خبراء: هيكلة المؤسسات المائية الرسمية ومنحها الاستقلالية طريق الإصلاح "المائي"

إيمان الفارس

عمان– لخّص خبراء في قطاع المياه خطوطا عريضة؛ تتضمن خطة محورية مقترحة تهدف لإصلاح القطاع المائي، وسط ما يعانيه من تحديات متعاظمة تزايدت بالسنوات الماضية، ومخاوف متوقعة الفترة المقبلة، تحتاج لخريطة طريق للإصلاح.اضافة اعلان
وأكدوا، في أحاديث لـ"الغد"، أن أهم محاور هذه الخطة، تكمن في إعادة النظر في هيكلية قطاع المياه، لمواكبة التحديات المستقبلية من جهة، والإصلاح الإداري من جهة أخرى، معتبرين أن الهيكلية لا تتسق بصيغتها التقليدية الحالية وتحديات العصر الراهن.
فهموم الأردن المتوازية مائيا وماليا، تتزايد تصاعديا عاما بعد عام، وسط مداهمة تحديات وانعكاسات شح المصادر المائية، وارتفاع أسعار الطاقة والكهرباء على قطاع المياه، الذي يعاني عجزا في المديونية؛ يتجاوز ملياري دينار، مماثلة لنحو 7.2% من حجم مديونية خزينة الحكومة.   
إلى ذلك؛ شدد وزير المياه والري الأسبق موسى الجمعاني، على أنه آن الأوان لتشكيل هيكلة جديدة لقطاع المياه، تواكب التحديات المستقبلية وتعظم الاستفادة من كل متر مكعب من المياه، موصيا بـ"إعادة النظر في هيكلية وزارة المياه والري".
وأشار الجمعاني إلى إمكانية ذلك، عبر إعادة النظر في مهام سلطتي وادي الأردن والمياه، لتحل محلهما هيئة تشرف على شركات المياه، وتدعم جمعيات مستخدمي المياه في الأغوار، لتقوم بمهامها في إدارة وتوزيع مياه الري، بتشكيل هيئة قانونية يعمل المزارعون في الأغوار تحت مظلتها.
واقترح الجمعاني نقل المهام المتعلقة بأراضي وادي الأردن الى دائرة الأراضي والمساحة، بخاصة بعدما إنجاز اكثر من 95% من مهامها، حيال الوحدات الزراعية ومعظم الوحدات السكنية.
وأضاف أن ما تبقى بخصوص الأراضي، يمكن أن يدار عبر مديرية تتبع لدائرة الأراضي، وتعمل بموجب قانون وادي الأردن والمطبق منذ عقود، فيما يجري العمل على ربط ما يتعلق بمهام السدود بوزارة المياه.
ويؤكد الجمعاني اهمية ابقاء إدارة السدود المسؤولة عن المخزون المائي بيد الوزارة، وبالتعاون مع هيئة تنظيم قطاع المياه، المكون من شركات المياه كافة (مياهنا، العقبة، اليرموك)، بحيث تتعاون مع الوزارة لتوزيع مصادر المياه أو المخزون المائي في السدود.
وزير المياه الاسبق المهندس محمد النجار يرى من جهته أن إصلاح القطاع المائي يبدأ بتطوير الإدارة، بخاصة وأنه "متشعب وليس سهلا".
وبين النجار أن الإصلاح الإداري يتمثل باختيار أو توظيف مختصين من ذوي الخبرة، أو العمل على تطوير الخبرات الموجودة، منتقدا التأخر في المضي بعمليات التدريب ورفع مستوى المعرفة في السنوات العشر الماضية، بسبب "تفريغ القطاع من الخبراء، في الوقت الذي لم يتواز فيه ذلك مع استقطاب خبرات جديدة".
وأكد النجار حاجة القطاع المائي، لخبرات إدارية وليست فنية فقط، بالاضافة للإعلامية، سيما وأن الإعلام يمثل جزءا أساسيا في كيفية صياغة القرار ضمن العملية الإدارية.
وأوصى النجار؛ برفع سوية التطوير أكان في الدوائر المالية بوزارة المياه، أو باختيار الاقتصاديين الأكفاء، أو باختيار خبراء الاقتصاد المالي، وبيان حقيقة ثمن المياه، ما يتوجب إنشاء قسم خاص بتطوير القوانين والأنظمة.
وشدد على أهمية تكاتف الدعم المالي وجهود المؤسسات والوزارات المعنية، كوزارتي الداخلية والطاقة، مركزا على أهمية ربط عنصر الطاقة مع كيفية إدارة قطاع المياه، وتقليل استخدام الطاقة الكهربائية، في وقت يعتمد فيه ذلك، على تنمية العنصر البشري أساسا.
وشدد على ان الوصول لإصلاح القطاع المائي يتطلب تطويرا في الإدارة، وتأمين الكفاءات البشرية، وتنوع الخبرات المختلفة، أكانت المتعلقة بالطاقة أو بالإدارة أو بالإحصاء أو بالقانون أو بالاقتصاد.
المستشار في شؤون المياه كمال الزعبي؛ أكد إمكانية  تطوير وتحسين الأداء في القطاع المائي، سيما وأنه يزخر بكفاءات إدارية وفنية، فيما يبقى التحدي المالي حاجزا كبيرا لتعظيم الإنجاز.
ودعا الزعبي الحكومة الى التوقف مليا عند آثار رفع أسعار الكهرباء على القطاع المائي، مؤكدا ضرورة النظر في انعكاساته مثل هذا الرفع وبكيفية تفادي العواقب السلبية على انتاج وتوزيع المياه.
أما بالنسبة لرفع كفاءة العمليات في القطاع، فبين الزعبي أن الحكومة في الثمانينيات كانت أكثر وعيا عندما قررت ابتعاد إدارة القطاع عن نموذج الادارة العامة، فأنشأت سلطة المياه ومنحتها كثيرا من الاستقلالية، ليخلص الى انه  "وللأسف، استلبت الحكومات المتعاقبة هذه الاستقلالية، وأعادت السلطة الى حضن الأنظمة الحكومية".