خبراء: الخريطة الزراعية فرصة للتحول نحو محاصيل استراتيجية ذات قيمة عالية

Untitled-1
Untitled-1

عبدالله الربيحات

عمان - تعد خرائط استعمالات الأراضي الزراعية، مكونا مهما في قواعد البيانات الواجب توافرها في الدول كافة، للنهوض بالقطاع الزراعي، لما لها من دور فاعل في التخطيط السليم للموارد الطبيعية والاستغلال الأمثل للأراضي الزراعية.اضافة اعلان
وقال خبراء في الشأن الزراعي إن هذه الخريطة الزراعية سـ"تتيح الفرصة للتحول نحو محاصيل استراتيجية ذات قيمة عالية، فضلا عن إمكانية تطبيق عدد من التقنيات الحديثة بالزراعة".
وأكدوا ضرورة وجود مثل تلك "الخريطة"، بحيث تكون واضحة لبيان جميع معالم القطاع الزراعي، وذلك لإحداث نقلة نوعية في مسألة الأمن الغذائي، خصوصا في ظل الظروف الحالية، والتي ينتشر فيها وباء فيروس كورونا المستجد، فضلا عن نقص الغذاء في العالم.
وأضاف هؤلاء الخبراء، في أحاديث منفصلة لـ"الغد"، أن حديث جلالة الملك عبدالله الثاني عن الخريطة الزراعية أخذ جميع الأبعاد التي لها علاقة بالقطاع الزراعي، كالاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والتي جميعا لها علاقة بذلك القطاع.
وكان جلالة الملك أكد، خلال لقائه في قصر الحسينية أول من أمس، شخصيات من محافظات الجنوب، أولوية الاستثمار في مجال الزراعة على مستوى المملكة، مشيرا إلى وجود خريطة زراعية يتم وضع اللمسات الأخيرة عليها حاليا لتحديد الأماكن الصالحة للزراعة وكميات المياه.
وقال إن المشاريع الزراعية ستنفذها الدولة بالتعاون مع الأهالي في مناطق المملكة المختلفة، بحيث تعود هذه الاستثمارات بالنفع عليهم وبما يُحقق الأمن الغذائي ويخفف من الفقر والبطالة، مع إمكانية فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار.
وشدد جلالته على أهمية الاستفادة من العقول والأيدي الأردنية لمصلحة القطاع الزراعي والتخفيف من الفقر والبطالة، مشيرا إلى أن حماية الاقتصاد أولوية.
يُشار إلى أن المركز الوطني للبحوث الزراعية عمد، خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إلى تطوير الأطلس الزراعي، الذي أنتجه في العام 2017 ويحتوي أكثر من 400 خريطة، حيث اعتمد في إنتاجها على معدلات الهطل المطري، وأهم الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة، بهدف تقييم مدى ملائمة الأراضي الأردنية لاستخدامات زراعية عدة واقتراح سيناريوهات للاستخدام الأمثل لها.
وعمل المركز بعد ذلك على تحديث هذا الأطلس، بإصدار نسخة إلكترونية منه العام الحالي، حيث يقدم الأطلس الثاني التوقعات المستقبلية للتغير المناخي حتى العام 2040، بالإضافة إلى الوضع المناخي ومراقبة الجفاف الحالي.
إلى ذلك، أكد وزير الزراعة، محمد داودية، أهمية الدور الذي يلعبه القطاع الزراعي، خصوصا خلال جائحة كورونا، في تحقيق الأمن الغذائي، وضمان تحقيق فرص عمل وإدامة توريدات الغذاء، قائلا إن أطلس استعمالات الأراضي، المعد من "البحوث الزراعية" اتُخذ كنواة وخطوة ريادية لإنشاء خريطة زراعية، بهدف تحديث المعلومات الزراعية ووضع السيناريوهات اللازمة لإنشائها.
أشار إلى أن المركز أخذ بعين الاعتبار الفئات المستفيدة، وإمكانية النظر في توفير الدعم المالي اللازم من خلال تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص والتجمعات الزراعية، أو حتى على مستوى الأفراد، مع استهداف عدد من المحاصيل عالية القيمة ذات الإيراد المرتفع، مضيفا أن الهدف الرئيس لهذا العمل هو وضع خطة للاستثمار في الأراضي الحكومية الصالحة للزراعة.
