 1979، ومنحه شارة القيادة رغم صغر سنه بالنسبة لزملائه، وكان وقتها سليم لم يتجاوز 24 عاما، وهو ما جعل جماهير الوحدات تناديه بلقب "كابتن الكباتن" لحمله شارة القيادة في صفوف الوحدات والمنتخب الوطني.
صفحات وطنية
تشرف خالد سليم بواجب الدفاع عن ألوان المنتخب الوطني، بعد استدعائه من قبل المدرب داني ماكلين 1979، والذي بقي فيه حتى العام 1985، وقبله كان اختير إلى منتخب الشباب بقيادة الراحل شحادة موسى وهو ابن الـ17 ربيعا بمشاركة رفيق الدرب الراحل جلال قنديل، وان استدعي خالد سليم الى صفوف المنتخب الوطني الأول العام 1975، للمشاركة في الدورة العربية آنذاك، إلا أن ظروف دراسته للثانوية العامة حالت من دون التحاقه.
وعزف سليم أورع الألحان الوطنية في صفوف المنتخب الوطني، وعرف باللاعب المطرب الذي يعزف بالكرة ألحانا شجية، والقائد المرعب والاخ السند والمدافع عن حقوق زملائه، لا سيما باسم تيم، ميلاد عباسي، محمد اليماني، ابراهيم سعدية، توفيق الصاحب، ميلاد عباسي، نادر زعتر، حسام سنقرط، زيد الشرع، فائز بديوي، جلال علي، نارت يدج، جهاد عبدالمنعم، عصام التلي، باسم مراد، خالد سعيد، نبيل التلي، جودت عبد المنعم، سامي السعيد، راتب الداود، خالد الزعبي، وناجح ذيابات، وغيرها من الاسماء الخالدة في ذاكرة الكرة الأردنية، وشاركه منذ دورة الفتح في ليبيا، بطولة كأس العرب العام 1983، وتصفيات كأس العرب في السعودية 1985، وتصفيات دورة الالعاب الأولمبية 1984 في لوس انجلوس، وشارك المنتخب في تصفيات كأس العالم 1984 في الصين، وترك الكابتن خالد سليم سيرة ومسيرة وصفحات لا تنسى من ذاكرة الكرة الأردنية.
وداع المستديرة
اتخذ سليم قرار اعتزال المستديرة بعد تتويج الوحدات بلقب الدوري العام 1987، لتبقى ذكراه خالدة في عقول وجماهير الكرة الأردنية، ورتب لمهرجان اعتزال اسطوري وصف بالأجمل والأكثر جماهيرية والاروع من حيث قيمة النجوم الكروية، والذي اقيم بالتحديد في العام 1988، وشاركه رفاق دربه من الوحدات والكرة الأردنية، ونخبة من أساطير الكرة العربية أنذاك، لا سيما المصريين رئيس النادي الأهلي حاليا محمود الخطيب، مجدي عبدالغني، محمد عمر، الكويتي نعيم سعد، العراقي ناظم شاكر، وغيرهم من الأسماء العالقة في ذاكرة الكرة الأردنية، ومهرجان ما تزال تتغنى فيه الاجيال، والذي أسدل فيه سليم على مسيرة كروية قرابة 18 عاما، وترجل "الفارس" سليم عن صهوة العطاء والانتماء للوحدات والكرة الأردنية، وسلم قميصه الى مدافع الوحدات المعروف ناصر الحوراني، ولم تخل مسيرته الكروية من عروض الاحتراف، اولها من ناد سعودي، وآخرها يوناني لم يكتب لها النجاح.
وخلال مسيرة الكابتن خالد سليم الكروية، تسلح بالشهادت والدورات التدريبية، حين خاض دورة تدريب في "يوغوسلافيا" العام 1985، وعايش خلالها ناديي ريد ستار وبارتيزان، إلا انه لم يخض تجارب تدريبية، فيما انشأ أكاديمية خاصة لكرة القدم حاليا، وسبق له وأن خاض التجربة الإدارية بنجاحه الساحق في عضوية مجلس إدارة نادي الوحدات في انتخابات 1998، وتسلم نشاط الكرة الذي ترك بصماته فيه، كما انه تواجد في عضوية لجنة كرة القدم المساندة لإدارة نادي الوحدات حاليا، وتفاعل في لم شمل رفاق الدرب سواء في رابطة قدامى نادي الوحدات، أو رابطة "الزمن الجميل"، أو رابطة اللاعبين الدوليين، وما يزال النجم الأروع والقائد الرهيب في ذاكرة جماهير الوحدات والكرة الأردنية.