سماح بيبرس
عمان- أكد خبراء اقتصاديون أن مؤتمر "لندن 2019: الأردن نمو وفرص" الذي سيعقد في 28 الشهر الحالي سيكون فرصة كبيرة للأردن لا بد من استغلالها بالشكل الأفضل بما يزيد المنفعة للاقتصاد.
وأشار هؤلاء إلى ضرورة التحضير والتجهيز لطرح مشاريع محددة في قطاعات معينة تشكل إضافة نوعية للاقتصاد، مشيرين إلى قطاع النقل والسياحة وتكنولوجيا المعلومات، إضافة إلى الصحة والتعليم العالي، فيما ركز البعض على ضرورة استغلال الموقع الجغرافي والتركيز على الصناعات التي ستخدم "إعادة الاعمار في سورية".
ووفقا لهؤلاء لا بد من التركيز على اجراء إصلاحات داخلية واتخاذ إجراءات من شأنها أن تحسن صورة هذه القطاعات، وبالتالي تمكن الحكومة من جذب الاستثمار.
ولم يكن هؤلاء بعيدين عما أعلنته الحكومة قبل أسابيع من توجهها إلى لندن إذ أكدت أنها ستحمل معها مصفوفة "تحول اقتصادي" للسنوات الخمس المقبلة (2018-2022)، تتضمن عددا من الإصلاحات على مستوى السياسات والبرامج والإجراءات التي من شأنها تحفيز النمو الاقتصادي وتحويله إلى اقتصاد مولد لفرص العمل، مع الاشارة إلى أن هذه المصفوفة تم اعدادها بالتعاون مع البنك الدولي وشركاء رئيسين تنمويين للمملكة.
وتهدف هذه المصفوفة وفق الحكومة إلى تعزيز الاستقرار للاقتصاد الكلي للأردن وتطوير رتبته إلى مرحلة أعلى وتحسين بيئة الأعمال وزيادة التنافسية وتحسين سوق العمل من خلال وضع التشريعات والسياسات المناسبة.
كما كانت وثيقة أخرى (منشور توضيحي عن المؤتمر) معد من قبل الحكومتين الأردنية والبريطانية قد أشار الى أنّه سيتم اطلاق صندوق استئماني متعدد المانحين لتنفيذ مصفوفة الإصلاحات هذه، فيما سيتم أيضا الإعلان عن إنشاء مؤسسة متخصصة في تطوير المشاريع الاستراتيجية.
ووفقا للملخص، فإنّ السنوات الخمس القادمة ستوفر فرصة غير مسبوقة للتحول الاقتصادي في الأردن مع الإصلاح المتواصل ، وإعادة فتح الحدود إلى العراق وسورية، وتنامي القطاع خاص الخاص مدفوعا بتنامي المبادرات الشبابية.
وسوف يتم تسليط الضوء –وفق الملخص- على 4 قطاعات لدى الأردن فيها ميزة نسبية في منطقة الشرق الأوسط وهي السياحة والتكنولوجيا والخدمات اللوجستية والخدمات المهنية.
نائب رئيس الوزراء الأسبق د.جواد العناني اعتبر هذا المؤتمر فرصة ولا بد من أخذها على محمل الجد خصوصا أن العالم اليوم يبدو أنه مهتم فعلا بدعم الأردن لأسباب كثيرة من ضمنها أنه البلد الوحيد في المنطقة الذي يعتبر هادئا ومستقرا، فيما أنّ بوادر الوضع في سورية بات يعط مؤشرات بأن عودة اللاجئين السوريين الى أرضهم بعيدة، وأنّ بقاءهم سيكون لفترات طويلة، وبالتالي فإنّ تأثيرهم الاقتصادي والاجتماعي على الأردن سيستمر.
