خبراء: الهاتف النقال متسبب رئيسي بالحوادث وتشتيت انتباه السائق!

Untitled-1
Untitled-1

مجد جابر

عمان- تعود أخبار حوادث السير المروعة لتكون بالواجهة من جديد، وتتسيد المشهد العام بشكل لافت، خصوصا بعد الحوادث المتكررة التي حصلت خلال عطلة عيد الفطر، وهو الأمر الذي يعيد فتح السؤال من جديد.. عن الأسباب المباشرة وراء ازدياد حجم هذه الحوادث؟!.اضافة اعلان
أيام العيد شهدت 962 حادثا مروريا، وكان عدد الحوادث التي نتج عنها اصابات ووفيات 55 حادثا، حيث نتج عن تلك الحوادث 8 وفيات و93 إصابة منها 3 إصابات بليغة.
المسببات في الحوادث المرورية تكمن بجانب كبير منها، استخدام الهاتف النقال، فغالباً ما يستخدم السائق هاتفه النقال أثناء القيادة، وخصوصاً في كتابة "المسجات" وتبادل الواتساب وهو الامر الأكثر خطورة.
وكانت مديرية الأمن العام قد دعت في وقت سابق السائقين الى تجنب ارتكاب مخالفة استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة لخطورة ذلك على مستخدمي الطريق، وبالتالي التسبب بالعديد من الحوادث المرورية الخطرة.
ومن خلال الاحصاءات المرورية سُجلت العديد من الحوادث التي ثبت من خلال التحقيق المروري فيها أن سبب وقوعها هو انشغال السائق بالهاتف النقال واستخدامه أثناء القيادة مما دعا مديرية الأمن العام الى اطلاق حملة مرورية توعية شاملة للتحذير من خطورة تلك المخالفة والآثار السلبية الناتجة عنها قبل المباشرة بنتفيذ حملة خاصة لضبطها ومخالفة كل من يرتكبها.
وقد أظهر تقرير صادر عن مديرية الأمن العام إلى أن عدد وفيات الحوادث المرورية العام 2018 بلغ بحدود 562 وفاة، وعدد الإصابات 12.363 ألف إصابة.
وأشار التقرير الى إنخفاض الوفيات الناتجة عن الحوادث المرورية العام 2018 بنسبة 17.9 %، وانخفاض الإصابات بنسبة 23.9 %، على الرغم من زيادة أعداد السائقين المرخصين حيث حصل 123.846 ألف شخص على رخصة لأول مرة العام 2018، وزيادة أعداد المركبات حيث سجلت 71.113 مركبة جديدة في نفس العام.
رئيس الجمعية الأردنية للوقاية من حوادث الطرق المهندس نزار العبادي يعتبر أن أهم أسباب وقوع حوادث الطرق والسبب الرئيسي وراؤها هو السرعة، أما السبب الثاني والذي يأتي مباشرة بعد السرعة هو استخدام الهاتف الخلوي كونه يشتت فكر السائق ويخلق لديه حالة من عدم التركيز، مبينا أن هذين اهم سببين لوقوع الحوادث.
ويشير الى أن الوسائل متعددة للحد من الحوادث ومتعلقة بعدة جوانب مثل التوعية والرقابة والاجراءات الهندسية، مبيناً أن التوعية مهمة جداً والرقابة تضبط تصرفات الشخص، غير أن أهم عامل هو الاجراءات الهندسية فمعظم الحوادث تحصل عند التحويلات التي يتفاجأ بها السائق وهو مسرع، بالتالي لا بد من اجراءات تجبر السائق على تخفيف سرعته في حال تفاجأ بوجود تحويلة وهو الامر الذي سيقلل من احتمالية حدوث الحادث.
الخبير بالوقاية من العنف والإصابات ومستشار أول الطب الشرعي الدكتور هاني جهشان، يرى أن الإصابات الناجمة عن حوادث الطرق، مشكلة من صنع الإنسان وقابلة للتحليل العقلاني وتبني برامج لمكافحتها والوقاية منها وحماية أفراد المجتمع من عواقبها.
وبحسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية حول حوادث المرور العام 2018، فإنه ما يقارب من 1.35 مليون شخص كل عام يفقدون حياتهم نتيجة هذه الحوادث.
حددت خطة التنمية المستدامة لعام 2030 هدفًا طموحًا يتمثل في خفض عدد الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث الطرق إلى النصف بحلول العام 2020، إذ تكلف حوادث المرور على الطرق معظم الدول 3 ٪ من ناتجها المحلي الإجمالي.
وتعد الإصابات الناجمة عن حوادث المرور السبب الرئيسي للوفاة بين الأطفال والشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 5 إلى 29 عامًا.
ويعتبر جهشان أن اليافعين (لغاية 25 سنة) وعلى الرغم من تطور معرفتهم ومهارتهم بالتعامل مع الطريق والمركبة إلا أن سلوكهم قد يتصف بالمغامرة والبحث عن المخاطر.
