خبراء: الانسحاب الروسي يدفع بالحل السلمي للأزمة السورية

جنود روس يحملون زميلا طيارا احتفالا بانسحاب قواتهم من سورية امس - (أ ف ب)
جنود روس يحملون زميلا طيارا احتفالا بانسحاب قواتهم من سورية امس - (أ ف ب)

محمود الطراونة

عمان- ذهب محللون سياسيون وعسكريون، إلى أن قرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بدء سحب القوات الروسية من سورية، يحمل في تضاعيفه، مقدمات لانطلاق مفاوضات جنيف 3، التي تعنى بتسوية الأزمة السورية، ضمن توافق بين القوى الكبرى بهذا الشأن، فيما رأوا أن الانسحاب الروسي واستمرار الهدنة "يسهم بتبريد الجبهة الجنوبية" على الحدود مع الأردن، ويحد من هجرات متوقعة.اضافة اعلان
وإذ وصف قرار الانسحاب الروسي من سورية بـ"الخطوة المفاجئة"، بخاصة وأن الروس وضعوا سقفا زمنيا مفتوحا لتدخلهم العسكري يتراوح بين 12 و18 شهرا، فإن الانسحاب، لم يفاجئ دولا كبرى، بينما باغت دول المنطقة العربية.
وكان بوتين وجّه وزير دفاعه، لتنفيذ بدء سحب مجموعات روسية من سورية منذ أول من أمس؛ تحت بند "إنهائها مهماتها"، مشددا في اجتماع بوزيري دفاعه وخارجيته في الكرملين، على تكثيف دور روسيا السياسي، لإنهاء الصراع في سورية.
ورأى هؤلاء، ان الخطوة الروسية، تحتمي أيضا بالضغط على الحكومة السورية، للانخراط في جنيف 3، على نحو جدي.
ويرى مراقبون، أن الموقف الروسي يأتي في إطار الضغوط الدولية على "الكرملين" جراء الانتقادات المتكررة التي ترى أن أهداف العمليات العسكرية الروسية، لم تلب الهدف المنشود الذي وجدت لأجله، والذي يتمحور حول القضاء على التنظيمات المتشددة وتحديدا تنظيم "داعش" الارهابي.
ولفتوا الى أن القرار الروسي، ربما جاء لدفع الحكومة السورية لإبداء مرونة في مواقفها أثناء جنيف 3.
في هذا السياق، رأى وزير الداخلية الاسبق المهندس سمير الحباشنة ان الموقف الروسي، انبثق بسبب تشدد موقف الحكومة السورية في موقفها، عشية مفاوضات جنيف 3، والتي اثارها وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبل يومين.
وقال الحباشنة لـ"الغد" ان هذا الموقف لا يناسب السياسة الروسية التي تتحدث عن حل سلمي وتوافقي، ومشاركة وفترة انتقالية وانتخابات ودستور جديد في سورية.
ولفت الى ان هذا قد يصب في اطار الضغط على الجانب السوري، لتليين المواقف في المباحثات المنعقدة حاليا.
واشار الى ان هذا يأتي في نطاق تفاهم اميركي- روسي، لتسيير المفاوضات وعدم تمترس اي من الاطراف عند مواقفها، وبضغط اوروبي مصاحب.
واعتبر الحباشنة، ان الانسحاب الروسي، لن يؤثر على الاردن، لافتا الى انه يسهم بتبريد الجبهة الشمالية الاردنية والجنوبية السورية، ويحد من هجرات متوقعة، اذا ما حوفظ على الهدنة دون أي اختراقات.
اللواء المتقاعد والخبير في مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة - الجيش العربي، أديب الصرايرة، قال لـ"الغد" ان "الانسحاب الروسي كان مفاجئا بالفعل، لأنه لم يكن هناك دلائل تشير للانسحاب في يوم وليلة".
وأشار الصرايرة إلى أن هناك احتمالين لتوضيح الموقف الروسي؛ اولهما ان هذه الخطوة جاءت للضغط على الجانب السوري، للانخراط في مفاوضات جنيف بجدية، فالروس يهمهم النظام السوري كنظام لا بشار الأسد كرئيس، وتصريحات المعلم الاخيرة، حول أن بقاء الأسد خط احمر، ازعجت الروس، بخاصة بعد تغاضي الجانب الروسي عن اختراقات الهدنة، للبحث بإنجاح مفاوضات فينا.
اما الاحتمال الثاني وفقا للصرايرة؛ فيصب باتجاه قلق أوروبي من أزمة اللاجئين والضغوطات التي تشكلت على بوتين، فضلا عن اخفاق الروس بانهاء وجود "داعش"، والحد من تمددها الاخير في العراق، ما اعطى انطباعا للروس، باعطاء جنيف دعما كبيرا بالتعاون مع حلفائهم في المنطقة.
وبين الصرايرة انه علاوة على ذلك، فإن الشارع الروسي يضغط على قيادته، لسحب قواته، فضلا عن سوء اوضاع الاقتصاد الروسي.
ولفت الى أنه على الصعيد الاقتصادي، فقد تعرضت روسيا لضغوطات كبيرة، دفعت الروبل للهبوط، ومن ثم إفلاس عدة مصارف روسية كبرى، وجر الاقتصاد الروسي الى مستنقعات الهشاشة والتردي.
وأضاف أنه بعيد إعلان موسكو الانسحاب من سورية، ارتفع الروبل مقابل الدولار، ما حقق ارتفاعا للعملة أكثر من 1 % أمام الدولار.
من جانبه؛ قال الخبير العسكري العميد المتقاعد حافظ الخصاونة لـ"الغد" ان "الانسحاب الروسي كان مفاجئا فقط لدول الاقليم، ولكنه لم يكن مفاجئا للدول الكبرى".
واشار الخصاونة الى وجود تنسيق اميركي- روسي، وهو جزء من الحل النهائي، مشيرا الى ان الروس انسحبوا الآن ولكنهم في المستقبل جاهزون للعودة.
وبين ان الاتراك ربما كانوا على علم بالانسحاب، بخاصة بعد التنسيق الروسي معهم لمنع دخول المقاتلين عبر اراضيهم، بالاضافة للسعودية التي ربما تشهد جبهتها مع اليمن هدوءا في المرحلة المقبلة، لدفع المفاوضات السورية في جنيف 3.
ومع دخول الجولة الحالية لمفاوضات السلام الهادفة لحل الصراع السوري في جنيف 3، لم يحدد بوتين، فترة زمنية للانتهاء من انسحاب قواته، كذلك لم يعلن أن روسيا لن تخفض نشاطاتها العسكرية في سورية بعد الانسحاب.