خبراء أردنيون: إعلان بوتين أول تعبئة ينقل الحرب في أوكرانيا إلى مرحلة التصعيد

جندي أوكراني يتفحص مبنى تعرض لقصف روسي في العاصمة كييف-(أرشيفية)
جندي أوكراني يتفحص مبنى تعرض لقصف روسي في العاصمة كييف-(أرشيفية)

زايد الدخيل

عمان - بإعلانه أول تعبئة للجيش في بلاده منذ الحرب العالمية الثانية، يكون الرئيس فلاديمير بوتين قد نقل الحرب في أوكرانيا إلى مرحلة جديدة، وصفها مراقبون بـ"التصعيدية"، لتتزامن مع تحذير سيد الكرملين للغرب، من أن موسكو ستستخدم كل الوسائل للدفاع عن نفسها، ملمحا بذلك إلى أن روسيا مستعدة لاستخدام السلاح النووي.اضافة اعلان
وتصف روسيا رسميًا التعبئة حتى الآن بأنها جزئية، وستجري استدعاء 300 ألف جندي من احتياطها خلال أشهر بدلًا من استدعاء كامل الاحتياط، اذ تعتمد روسيا على قوة احتياطية هائلة قوامها 25 مليونًا، وفق وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو.
أستاذ العلوم السياسية الدكتور حسن المومني، يرى اعلان بوتين خطوه تصعيدية في سياق مسرح العمليات، واستجابة لتعثر القوات الروسية على إنجاز المهام المعلن عنها، وهي مؤشر حقيقي بان روسيا غير قادرة على حسم الأمور للآن، وفي الوقت نفسه قد تكون خطوه تصعيدية باتجاه أوكرانيا والغرب، ومحاولة بعث رسالة للغرب.
وأضاف إن التعبئة الجزئية خطوة تصعيدية ضمن ما يسمى بالتصعيد الحلزوني، فالصراع في أوكرانيا اتسم بهذا النوع من التصعيد، أي بمعني خطوات تصعيدية روسية، وخطوات اوكرانية، وخطوات غربية، متسائلا: ماذا لو لم تأت التعبئة الجزئية أو كلها ولم تحقق الأهداف، وهل ستتخذ روسيا خطوة التعبئة الكلية او تستخدم الأسلحة النووية التكتيكية؟.
واضاف إن "هذا الامر سيدفع الغرب لاتخاذ اجراءات مضادة في هذا الجانب، وعقوبات جديدة تحدث عنها الاتحاد الاوروبي والرئيس الأميركي (جو بايدن)، كاشفا عن رقم هائل من المساعدات التي قدمت لاوكرانيا وصل الى 25 مليار دولار.
وأشار المومني إلى أن التعبئة الجزئية، خطوة لن تقدم أو تؤخر في مسرح العمليات، بخاصة أنه في الأيام الماضية كان هنالك تحسن في الأداء الاوكراني، والتزام بالدعم الغربي في مسألة الأسلحة الحديثة والنوعية وحدث تغيرات على الأرض.
وقال المومني، إن مسألة التعبئة في سياقها الجزئي او الكلي، قد يكون لها نتائج سلبية، وارتداد في الداخل الروسي، اذ يوجد حديث عن معارضة ومظاهرات لها، لافتا إلى ان التعبئة، هروب للأمام باتجاه تحقيق أهداف لم تتحقق، وهي خطوة على عدم قدرة بوتين لقراءة الواقع الدولي، ورد فعل الغرب لواقع الصراع.
اللواء المتقاعد فارس كريشان قال إن إعلان بوتين عن أول تعبئة في بلاده منذ الحرب العالمية الثانية، جاء بعد انتكاسات كبيرة مُني بها الجيش الروسي في المعركة مع أوكرانيا، وذلك في محاولة للتغلب على المد العسكري في صراع، يعتبره فاصلاً بين الشرق والغرب.
