خبراء يثنون ومواطنون مستاؤون من قرار إعفاء عاملات المنازل من الغرامات

رانيا الصرايرة

عمان - أثنى خبراء في مجال حقوق العمال المهاجرين على قرار رئاسة الوزراء، بإعفاء عاملات منازل من سائر الغرامات الناتجة عن عدم تجديد تصريح العمل والإقامة عن جميع السنوات الماضية.اضافة اعلان
وفي المقابل حذر الخبراء من وجود عوائق تحول دون استفادة العاملات من هذا القرار، مثل تأمين تذاكر السفر، وتعميم الهروب الذي يؤكدون أنه "غير قانوني".
بدورهم، يشعر بعض المواطنين بالاستياء من هذا القرار، كونه يسهل تسفير عاملات هربن من بيوت مخدوميهن إلى السفارة، التي تملك صلاحية عدم إعادة العاملة إلى منزل مخدومها، وبذلك يخسر المواطن ما دفعه من مال لاستقدام العاملة التي بات بوسعها الهرب لأسباب لا علاقة لها بتعرضها لانتهاكات.
وبلغ عدد العاملين في المنازل الحاصلين على تصاريح عمل في العام 2011 نحو 43593 عاملا وعاملة، منهم 43258 نساء، بخلاف غير المسجلين.
وتروي أربع سيدات التقتهن "الغد" تجاربهن مع عاملات المنازل، حيث أشرن جميعهن إلى تعرضهن لـ"الظلم" نتيجة هروب عاملاتهن لأسباب خاصة بهن، بدون أن يتعرضن للضرب أو أي انتهاكات.
وقالت إحداهن إن عاملتها هربت بعد أربعة أشهر، ليتبين أنها لجأت إلى السفارة، لأنها لم تستطع تحمل ضغط العمل لصغر سنها، مؤكدة أنها لم تكن تعلم أنه من شروط استقدام العمالة المنزلية أن لا يقل عمر العاملة عن 21 عاما، في حين كان عمر عاملتها 17 عاما.
وتوجه السيدة انتقادها لمكاتب الاستقدام التي لا تحيط أصحاب المنازل بجميع التفاصيل المتعلقة باستقدام العاملة، فضلا عن قبولهم باستقدام صغيرات السن.
وتروي سيدة أخرى تجربة تشير إلى هروب العاملة بعد سبعة أشهر من قدومها، وبعد شهرين اتصل بها أحد موظفي السفارة الذي أخبرها أن العاملة موجودة في السفارة، وهربت لأنها لا تريد الاعتناء بمسن عاجز.
ووصل عدد العاملات الهاربات إلى حوالي 3402 خلال الأعوام الخمسة الماضية، وحتى منتصف العام الماضي، بحسب أرقام وزارة الداخلية، التي استندت إلى أعداد التبليغات الأمنية التي تقدم بها أصحاب المنازل، ونتج عنها إصدار المراكز الأمنية تعاميم الهروب.
لكن مطلعين على ملف الهاربات سواء من الجهات الرسمية أو منظمات المجتمع المدني، يؤكدون أن الرقم يفوق ذلك "بكثير"، مبينين أن رقم "الداخلية" يحصر فقط أرقام اللواتي صدر بحقهن تعميم أمني، لكنه لا يتضمن كثيرات لم يتقدم كفلاؤهن ببلاغ، ولا يشمل اللواتي سلمن أنفسهن لسفارات بلدانهن أو ممن تمت تسوية أمورهن.
وتوقع مدير وحدة شكاوى عاملات المنازل في مركز عدالة للمساعدة القانونية المحامي حسين العمري، أن يفوق عدد الهاربات 15 ألفا، مبينا أن هناك عائلات لا تبلغ عن هروب العاملات.