وأضاف أنّ الأسباب الأخرى التي تدعو العالم لدعم الأردن هو الوضع الاقتصادي العام للبلد، وخصوصا ما يظهر لدى الأسر والافراد، إذ أنّ النمو السكاني بات أعلى بكثير من معدلات نمو الناتج المحلي الاجمالي، وبالتالي فإنّ حصة الفرد من الدخل باتت أقل بكثير، ناهيك عن ارتفاع تكاليف العيش مقارنة بالدخول وتزامن ذلك مع تراجع مستويات الخدمات المقدمة والتي أثرت على الكثيرين من ناحية اللجوء إلى القطاع الخاص وبالتالي زيادة التكاليف عليهم.
وأشار إلى أن السبب الآخر الذي يدعو العالم للوقوف إلى جانب الأردن هي أن هناك "فجوة ثقة" ما بين الحكومة والمواطن نتيجة للقرارات الحكومية أو عجز القرارات، والتي تتطلب تنشيط وتستثمر الفرص المتاحة.
وأكد العناني أنّ على الحكومة أن تقوم بتحضير قائمة بمشاريع كبيرة تفيد الأردنيين واللاجئين السوريين على حد سواء، خصوصا في المناطق الأقل حظا في المحافظات، مع ضرورة التعاون مع القطاع الخاص بشكل جدي في هذا المجال.
ويرى العناني بضرورة التركيز على مشاريع البنية التحتية وجعلها قابلة وجاذبة للاستثمار من خلال جدواها بشكل أكبر.
كما لا بدّ –وفق العناني- أن تسوق الإصلاحات التي سيتخذها الأردن بشكل جيد، والتركيز على الإصلاح على مستوى الاقتصاد الكلي، بعيدا عن التركيز على الإصلاحات المالية فقط التي تركز على سد عجز الموازنة من خلال زيادة الضرائب وتخفيض الانفاق.
ويرى العناني ضرورة التركيز على بعض القطاعات لا سيما التعليم العالي من خلال استقطاب أعداد أكبر من الطلاب العرب خصوصا في جامعات القطاع الخاص حيث أنّ 30 % الى 40 % من طاقتها غير مستغل، كما يقترح التركيز على اصلاح قطاع الصحة والسياحة والأهم إصلاح المناخ الاستثماري بشكل جدي.
ويشير إلى ضرورة التركيز على إصلاح سوق عمان المالي ، وتوضيح وتفسير القوانين التي تخدم المستثمرين مثل قانون الاعسار المالي.
كما ركز العناني على ضرورة اثبات النية الصادقة في محاربة الفساد وتوضيح قضايا الفساد التي يتم التعامل معها بشكل أوضح.
وزير التخطيط الأسبق والاقتصادي د.تيسير الصمادي قال إنّ "مهمة الحكومة في هذا المؤتمر ستكون صعبة، خصوصا أنّ ما لديها من نقاط جذب محدود وسيواجه بالكثير من الأسئلة" مشيرا الى أنّ هذا الوضع أوجده الظرف الاقليمي الذي مرّ على المنطقة من جهة، كما فرضته في جوانب أخرى قرارات حكومية جبائية غير مدروسة انعكست على البيئة الاستثمارية".
وأشار إلى أنّ الحكومة ستواجه من قبل العالم بالمؤشرات الدولية التي لم تكن مرضية، كما ستواجه في البيئة التشريعية غير المستقرة، وفي نسب الضرائب العالية وقوانين الضرائب التي تغيرت في فترات زمنية قصيرة.
على أنّ الايجابية الأهم التي لا بد من التركيز عليها في المؤتمر هي أن الأردن استطاع رغم الظروف والتحديات الاقليمية الحفاظ على الأمن والاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادية.
الخبير الاقتصادي زيان زوانة أشار إلى أنه على الحكومة أن تركز أولا وبشكل أساسي في جذب الاستثمار للأردن في 5 قطاعات هي النقل والسياحة وتكنولوجيا المعلومات، والطاقة، مع استغلال الموقع الجغرافي للأردن.
