خامنئي في مقابل روحاني: وجهات نظر متعارضة حول الصفقة النووية

الرئيس الإيراني حسن روحاني والمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي - (أرشيفية)
الرئيس الإيراني حسن روحاني والمرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي - (أرشيفية)

مهدي خلاجي* - (وورلد أفيرز جورنال) 16/7/2015

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني

كما هو متوقع، كان رد آية الله علي خامنئي على الصفقة النووية مختلفاً تماماً عن رد الرئيس حسن روحاني. فمباشرة بعد الإعلان عن التوصل للاتفاقية يوم 14 تموز (يوليو)، خرج الرئيس روحاني على شاشة التلفزيون الرسمي ليمتدح المحصلة. لكنه عندما زار صحبة مسؤولين آخرين منزل خامنئي بعد ساعات من ذلك، لم يقل المرشد الأعلى أي شيء عن الصفقة باستثناء توجيهه الشكر والثناء على المفاوضين الإيرانيين. وقد أشار هذا التحفظ من جانب خامنئي للمتشددين بأنه يجب عليهم زيادة هجماتهم على الاتفاقية.
يوم 15 تموز (يوليو)، وبهدف حماية نفسه أمام منتقديه، قال روحاني لمجلس الوزراء إن خامنئي كان "يتابع عن كثب" تفاصيل المفاوضات النهائية، وإنه مارس "إشرافاً غاية في الدقة" على العملية إلى حد النقطة التي تولى فيها المرشد الأعلى فعلاً" مسؤولية أعلى بكثير في هذا الصدد" من أي مسؤول آخر. لكن هذا نفسه لم يساعده كثيراً. وكان روحاني قد أرسل يوم 14 تموز (يوليو) رسالة إلى خامنئي تتضمن تقريراً عن نتائج الصفقة، لكن المرشد الأعلى أرجأ الرد عليها لمدة يوم من أجل إظهار عدم تحمسه لها. وكانت الرسالة قد تضمنت توجيه الشكر لخامنئي نظير "إرشاده الذكي ودعمه الدائم والصريح للفريق المفاوض" الذي "استطاع وبنجاح تنفيذ كل السياسات التي قررها المرشد الأعلى واحترم كل الخطوط الحمراء" التي حددها. وتفادى جواب خامنئي المتأخر -الذي بلغ بالكاد ثلث طول رسالة الرئيس- أي عبارات قد توحي برضاه التام عن الاتفاق وعن دوره المباشر في المفاوضات أو مسؤوليته عن الصفقة. وبدلاً من ذلك، كتب: "يحتاج النص إلى دراسة متأنية والذهاب إلى العملية القانونية الواجبة. ثم إذا تم إقراره، فإن الحاجة تمس لحمايته من الانتهاكات المحتملة للصفقة من جانب الطرف الآخر".
كما فشل خامنئي أيضاً في ذكر الطرف الذي يجب أن يقر الصفقة. ويخوض فريق روحاني والمتشددون حالياً نزاعاً ساخناً حول ما إذا كانت المسؤولية تقع على عاتق المجلس (البرلمان) أو مجلس الأمن القومي الأعلى بهذا الخصوص. ويصر المتشددون على أن إقرار الاتفاق هو مسؤولية المجلس، محتجين بأن كل الاتفاقيات الدولية يجب أن يتم تبنيها من جانب الفرع التشريعي للحكومة. لكن فريق روحاني يقول في المقابل إن المجلس الأعلى فقط هو الذي يجب أن يراجع الاتفاقية ويصادق عليها. وليس من قبيل المصادفة أن يكون الرئيس روحاني هو الرئيس الفخري لذلك المجلس.
انتقاد حاد من المتشددين
يوم 16 تموز (يوليو)، نشر الموقع الإلكتروني المتشدد أخبار "راجا" الجزء الثالث من سلسلة مقالات بعنوان "بعض وقائع الصفقة التي يجب أن تظل طي الكتمان"، لعلي أكبر طاهري. ويشرح المقال كيف أن الصفقة النهائية التي توصل إليها فريق روحاني التفاوضي تتجاوز ستة خطوط حمراء كان قد حددها المرشد الأعلى في وقت سابق:
1. حدود طويلة الأمد على البرنامج النووي: حيث قال خامنئي إنه لا يجب على إيران الموافقة على حدود عشر سنوات، لأن "عشر سنوات هي فترة عمر". ومع ذلك، ووفق المقال، فإن الاتفاقية الموقعة تحتوي على الأقل على أربعة عشر التزاماً إيرانياً يمتد لعشرة أعوام أو أكثر (مثلاً، حد لخمسة وعشرين عاماً على عمليات التفتيش ومراقبة اليورانيوم المستخرج من المناجم؛ وحظر لمدة خمسة عشر عاماً على تخصيب اليورانيوم في مرفق فوردو).
2. عمليات تفتيش غير تقليدية ووصول للمرافق العسكرية: كان خامنئي قد رفض صراحة هذه الإجراءات، لكن الاتفاقية النهائية تسمح لوكالة الطاقة الذرية بإجراء المراقبة في كل المصانع التي تخصب اليورانيوم المستخرج من بين أشياء أخرى. وتستطيع الوكالة أيضاً طلب إجراء تفتيش للمرافق العسكرية، مثل بارشين، إذا رأت ذلك ضرورياً.
3. حدود على التخصيب في فوردو: عارض خامنئي فرض أي قيود على مرفق الجبل، لكن الاتفاقية النهائية تحتوي على العديد من هذه القيود.
4. رفع متأخر لبعض العقوبات: أصر خامنئي في السابق على التنازل عن كل العقوبات فور توقيع الصفقة، لكن الاتفاقية توحي بأن بعض عقوبات الكونغرس الأميركي وعقوبات الاتحاد الأوروبي لن ترفع في الحال، إذا لم يكن على الإطلاق.