وبالنسبة لوزارة العمل، فلم يصدر عنها أي رقم حتى الآن يشير الى أعداد الهاربات، نظرا لعدم تفعيل نص المادة 6/هـ من تعليمات شروط وإجراءات ترخيص المكاتب الخاصة العاملة في استقدام واستخدام غير الأردنيين العاملين في المنازل لسنة 2010، والصادرة بموجب المادة 9 من نظام تنظيم المكاتب الخاصة، التي تنص "على صاحب المنزل تبليغ الوزارة والمركز الأمني خطيا بهروب العامل الذي يعمل لديه خلال ما لا يزيد على 48 ساعة من هروبه، وكذلك المكتب الذي استقدمه"، بحسب المفتش في الوزارة إبراهيم الساكت.
وبالنظر إلى عدد عاملات المنازل الموجودات حاليا في الأردن، والبالغ حوالي 70 ألفا، وبعد طرح عدد الحاصلات على تصاريح العام 2011، ويبلغ نحو 43593 منه، بحسب أرقام الوزارة، يتبين أن حوالي 26 ألف عاملة غير مصوبات لوضعهن القانوني. ومع الأخذ بعين الاعتبار عدد العائلات ومكاتب الاستقدام التي لم تجدد تصاريح العمل للعاملات، يؤكد مطلعون أن عدد الهاربات يفوق 15 ألفا.
وبالنسبة للهاربات إلى السفارات، أكد تقرير أعده مركز تمكين للمساعدة القانونية، أن عدد اللاجئات لسفارة سريلانكا في العام 2011 بلغ نحو 1870، كما لجأ إلى السفارة الإندونيسية نحو 974، إضافة إلى عدد قريب من تلك الأرقام للسفارة الفلبينية.
ويثور سؤال آخر حول استفادة الموجودات في بيوت مخدوميهن منذ سنوات طويلة، مع رفض أصحاب المنزل تجديد تصريح العمل والإقامة لهن، لإجبارهن على العمل لديهم، حيث يؤكد مطلعون أن عددا كبيرا من العائلات تفعل ذلك وسط عدم تفعيل التفتيش على المنازل من قبل الوزارة، لاعتبارات اجتماعية تحول دون استقبال المفتشين في البيوت.
في الاتجاه الآخر، تؤكد مديرة مركز تمكين لندا كلش، التي أثنت على قرار إعفاء العاملات من الغرامات، أن من أهم معوقات عودة عاملات المنازل إلى ديارهن، هو عدم توفر بطاقات السفر، وتراكم الغرامات، والتعميم الأمني من قبل أصحاب العمل.
 وينص نظام العاملين في المنازل "على صاحب العمل توفير بطاقة عودة للعاملة بعد انتهاء سنتين من العمل لديه"، ولكن هذا النظام لم يعالج بعض الحالات التي تعمل فيها العاملة لدى أكثر من صاحب عمل خلال سنتين.
وبالنسبة للتعميم الأمني، تبين كلش أن أصحاب العمل اعتادوا إبلاغ المراكز الأمنية في حال ترك عاملة المنزل العمل، وهو إبلاغ عن تغيب، ولكن عندما يتم توقيف المتغيبة أو ذهابها بنفسها إلى المركز الأمني، تبقي المراكز على هذا التعميم، ولا تقوم بإلغائه إلا بوجود صاحب العمل، وفي حالة عدم حضوره، تظل العاملة رهن الاحتجاز.
وتؤكد كلش، أن المركز لاحظ اتساع ظاهرة احتجاز العمال المهاجرين، بمن فيهم عاملات المنازل، وحرمانهم من حرياتهم "دون أي مسوغ قانوني أو شرعي"، لافتة إلى قيام المراكز الأمنية باحتجاز أي مهاجر يقوم صاحب العمل الذي كان يعمل لديه بإخطارها بتركه العمل وانقطاعه عن التردد على مكان العمل.
وتقول كلش: "هذه ممارسة تنطوي على حرمان تعسفي وغير قانوني من الحرية، فضلا على أنها تشكل تمييزا عنصريا لأنها تقتصر على حالة ترك المهاجرين لعملهم دون الأردنيين"، موضحة أن ترك العمل من قبل العامل قبل انقضاء المدة المتفق عليها، "لا يشكل جرما ولا يستوجب احتجاز فاعله بأي حال"، لأنه مجرد نزاع عمالي بين المهاجر وصاحب العمل، أسوة بترك العامل الأردني للعمل.