إن سلوك المغامرة بحد ذاته لدى اليافعين يعطيهم الإحساس الوهمي بالسيطرة على حياتهم، ويكون ذلك بالقيام بأنشطة غير متوقعة تتحدى الوالدين أو السلطات وتخالف القانون.
هذا السلوك يبدأ بمرحلة عمر الطفل ما بين 9 و14 سنة ويصل في أقصى شدته بمرحلة المراهقة المتأخرة ولغاية عشرين عاما ويكون احتمال حدوثه لدى اليافعين الذكور أكثر من الإناث.
ووفق جهشان، فإنه عندما يدخل الأطفال في مرحلة المراهقة يتعاظم تأثير أصدقائهم عليهم ويتضاءل تأثير الوالدين، وتكون مرجعية سلوكهم الطبيعي، من وجهة نظرهم، هو سلوك جماعة الأصدقاء بما فيه من مخاطر وليس السلوك الآمن الأسري، فتزداد احتمالية تعرضهم لإصابات حوادث الطرق كسائقين مبتدئين أو راكبي السيارة أو كمشاة. وتدعم سلوكيات اليافعين هذه التي تتصف بالمغامرة وبالمخاطرة سلوكيات إجتماعية عامة من مثل الترويج للمغامرة والعنف بواسطة البرامج الإعلامية والإعلانات والعاب الحاسوب، وكذلك تَقبُل هذه السلوكيات وانتشارها كثقافة سائدة في المؤسسات التربوية دون تدخل من المعلمين وإدارات المدارس وحتى تَقبُلها من قبل العامة من الناس وتغاضي المسؤولين عنها.
ويشير جهشان إلى أنه ومع تزايد عدد الأشخاص الذين يمتلكون هواتف محمولة وخاصة الذكية منها التي تتضمن التصوير والبث المباشر، ومع تضمين وسائل التواصل الرقمية ضمن أجهزة المركبة ذاتها، أصبحت قدرة السائق على التركيز مشتتة ونتج عن ذلك تهديد خطير ومتزايد للسلامة على الطرق.
وهناك أنواع مختلفة من تشتيت انتباه السائق، لكن تشير الأبحاث المسندة ان استخدام الهواتف المحمولة أثناء القيادة يشكل اخطرها.
تشير أبحاث منظمة الصحة العالمية إلى أن هناك تفاوتا في استخدام الهاتف الخلوي اثناء القيادة في مختلف دول العالم، الا أن النسبة في الدول التي تجمع مثل هذه المعلومات هي 11 % على الأقل اثناء قيادة المركبة في أي وقت من الأوقات، وهناك مؤشرات ان هذه النسبة هي اعلى بكثير في الدول التي لا تجمع معلومات عن استخدام الهاتف عقب حوادث المرور.
ويعتبر جهشان أن استخدام الهاتف الخلوي او اي وسائل تواصل رقمية بالمركبة، يجبر السائق على ابعاد نظره على الطريق، وإبعاد يديه عن مقود المركبة، وأيضا إبعاد فكره عن مشاهدة وتحليل ما يحدث بالطريق وفي البيئة التي تسير بها المركبة، مما يؤدي لحالة من الالهاء الفكري التي تؤثر سلبا على سلوك سائق المركبة.
تشير الأبحاث المسندة ان هذا الالهاء يؤدي إلى مخاطر عديدة، مثل زيادة فترة الاستجابة العصبية او غيابها وغياب إدراك التغيرات في إشارات المرور.
كذلك ضعف القدرة على الالتزام بالمسرب الصحيح، وعدم القدرة على تجنب التتابع الملاصق للمركبات التي امامه، الى جانب ان استخدام الرسائل النصية يفاقم السلوكيات السابقة بشكل كبير وخاصة في فئة عمر اليافعين.
وتشير الأبحاث ان مستخدمي الهواتف الخلوية هم عرضة لحوادث المرور بمقدار أربعة اضعاف مقارنة مع من لا يستخدمون الهواتف الخلوية، ولغاية الان لا يوجد ما يشير الى ان استخدام سماعات الهاتف بصوت مرتفع او استخدام سماعات المذياع او مسجل المركبة أو استخدام سماعات الاذن بلوتوث، تخفض هذه النسبة.
التعامل مع المشكلة يكون بمحاور الوقاية من إصابات المرور عموما والتي يشمل بالإضافة لاستخدام الهواتف الخلوية، عدم استعمال حزام الأمان، والسياقة اثناء تناول المشروبات الكحولية، وهذه المحاور هي:

  • تطوير التشريعات بتشديد العقوبات على مستخدمي الهواتف الخلوية اثناء القيادة
  • تطبيق هذه التشريعات بحزم وبديمومة وبدون تراخي
  • برامج التوعية المستدامة التي يجب ان يخطط لها وتنفذ وترصد وتقييم من قبل الحكومة بقطاعتها ذات العلاقة وعدم حصرها بإدارة السير فهناك دور لوزارة الصحة بالوقاية من اصابات المرور والوفيات الناجمة عنها، وهناك دول أساسي للإعلام.
  • جمع المعلومات حول واقع الحال في الأردن وأجراء الإحصاءات والأبحاث