5. شرط موافقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية: غالباً ما أعرب خامنئي عن عدم ثقته في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأعلن أن الإعفاء من العقوبات يجب أن لا يكون مشروطاً بتنفيذ إيران للصفقة. ومع ذلك، فإن عقوبات الأمم المتحدة لن ترفع حتى تتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أن طهران تقيدت بشروط الاتفاقية.
6. حدود على بحوث الطرد المركزي: قال خامنئي إنه لا يجب وضع أي قيود على البحوث النووية لإيران طول مدة نفاذ الاتفاق. لكن الاتفاقية تشتمل على حد لمدة عشرة أعوام على تخصيب "آر آند دي" المتعلق بأجهزة الطرد المركزي IR-4، IR-5، IR-6، وIR-8 من بين أمور أخرى.
كما يستخف المقال بادعاء روحاني فيما يتعلق برفع العقوبات المتصلة بالأسلحة، ملاحظاً أن "هذه العقوبات ستستبدل بقيود (مفروضة على تجارة إيران في الأسلحة... كل صاروخ قادر على حمل رأس حرب نووي سيكون مقيداً، أي كل الصواريخ من طراز شهاب وحاملات الأقمار الاصطناعية، وهكذا". وبالإضافة إلى ذلك، يدعي المقال بأن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، قال ما يلي: "أرادت كل من روسيا والصين رفع العقوبات. ولكن رغم دعمنا، وافق الفريق الإيراني بنفسه على استمرار العقوبات للأعوام الخمسة المقبلة!".
يوم 16 تموز (يوليو)، وفي مناسبة سميت "بداية فصل الحساب" (عنوان ساخر يلمح إلى أن وقت التحقق قد بدأ بالفعل)، انتقد المحلل المتشدد فؤاد إيزادي الصفقة من زاوية مختلفة: "إذا رفض الكونغرس الأميركي الاتفاقية، فإن أميركا لن تكون ملزمة بتنفيذها، لكن إيران إذا نفذت الاتفاقية، فإنها ستخسر كل قدرة". ومضى إيزادي الذي يعد مقرباً من جهاز الحرس الثوري الإيراني إلى الادعاء بأنه في حالة عدم الاتفاق بين إيران ومجموعة 5+1، "فإن المحكم سيكون مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة"، ما يعني أن الولايات المتحدة والأعضاء الآخرين من مجموعة 5+1 سيصبحون من الناحية الأساسية المحكمين في نزاعهم الخاص. وقال: "وإذا اتهمت إيران بانتهاك الاتفاقية، ستستطيع (هذه البلدان) إصدار قرار ضدها"، أما إذا اتهمت الولايات المتحدة أو أي بلد آخر بالاتهام نفسه، "فلا يستطيع مجلس الأمن إصدار قرار لأن بلداً من بينها سيستخدم حق النقض ضده". كما أشار إلى أنه يجب على المجلس الموافقة على الاتفاق، وأنه يجب أن يربط تنفيذ إيران للصفقة بموافقة الكونغرس الأميركي عليها، وقال: "الرئيس الأميركي لن يكون في منصبه بعد تسعة عشر شهراً، وبعده لن تكون الإدارة الأميركية ملزمة بالاتفاقية إذا لم يقرها الكونغرس".
وأيضاً يوم 16 تموز (يوليو)، ادعت صحيفة كيهان الإيرانية المتشددة بأن رد الفعل المالي غير الكبير في جزئه الضخم بالنسبة للصفقة النووية -أي لا تغييرات حادة في سوق البورصة أو سعر الصرف- صدم أولئك الذين "بالغوا في تحمسهم". وقال أحد المقالات: "لقد توقع الناس أن يهبط سعر صرف العملة الأجنبية وأن ترتفع قيمة العملة القومية... وهم يتساءلون الآن عن السبب في حدوث العكس".
خلاصة
في الولايات المتحدة، يكون الجسم السياسي نفسه الذي كان مسؤولاً عن التفاوض مع إيران هو المسؤول أيضاً عن تنفيذ الاتفاقية. أما في إيران، فإن الرئيس ومفاوضيه لا يتوافرون سوى على النزر اليسير من السلطة على السياسة الخارجية والبرنامج النووي أو النشاطات العسكرية. وبدلاً من ذلك، تخضع هذه القطاعات لمراجعة المرشد الأعلى خامنئي، الذي يكون متردداً عادة في تولي أي مسؤولية عامة عن القرارات الرئيسية. وبالإضافة إلى ذلك، أعرب المرشد الأعلى مراراً وتكراراً عن عدم ثقته بالأميركيين والغرب والأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبينما دعم المفاوضين الإيرانيين، لا أكثر ولا أقل، في تصريحاته العلنية، فإنه سعى بوضوح إلى النأي بنفسه عنهم أيضاً. وإذا قرر وقف تنفيذ الصفقة في العام المقبل أو نحو ذلك، فمن المرجح أن يوجه اللوم إلى الغرب أو الفريق المفاوض لبتر هذه الصفقة، كما كان قد فعل في العامين 2003 و2004. وقد أرسل رد فعله الأولي على الاتفاقية الجديدة إمارات محبطة عن رغبة إيران في التقيد بالتزاماتها على المدى البعيد.

اضافة اعلان

[email protected]
*زميل عائلة ليبيزكي في معهد واشنطن.
*نشرت هذه القراءة تحت عنوان: Khamenei vs. Rouhani: Projecting Very Different Views on the Nuclear Deal