وأكد زوانة أنّ التركيز على جذب الاستثمارات للأردن "لم يعد ترفا، بل أصبح حاجة وضرورة" خصوصا مع تراجع الاستثمار الأجنبي خلال العام الماضي.
وشدّد زوانة على ضرورة أن تكون الحكومة واضحة في تحديد المشاريع بشكل مفصل ومحدد عند مخاطبة العالم والمستثمرين، خصوصا أن المستثمر يكون لديه اهتمامات في جوانب معينة وقطاعات دون أخرى، فلا بدّ من أن يكون لدينا القدرة على بيع المشاريع حسب اهتمامات المستثمرين وهذا يتطلب التحضير المسبق والتواصل مع المدعوين سواء دول أو شركات وقطاع خاص.
وبين زوانة أنّ الموقع الجغرافي لا بد من استغلاله خصوصا في جانب إعادة الاعمار في سورية، وفرص الاستثمار في العراق. مشيرا إلى أنّ هذا ينطبق على قطاع النقل بشكل كبير حيث أنّه لا بدّ أن يتم إصلاح هذا القطاع وايجاد مشاريع فيه سواء نقل الركاب أو البضائع لأنّه يسهل عملية التواصل مع الدول المجاورة بشكل أفضل، وقطاع تكنولوجيا المعلومات بحيث يكون الأردن مركز عمليات للمنطقة في هذا القطاع وغيره من القطاعات التجارية.
أما في الطاقة فيرى زوانة ضرورة أن يتم طرح مشاريع في الطاقة المتجددة، خصوصا أنّ تكاليف الطاقة اليوم هو الأهم على مستوى الاقتصاد وعلى مستوى الأفراد ومستوى رجال الأعمال والمستثمرين، منتقدا ما قامت به الحكومة مؤخرا بوقف الاستثمار في هذا القطاع خصوصا قبل أسابيع من الانطلاق نحو لندن.
وأضاف أنّه لا بدّ من التركيز على السياحة، لافتا الى ضرورة العمل على الاستقرار التشريعي في هذا القطاع.
وأكد زوانة ضرورة التركيز على الشأن الداخلي فيما يخص هذه القطاعات، واجراء إصلاحات فيها قبل مخاطبة العالم.
وكان الملخص (المنشور التوضيحي) حول المؤتمر قد أشار إلى أنّ هناك 4 أهداف رئيسية مترابطة يستهدفها المؤتمر وهي الهدف الأول هو " اتخاذ تدابير وإصلاحات قوية وواقعية لتحفيز النمو" حيث أشارت الوثيقة إلى أنّ السير في تحقيق النمو الاقتصادي يتطلب إصلاحا اقتصاديا عميقا لتعزيز الصادرات والاستثمار الأجنبي المباشر، وتشجيع تنويع الأعمال والابتكار، وخلق فرص العمل ، وتحسين مناخ الأعمال.
ووفقا للوثيقة فإنّ الأردن بصدد سن وتنفيذ قوانين جديدة لمواجهة التحديات التي يواجهها القطاع الخاص، بالإضافة إلى ذلك، يخطط الأردن لإجراء إصلاحات لخفض تكاليف الطاقة، وتسهيل الوصول إلى العمالة ذات المهارات العالية، وزيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة.
وقام الأردن بتطوير وإطلاق مصفوفة للإصلاح والنمو لمدة 5 سنوات لإعطاء الأولوية للتدابير الشاملة للارتقاء ببداية قوية للاقتصاد وخلق فرص العمل. وسيتماشى ذلك مع تدابير صندوق النقد الدولي للحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي ، وسوف يبرهن الأردن على التزاماته وتقدمه.
واشارت الوثيقة إلى أنه من المتوقع أن يحقق مؤتمر لندن اطلاق صندوق استئماني متعدد للمانحين لتنفيذ مصفوفة الإصلاح والنمو لمدة 5 سنوات، مع إظهار الإصلاحات المنفذة ، وزيادة الفرص أمام النساء والشباب.