مدير عام المركز الوطني للبحوث الزراعية، الدكتور نزار حداد، من جهته قال إن إدارة التنمية المحلية في الديوان الملكي الهاشمي التقطت الإشارة الملكية، الهادفة إلى تحديث المعلومات الزراعية ووضع السيناريوهات اللازمة لإنشاء خريطة زراعية لاستعمالات الأراضي المحتملة في الأردن.
وأضاف لذلك أطلق المركز باكورة الجهود لتسخيرها لهذه الغاية، بالتعاون والتنسيق مع عدد من المؤسسات الوطنية، لإنشاء الخريطة الزراعية، التي توفر دليلا للاستخدام الزراعي المستدام للأراضي، وفقًا لملاءمتها المحتملة.
وأوضح حداد أن هذه الفرصة أتاحت الحصول على معلومات متطورة ودقيقة أكثر تفصيلا، ما سهل عملية إنتاج التفاصيل الإضافية، التي كان الأطلس الزراعي بحاجة إليها.
وأكد أن خبراء المركز "ساهموا بتحديد منهجية العمل المناسبة باستخدام تقنيات نظم المعلومات الجغرافية، والاستشعار عن بُعد، بالإضافة إلى تحديد المتطلبات من المؤسسات المتعاونة"، لافتا إلى تشكيل فريق أوسع من عدد من المؤسسات الوطنية، كدائرة الأراضي والمساحة، المركز الجغرافي الملكي، دائرة الأرصاد الجوية، وزارة الإدارة المحلية، وزارة الطاقة والثروة المعدنية، وممثلين من الديوان الملكي الهاشمي.
وبين حداد أن هذه الخريطة الزراعية ستتيح الفرصة للتحول نحو محاصيل استراتيجية ذات قيمة عالية، فضلا عن إمكانية تطبيق عدد من التقنيات الحديثة بالزراعة، في خطوة تعزز التنوع في الأساليب المتبعة في الزراعة تبعا لملاءمة المناطق والأراضي في مختلف مناطق المملكة.
مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران، من جانبه قال إن الخريطة الزراعية المقصود فيها تحديد صلاحية الأراضي بشكل عام، حسب تصنيف الأراضي لغايات الزراعة، حيث تصنف الزراعات نباتات رعوية أو محاصيل حقلية أو خضار أو زراعات ذات قيمة مضافة.
وذكر أن المساحة الصالحة للزراعة تبلغ حوالي 25 مليون دونم، مبينا أن حديث جلالة الملك عن الخريطة الزراعية أخذ جميع الأبعاد التي لها علاقة بالقطاع الزراعي، كالاقتصادية والاجتماعية والبيئية، والتي جميعا لها علاقة بالقطاع الزراعي.
وأشار العوران إلى أن استغلال الأراضي للمحاصيل الحقلية، يجب أن يكون هناك نصيب كبير بالتركيز على زراعتها، تحديدا القمح والشعير، وبالتالي تخفيف فاتورة الاستيراد، بغية الوصول إلى الأمن الغذائي، مشددا على أن توفر محصول الشعير يؤدي إلى زيادة في الاهتمام بالثروة الحيوانية، الأمر الذي سيؤدي إلى التقليل من الهجرات القسرية، باتجاه البحث عن الوظائف.
كما لفت إلى الاهتمام الدائم لجلالة الملك بالقطاع الزراعي لتوفير الأمن الغذائي، وخاصة في ظل الظروف الحالية، التي تشهد تناقصا في الحيازات الزراعية، يرافقها تناقص في الأراضي الزراعية وتغول الغابات الأسمنتية على المساحات الخضراء، مؤكدا أن آثار ذلك ستكون سلبية.
ودعا العوران إلى تأسيس هيئة تسمى "هيئة الأمن الغذائي"، تكون بحثية علمية اقتصادية فنية، مؤكدا ضرورة أن يعمل الجميع كفريق متكامل ومتخصص، من أجل ذلك، والاستفادة قدر الإمكان من استغلال الأراضي الصحراوية، في مناطق الجفر والمدورة والديسي والقويرة، التي تنتج كميات كبيرة من الخضار.
رئيس جمعية التمور الأردنية، المهندس أنور حداد، بدوره أكد ضرورة وجود خريطة زراعية، تكون واضحة لبيان جميع معالم القطاع، مبينًا أن من شأن ذلك إحداث نقلة نوعية في مسألة الأمن الغذائي، خصوصا بظل الظروف العالمية التي يواجهها العالم في نقص الغذاء الغذاء.
كما أكد ضرورة اختيار مجموعة من المحاصيل الاستراتيجية المناسبة، لكي نُحدث ثورة كبيرة في القطاع الزراعي، تعود بفوائد جمة على الجميع.
وشدد حداد على ضرورة إعداد الخطط اللازمة للتمويل والتدريب، والبحث عن أسواق لتسويق المنتجات الزراعية، مشيرا إلى أهمية الشراكة والتنسيق بشأن ذلك ما بين القطاعين الحكومي والخاص.