وأضاف كريشان أن التعبئة العامة، عملية تجميع لقوات الاحتياط للخدمة الفعلية خلال الحرب أو الطوارئ الوطنية، تحددها نوع ودرجة الطوارئ، أما التعبئة الخاصة التي أعلنها بوتين، فتحدث حينما يحشد الرئيس قواته استجابة للتهديدات الخارجية لأمن بلاده القومي لمدة لا تزيد على 24 شهرا.
وأشار الى ان مفهوم التعبئة، يتعلق بعوامل شتى، على رأسها سياسة الدولة الخارجية وعلاقاتها مع الدول الأخرى، ومكونها الاقتصادي والعسكري، وقدرة القوات المتحالفة مع الدولة والمهلة الزمنية المتاحة لتطبيقها.
وأوضح كريشان أن هناك 25 مليون مقاتل محتمل تحت تصرف الدولة الروسية، مبينا أن التعبئة ستساعد روسيا على توحيد الأراضي التي تسيطر عليها خلف خط أمامي بطول 1000 كلم في أوكرانيا.
ووفقًا للتشريعات الروسية، يمكن من الناحية النظرية استدعاء من تتراوح أعمارهم بين 18 و60 عامًا، أكانوا رجالًا أو نساء، ضمن قوات الاحتياط وفقًا لرتبهم.
أما أوكرانيا، فأطلقت برنامج تعبئة قبل يومين من الهجوم الروسي الذي بدأ في الـ24 من شباط (فبراير)، ثم أعلنت بعد ذلك بقليل، الأحكام العرفية التي تمنع الذكور بين الـ18 والـ60 عامًا من مغادرة البلاد، وهي الآن في المرحلة الرابعة من التعبئة.
ومن أهم العناصر الرئيسة لخطة التعبئة الروسية التي عرض موقع الكرملين الإلكتروني بعضها في مرسوم وقّعه بوتين، استدعاء فوري لـ300 ألف جندي احتياط، خدموا سابقا في الجيش الروسي، ولديهم خبرة قتالية أو مهارات عسكرية متخصصة، ولن يشمل ذلك الطلاب أو المجندين ممن يخدمون لفترات إلزامية مدتها 12 شهرًا في القوات المسلحة.
من جهته، يقول العميد المتقاعد حافظ الخصاونة، ان الجيش الروسي يتطلع إلى جنود من قوات الاحتياط، شغلوا في الماضي وظائف محددة ومتخصصة في الجيش، مثل سائقي الدبابات وخبراء المفرقعات والقناصة، لكن القائمة الدقيقة للتخصصات التي يطلبها الجيش سرية، لأنها ستكشف عن المجالات الروسية التي تنقصه.
وقال ستكون المهمة الرئيسة لجنود الاحتياط، وفقًا لوزير الدفاع الروسي، تعزيز خط الجبهة في أوكرانيا ويتجاوز طوله حاليًا 1000 كلم، مؤكدا أن التعبئة تمثل مخاطرة كبيرة، ويستغرق الأمر وقتا من حيث: التدريب والتجهيز والتنظيم، ولا يفعل شيئا لتحسين أكبر أوجه القصور في روسيا.
بدوره، يرى المحلل السياسي الدكتور صدام الحجاحجة، ان روسيا تحتفظ بوسائل التصعيد الجاد بعيدا عن الأسلحة النووية، بخاصة تدمير البنية التحتية الأوكرانية وقتل القيادة الأوكرانية، مضيفا "هناك خطر ضئيل في أن يتجه بوتين للأسلحة النووية التكتيكية، لأن ذلك سيجلب حلف شمال الأطلسي بشكل حقيقي وسيخسر الجيش الروسي مصدر قوته".
وقال الحجاحجة، بوتين كان محددا حينما قال إن التعبئة الجزئية ستستخدم للدفاع عن المناطق المحتلة حديثًا، لكنه لم يختر توسيع تهديده النووي إلى نفس الفكرة الموسعة لما قد تعتبره روسيا أراضيها في المستقبل، لكن من الواضح أن مجرد ذكر تلك الأسلحة النووية، يهدف إلى تعقيد حسابات العدو.
وبالنسبة للحجاحجة، فإن الاستيعاب الرسمي لأجزاء من أوكرانيا في الاتحاد الروسي، يهدد بجعل أي نهاية تفاوضية للنزاع الأوكراني، مهما بدا ذلك بعيدا، شبه مستحيل.