وفي الهدف الثاني وهو "تمويل النمو: القدرة على تحمل الديون والدعم الدولي لتحقيق ذلك" اشارت الوثيقة إلى انّ قدرة الأردن على الانتقال إلى اقتصاد تصديري أكثر إنتاجية وتنوعاً وتنافسية تعتمد بشكل اساسي على "تحرير الحيز المالي" من خلال خفض تكاليف الفائدة وتقليل التقلبات وزيادة القدرة على التنبؤ بالتمويل.
لذلك يجب أن تكون مصفوفة الإصلاح والنمو لمدة 5 سنوات مدعومة باستراتيجية قوية للتمويل وإدارة الديون لمدة 5 سنوات. وسيشمل ذلك إعادة توجيه التمويل الحالي بصورة أكثر إنتاجية، وإطلاق التمويل الجديد بشروط ميسرة من الشركاء، من أجل تثبيت تكاليف خدمة الدين في الأردن، مع طموح الحفاظ عليها بمستويات يمكن التحكم فيها.
مبادرة لندن ستركز على اطلاق استراتيجية قوية للتمويل وإدارة الديون، وربط التمويل بشروط ميسرة بالتنفيذ الملموس لخطط الإصلاح الشاملة، ووضع استراتيجيات لحشد التمويل بشروط ميسرة على نطاق واسع عن طريق المنح والضمانات والقروض.
الهدف الثالث تمثل في "البيئة الاقتصادية لتطوير وتمويل المشاريع القابلة للتمويل المصرفي" حيث تمت الاشارة الى أنّ هناك حاجة إلى استثمارات عامة وخاصة كبيرة جديدة لتعزيز النمو الاقتصادي والعمالة، وتوسيع البنية التحتية التي أرهقت في الفترة الماضية (النقل ، الطاقة ، المياه ، المدارس ، والمستشفيات) ، بسبب الزيادة الكبيرة في عدد السكان، مع توفير الدعم اللازم لتوسع القطاع الخاص، وتنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل.
وسيساعد المؤتمر على توفير خط جديد من الفرص القابلة للتمويل وذات الأولوية، كما سيتم اطلاق هيكل جديد لمشاريع ذات الاولوية القابلة للتطوير والتمويل بطريقة تعزز فرص النمو.
وفي المؤتمر سيتم الإعلان عن إنشاء مؤسسة متخصصة في تطوير المشاريع الاستراتيجية وترتيب أولوياتها وتمويلها.
وسيتم وفق الوثيقة تجميع رأس مال لتوفير عوائد مالية ودفع التنمية الاقتصادية، إضافة إلى تقديم عدد كبير من مشاريع البنية التحتية مع العديد من الفرص التمويلية PPPs
الهدف الرابع من المؤتمر هو تحقيق "النمو الذي تقوده الشركات وجذب الاستثمار في المجالات الرئيسية" حيث أشارت الوثيقة إلى أنّ المؤتمر سيجمع كبار وقادة القطاعين الخاص والعام من الأردن لتعزيز فرص الأعمال التي تخدم البلاد ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA). حيث سيتيح ذلك الللقاء مع شركات عالمية للاستفادة من الأردن لتوسيع أعمالها في المنطقة سوف يتم تسليط الضوء على المزايا التنافسية الفريدة التي يقدمها الأردن للأعمال، معززة بالإصلاحات والتطورات المستهدفة التي قام بها الأردن.
وخلال المؤتمر سيتم فتح حوار بين الشركات والمستثمرين والحكومة حول فرص الاستثمار الجديدة، مع الاستفادة من خبرات القطاع الخاص لتحقيق إمكانات في القطاعات التنافسية، وعرض فرص استثمارية (مشاريع) جاهزة للاستثمار فيها.